هونغ كونغ: لات الجماعية للنواب المؤيدين للديموقراطية في هونغ كونغ تعد "تحديا صارخا" لسلطتها في المستعمرة البريطانية السابقة.

وقرر 15 نائبا من المؤيدين للديموقراطية الأربعاء الاستقالة احتجاجا على قرار لجنة تشريعية رئيسية في الصين عزل أربعة من زملائهم، ما جعل من تبقى في المجلس مؤيدين لبكين.

وتأتي هذه الاستقالات فيما تشتد الضغوط على الحركة المؤيدة للديموقراطية التي تتعرض لهجمات مستمرّة من جانب الصين بعد فرضها في أواخر يونيو قانوناً حول الأمن القومي. ومذاك تم توقيف عدد كبير من الناشطين فيما اختار آخرون مغادرة المنطقة.

وأوفى أعضاء نصف المجموعة بتعهدهم بحلول ظهر الخميس، ما أثار رد فعل غاضب من مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو في بكين.

وقال المكتب في بيان إنّ النواب "عبروا مجددا عن عناد في مواجهة الحكومة المركزية وتحدٍ صارخٍ لسلطة الحكومة المركزية. نحن ندين ذلك بشدة".

وتابع "علينا أن نقول لهؤلاء النواب المعارضين، إذا كانوا يريدون استخدام هذا للدعوة إلى مواجهة متطرفة، والتوسل إلى القوى الأجنبية للتدخل وجرّ هونغ كونغ مجددًا إلى الفوضى فهذه حسابات خاطئة".

وداخل مقر البرلمان، ناقش النواب الموالون للحكومة مشروع قانون النقل، ولكن دون أي نقاش حقيقي وهو الأمر الذي كان يميز ديموقراطية هونغ كونغ في السنوات الأخيرة.

ودعا النائب المؤيد للديموقراطية لام تشوك تينغ، خلال حديثه للصحافيين المجتمعين بالقرب من البرلمان الخميس، سكان هونغ كونغ إلى "الاستعداد لفترة طويلة جدا لن يسمع فيها سوى صوت واحد في المجتمع".

وأضاف "إذا كنت معارضا فعليك الاستعداد لمزيد من الضغوط".

والاربعاء، مُنحت الرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ كاري لام المعينة من قبل بكين سلطة استبعاد أي نائب تعتبره غير وطني بما فيه الكفاية، دون اللجوء إلى محاكم المدينة.

وعلى الفور استغلت لام تلك السلطات، وطردت أربعة نواب قالت إنهم يشكّلون تهديدًا للأمن القومي ما أثار انتقادات في الداخل والخارج، مع تهديد الولايات المتحدة بفرض مزيد من العقوبات على قادة النظام.

وقال أخر حاكم استعماري للمدينة كريس باتن إن هذه الخطوة تظهر "عداء بكين التام للمساءلة الديموقراطية وأولئك الذين يرغبون في الدفاع عنها".

بدوره، حضّ الاتحاد الأوروبي بكين على "أن تلغي على الفور" قرارها بطرد النواب الأربعة.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنّ "هذا القرار التعسفي الأخير من بكين يقوّض بشكل كبير الحكم الذاتي لهونغ كونغ".

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين هذه الانتقادات الدولية.

وأفاد "نحضّ الأشخاص المعنيين على الالتزام الصارم بالمعايير الأساسية للقانون الدولي والعلاقات الدولية ووقف أي شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للصين التي تعد شؤون هونغ كونغ جزءًا منها".

وجاء قانون الأمن القومي ليضع حداً لتظاهرات حاشدة وغالباً عنيفة استمرت أشهراً وهزّت المدينة العام الماضي وقد ساهم في تعزيز قبضة النظام المركزي الصيني على هونغ كونغ في شكل كبير.

ويندد عدد من الناشطين المؤيدين للديموقراطية بالقانون معتبرين أنه يقمع الحريات.

وأدت القيود المفروضة على التجمعات، جزئيًا بسبب فيروس كورونا، إلى وضع حد للمسيرات الضخمة التي هزت المدينة العام الماضي عندما نزل الملايين إلى الشوارع في احتجاجات سلمية إلى حد كبير بسبب افتقار المدينة إلى المساءلة السياسية وما اعتبره المتظاهرون عجرفة الشرطة.

ومنذ بدء التظاهرات، أُوقف أكثر من عشرة آلاف شخص بينما تغرق المحاكم بعدد القضايا الهائل التي يجب البتّ بها، ومعظمها يتعلق بنواب معارضين وكذلك شخصيات من الحركة المؤيدة للديموقراطية.

يتم اختيار حاكم هونغ كونغ من قبل اللجان الموالية لبكين، ولكن يتم انتخاب نصف مقاعد الهيئة التشريعية السبعين بشكل مباشر، ما يوفر لسكان المدينة البالغ عددهم 7,5 مليون نسمة فرصة نادرة لإسماع أصواتهم عبر صناديق الاقتراع.

كانت المشاجرات والاحتجاجات تندلع بشكل روتيني في قاعة البرلمان، حيث تلجأ الأقلية المؤيدة للديموقراطية في كثير من الأحيان إلى المماطلة وتكتيكات أخرى لمحاولة وقف مشاريع القوانين التي تعارضها.

ستؤدي عمليات الطرد والاستقالات إلى ترك اثنين فقط من المشرعين خارج المعسكر المؤيد لبكين، وكلاهما غير متحالف مع أي من الكتلتين.

وقال المحلل السياسي ويلي لام "يبدو أن الحزب الشيوعي الصيني في بكين يمارس الآن السيطرة على هونغ كونغ"، مضيفًا أن الحقوق الأساسية المنصوص عليها عندما أعادت بريطانيا المدينة إلى الصين في العام 1997 "تعرضت لخطر شديد".

وقالت كلوديا مو احدى النواب المستقيلات لوكالة فرانس برس ان الخطوة التي اتخذتها بكين "وضعت المسمار الاخير في النعش"، وتابعت "إنه حكم بمراسيم".

وتساءلت "ما الهدف من الذهاب إلى العمل كل صباح وأنت تفكر: هل سيتم طردي؟".