دبي: تثير تقارير أفادت بأنّ الولايات المتحدة تدرس تصنيف الحوثيين في اليمن "منظمة إرهابية"، قلق المنظمات الإنسانية التي تحذّر من أن الخطوة ستعيق إيصال المساعدات وتدفع البلاد الغارقة في الحرب إلى المجاعة.

ويبدو مسار تصنيف الحوثيين المدعومين من إيران بندا رئيسيا على جدول أعمال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي جعلت من عزل طهران محور سياستها الإقليمية، قبل أسابيع قليلة من خروجها من البيت الأبيض.

وأكد مسؤولون لوكالة فرانس برس تقارير تفيد بأن إدارة ترامب تضع الأسس تمهيدا لإعلان خطوتها ضد الجماعة المتمردة التي تسيطر على العاصمة صنعاء وجزء كبير من الشمال في ظل حرب طاحنة مستمرة منذ أكثر خمس سنوات تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وقال دبلوماسي غربي في الخليج مطّلع على ملف اليمن "إذا تم تصنيفهم منظمة إرهابية، فستكون لذلك عواقب كثيرة".

وأوضح "ستواجه دول عديدة مشاكل في التعامل معهم (الحوثيون)، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تعقيد عملية (السلام) برمتها وعمل الأمم المتحدة كذلك".

وقد يكون تأثير التصنيف على الحوثيين الذين يخضعون أصلا لعقوبات الأميركية، محدودا، لكن اليمنيين العاديين سيدفعون بالتأكيد الثمن الأكبر خصوصا في ظل التراجع الكبير في المساعدات هذا العام بسبب فيروس كورونا المستجد.

وستؤثر تبعات القرار بشكل مباشر على مسار التواصل مع الحوثيين، وإدارة الضرائب، واستخدام النظام المصرفي، ودفع أجور العاملين الصحيين، وشراء الطعام والوقود، وخدمات الإنترنت وغيرها.

وقال رئيس "المجلس النروجي للاجئين" يان ايغلاند إن منظمته انضمّت إلى مجموعات إنسانية أخرى "في الإعراب عن القلق العميق إزاء احتمال خلق عقبات إضافية لا يمكن تجاوزها أمام تقديم المساعدات الحيوية في اليمن".

وأضاف في بيان الخميس أنّه إذا مضت الولايات المتحدة قدما في هذه الخطوة فعليها إصدار "إعفاءات واضحة لا لبس فيها" من شأنها أن تسمح لعمّال الإغاثة بالعمل دون خشية التداعيات القانونية.

ورد الحوثيون بغضب على احتمال إدراج الولايات المتحدة حركتهم في قائمة "المنظمات الإرهابية"، معتبرين أنّ ترامب لا يملك الحق في ذلك بعد فشله في الفوز بولاية ثانية.

وقال نائب رئيس المجلس السياسي في جماعة "أنصار الله" سلطان السامعي "انتهت الانتخابات الأميركية وفاز غيره وهو مصر على أنه الفائز. لم يعد لتصريحات هذا الرجل أي معنى".

وتابع "إذا صنّف حركة أنصار الله على أنّها إرهابية فسيكون قرار صادر عن شخص غير مؤهل ومجنون بكل ما للكلمة من معنى".

في المقابل، من المتوقع أن تلقى الخطوة ترحيبا من السعودية، حليفة ترامب والتي تعتبر الحوثيين جماعة إرهابية منذ 2014 حتى قبل تدخلها في الحرب اليمنية على رأس تحالف عسكري لدعم الحكومة المعترف بها دوليا في آذار/مارس 2015.

واعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني في تغريدة الأربعاء أنّ تصنيف الجماعة على أنها منظمة إرهابية "جزء من احترام المجتمع الدولي لمبادئ حقوق الانسان والالتزام بصيانة الأمن والسلم الدوليين" ورد على "ممارساتها" بحق المدنيين في مناطق سيطرتها.

وقبل اندلاع الحرب في منتصف 2014، كان اليمن بالفعل أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، لكن اقتصاده أصبح الآن في حالة انهيار بينما يعتمد حوالى 80 بالمئة من سكانه على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

وتحذّر منظمات إنسانية منذ سنوات من أن البلاد على حافة المجاعة.

وتؤكد مصادر في الكونغرس الأميركي أن القضية قيد النقاش، ولكنها لا تزال محل نزاع سياسي، ومن غير الواضح ما إذا كان يمكن بلوغ مرحلة التصنيف بالفعل قبل أن يؤدي الرئيس المنتخب جو بايدن اليمين الدستورية في 20 كانون الثاني/يناير.

وقال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية ناثان ميلز "نحن لا نفصح عن أية عملية تصنيف" قيد البحث.

وحذّر أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس وزير الخارجية مايك بومبيو في رسالة من أن التصنيف قد "يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتشكيل عقبة خطيرة أمام كل من عمليات الاستجابة الإنسانية والعملية السياسية".

في صنعاء، يشعر عمّال الإغاثة أنّ المسألة على وشك التحقق.

وتحدّثت عاملة إغاثة عن تحذيرات لموظفين أميركيين والطلب منهم الانتقال إلى جنوب اليمن أو مغادرة البلاد.

وقالت لفرانس برس "لقد علمنا بهذا الأمر منذ شهرين (...) لكنّنا فهمنا في الأسابيع القليلة الماضية عبر مصادر دبلوماسية والأمم المتحدة أن الأمر (...) قد يحدث في أي يوم الآن".

غير أنّ مسؤولا رفيع المستوى في فريق الأمم المتحدة في اليمن أكّد أنّه لم يطرأ أي تغيير على "الوضع الأمني" لموظفي المنظمة الأممية بعد.

وأوضح المسؤول طالبا عدم الكشف عن هويته "حتى الآن، وعلى الرغم من التقارير، ليس هناك أي سحب للموظفين (...). إذا حدث التصنيف، فسيكون على جهاز الأمن في الأمم المتحدة أن ينظر إلى ذلك على أنه مصدر خطر".