رفض زعيم إقليم تيغراي الإثيوبي المهلة التي أعطاها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لقادة الإقليم بالاستسلام بحلول الأربعاء.

وتعهد دبرصيون جبرميكائيل، زعيم تيغراي، بمواصلة القتال في إطار الصراع الذي يجتاح شمالي البلاد في الفترة الأخيرة.

كما نفى جبرميكائيل مزاعم الحكومة المركزية في أديس أبابا التي أشارت إلى أن الجيش الإثيوبي يطوق مدينة ميكيلي عاصمة الإقليم.

وأسفر القتال الدائر في البلاد عن مقتل المئات وتشريد الآلاف منذ اندلاعه قبل ثلاثة أسابيع.

وحذرت الأمم المتحدة من أن استمرار الصراع الحالي في إثيوبيا قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.

وأمهل آبي أحمد الأحد الماضي المقاتلين في تيغراي 72 ساعة للاستسلام، كما حذر الجيش سكان الإقليم البالغ عددهم 500 ألف نسمة من أن الجنود سوف "يطوقون" المدينة ويهاجمونها.

وقال جبرميكائيل، قائد جبهة تحرير شعب تيغراي، إن رئيس الوزراء: "لا يفهم من نكون. نحن أنصار مبادئ ومستعدون للموت دفاعا عن حقنا في حكم الإقليم"، وذلك طبقا لما نقلته عنه وكالة أنباء فرانس برس.

وجبهة التحرير الشعبية في تيغراي هي حزب سياسي يتمتع بشعبية كبيرة في المنطقة وكان في وقت مضى حركة مسلحة قادت القتال الذي أدى في نهايته إلى إسقاط الحكومة الإثيوبية عام 1991.

وأضاف زعيم تيغراي أيضا، وفق وكالة أنباء رويترز، أن مزاعم الحكومة حول ميكيلي ما هي إلا غطاء تحتاجه القوات الحكومية حتى تتمكن من إعادة تنظيم صفوفها بعد هزيمة الجيش على ثلاث جبهات.

ويصعب في الوقت الحالي التحقق مما يحدث في هذه المنطقة، إذ قُطعت خدمة الإنترنت عن الإقليم.

ماذا يحدث أيضا؟

اتهمت الحكومة في أديس أبابا قوات جبهة تحرير شعب تيغراي بأنها تدمر البنية التحتية بما في ذلك المطار في المدينة السياحية القديمة أكسوم، وفقا لموقع فانا الإلكتروني الموالي للدولة.

ونشر الموقع صورا لمهبط طائرات تعرض لبعض الأضرار، متهما الجبهة بأنها تدمر الاقتصاد.

ولم تعلق الجبهة على تلك الاتهامات، لكن زعيم الإقليم قال لوكالة أنباء رويترز الأحد الماضي إن قواته تمكنت من وقف تقدم القوات الفيدرالية.

وأضاف: "يرسلون الموجة تلو الأخرى، لكن بلا فائدة".

هل هناك محاولات للتوصل إلى حل دبلوماسي؟

أعربت الإمارات، التي تُعد من أهم حلفاء الحكومة الإثيوبية، عن قلقها إزاء الوضع على صعيد الصراع في إقليم تيغراي، مؤكدة أنها تجري اتصالات مع عدد من الدول الأفريقية ودول أخرى حول العالم لإنهاء الصراع.

وأعلن سيريل رامابوسا، رئيس جنوب أفريقيا بصفته رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، عن اجتماع بين ثلاثة رؤساء سابقين للوساطة من أجل إنهاء الصراع.

لكن إثيوبيا رفضت عرض رئيس الاتحاد الأفريقي لأنها تعتبر العمليات العسكرية التي تقوم بها في تيغراي "مهمة إنفاذ قانون داخلية".

وقال مامو ميهريتو، أحد كبار معاوني آبي: "نحن لا نتفاوض مع مجرمين، لكن نقدمهم إلى العدالة لا إلى طاولة المفاوضات".

وأضاف: "سوف يكون من الأفضل للإخوة والأخوات في أفريقيا أن يلعبوا دورا هاما هو الضغط على جبهة تحرير شعب تيغراي في اتجاه الاستسلام. وتعلمون جيدا أنه لا أحد يريد الذهاب إلى تيغراي أو ميكيلي لتوضيح ذلك لهم".

وأشار ميهريتو إلى أن الحكومة تبذل "قصارى جهدها" من أجل السماح لمنظمات الأمم المتحدة بتقديم المساعدات للناس في الإقليم.

لماذا يدور القتال في إثيوبيا؟

تمتد جذور الصراع في إثيوبيا إلى التوترات التي تستمر منذ أمد بعيد بين جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب السياسي الإقليمي القوي، والحكومة المركزية للبلاد.

وعندما أعلن رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد تأجيل الانتخابات الوطنية بسبب انتشار فيروس كورونا في يونيو/ حزيران الماضي، بدأ تصاعد الأحداث لتعلن الجبهة أن الحكومة المركزية باتت غير شرعية وأن آبي أحمد لم يعد لديه سلطة نظرا لانتهاء فترة ولايته. كما أجرى الإقليم انتخابات خاصة به، والتي وصفتها الحكومة في أديس أبابا بأنها "غير شرعية".

وفي الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، أعلن رئيس الوزراء إطلاق عملية عسكرية ضد الجبهة، متهما مقاتليها بمهاجمة مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإثيوبي في مدينة ميكيلي عاصمة الإقليم.

وأنكرت الجبهة، وهي الحزب السياسي القوي في هذا الإقليم، الاتهامات التي أطلقتها الحكومة الفيدرالية.

ويعتقد أن عدد مقاتلي الجبهة، الذين ينتمون بالأساس إلى وحدة شبه عسكرية وميليشيات محلية مدربة جيدا، يبلغ حوالي 250 ألف مقاتل.

إلى أي مدى بلغ تدهور الموقف في تيغراي؟

لا تستطيع وكالات الإغاثة الوصول إلى منطقة الصراع في إثيوبيا وسط مخاوف حيال إمكانية أن يكون آلاف المدنيين قتلوا في المنطقة منذ اندلاع الصراع أوائل الشهر الجاري.

واجتاز حوالي 33 ألف لاجئ الحدود مع السودان فارين من الصراع، بينما قالت الأمم المتحدة إنها تستعد لاستقبال حوالي 200 ألف لاجئ يصلون إلى الأراضي السودانية خلال الأشهر الستة المقبلة حال استمرار القتال.

وواجهت جبهة تحرير شعب تيغراي اتهامات بإطلاق صواريخ على مدينة بحر دار في إقليم أمهرة المجاور لإقليم تيغراي، إلا أن حكومة أمهرة أكدت عدم وقوع إصابات أو أضرار.

لكن التقارير عن هذا القصف الصاروخي المزعوم على أمهرة، التي تتنازع على الحدود منذ وقت طويل مع تيغراي، أثارت المخاوف من اتساع دائرة صراع ليتحول إلى حرب أوسع نطاقا عقب إرسال قوات إقليمية لمساعدة القوات الفيدرالية في قتالها ضد الجبهة في تيغراي.

في غضون ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء تدفق اللاجئين إلى السودان الذي تصفه بأنه يهدد استقرار دولة تدعم حوالي مليون من المشردين من دول افريقية أخرى.

وتشير تقارير إلى أن هناك الكثير من الأطفال بين اللاجئين الذين يصلون إلى السودان. وتقول وكالات الإغاثة إن وقف إطلاق النار قد يمكنها من مساعدة الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل إثيوبيا.

وتسعى منظمات إنسانية إلى جمع حوالي 50 مليون دولار لتوفير الطعام والمأوى للوافدين الجديد من اللاجئين الإثيوبيين.