ايلاف من لندن: حذرت منظمة حقوقية دولية الاربعاء من خطر تعرض الاف النازحين العراقيين الذين تجري عمليات اغلاق مخيماتهم الى الفقر والتشرد والاصابة بفيروس كورونا ودعت السلطات الى تزويد العائلات التي تضررت منازلها بالمال لاستئجار عقار اوإعادة بناء منازلها وان أن تكفل للعائلات الضعيفة دفع ثمن الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الأساسية دون مقابل.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير اليوم تابعته "ايلاف" إن العمليات الجارية لإغلاق مخيمات النازحين في العراق دون إعطاء مهل كافية، يؤدي ببعض سكان هذه المخيّمات إلى التشرد والفقر.
ودعت السلطات الى منح حرية التنقل لسكان المخيمات التي قالت انها كانت أحيانا بمثابة سجون في الهواء الطلق.. موضحة ان اتخاذ الحكومة مجددا لإجراءات من أجل تسهيل توثيق العائلات، هو خطوة إيجابية لكن ينبغي ألا تُجبِر السلطات سكان المخيمات على الخروج دون أن تكفل أوّلا سبل بديلة للحصول على المأوى والغذاء والماء والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية في بيئة تتسم بالأمن والسلامة.

دعوة لعدم اجبار النازحين على مغادرة مخيماتهم
وقالت بلقيس والي باحثة أولى في شؤون الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش ان "إعادة إدماج العائلات التي قضت سنوات في المخيمات في المجتمع العراقي لتتمكن من بدء حياة طبيعية هي خطوة إيجابية، لكن النهج الحالي المتمثل في إجبار الأشخاص على الخروج من المخيمات التي وفرت لهم الطعام والمأوى والأمن لسنوات بمهلة أقل من 24 ساعة غالبا، سيزيد من ضعفهم".
ونوهت المنظمة الى انه في تشرين الأول اكتوبر 2020، شكّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لجنة مكلفة بإغلاق نحو 17 مخيما تأوي 60,337 شخصا، نزحوا بسبب القتال بين داعش والقوات العراقية بين عامي 2014 و2017. واشارت الى انه منذ منتصف تشرين الأول أغلقت السلطات 11 مخيما، وحوّلت مخيّمين آخرين إلى مخيّمات غير رسمية ما أدى إلى إخراج 27,191 من سكانها على الأقل، معظمهم نساء وأطفال، بحسب عمال الإغاثة والان هناك فقط خمسة مخيمات لا تزال مفتوحة بينما تجري المزيد من عمليات إغلاق المخيمات.

وقالت اللجنة إنها تهدف إلى إغلاق جميع المخيمات في المناطق الخاضعة لسيطرة بغداد بحلول كانون الأول ديسمبر الحالي وتلك الموجودة في إقليم كردستان العراق بحلول 2021.

ترحيل دون مهلة
واشارت هيومن رايتس ووتش الى انها وثقت كيف أن السلطات العراقية اتخذت قرارات بشأن المكان الذي يمكن أن تعيش فيها تلك العائلات دون التشاور معها كما ينبغي، وقررت إما ترك العائلات في المنطقة التي فروا منها أو نقلها إلى مخيم آخر أو إجبارها على العودة إلى المناطق التي توجد فيها منازلها.

واضافت ان حملة الحكومة الأخيرة لإغلاق جميع المخيمات المتبقية كانت من السرعة بحيث أجبرت الأشخاص على المغادرة دون مهلة كافية لكي يعرف هؤلاء ما إذا كان ذلك آمنا لهم، أو كيف سيحصلون على سكن.

تدقيق امني
وأجرت قوات الأمن في حمام العليل "تدقيقا أمنيا" لسكان المخيم قبل اخراجهم منه وساعدت في إطار هذه العملية في تسهيل حصول العائلات التي ليس لديها وثائق ثبوتية على وثائق مدنية.

وذكرت المنظمة انه بعد الانتهاء من عمليات التدقيق وإصدار الوثائق، أمهلت قوات الأمن سكان المخيم ما بين يوم واحد وسبعة أيام فقط لاختيار ما إذا كانوا سيعودون إلى ديارهم أو سيستقرون في مكان آخر في البلاد، ولم يُمنح معظمهم إلا 24 ساعة كما لم تُتح لأي منهم وسيلة نقل حكومية مجانية إذا لم يكونوا عائدين إلى ديارهم، ولا أي دعم مالي، رغم أن الحكومة وعدت بمنح جميع العائدين حزمة تعويضات بقيمة 1,500 دولار أمريكي لكنه من غير الواضح إن كانت العائلات التي لا تعود إلى ديارها وتستقر في مكان آخر ستتلقى هذه المساعدة المالية.

مخاوف
وقالت جميع العائلات التي قابلتها المنظمة إنها لن تعود إلى ديارها بسبب مخاوف على سلامتها الشخصية لكن البعض تمكن من الانتقال إلى مكان آخرولو أنهم واجهوا مصاعب لتسديد ايجار مساكنهم الجديدة.
وقال عمال الإغاثة الذين تابعوا مغادرة المخيمات في الفترة من آب أغسطس إلى تشرين الأول اكتوبر إن 50% من النازحين تدنى حصولهم على الغذاء بعد المغادرة، و60% بتدني حصولهم على الماء فيما قال 25% إنهم لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الصحية.

ونوهت هيومن رايتس ووتش الى ان هذه الأرقام مثيرة للقلق خاصة مع انخفاض درجات الحرارة وتفشي فيروس كورونا في العرا فيما قال عمال الإغاثة أيضا إن بعض العائلات تعاني منذ عودتها من "المضايقة اليومية" والابتزاز على يد المجتمعات المحلية.

السلطات ملزمة بتوفير بيئة امنة للنازحين
ودعت المنظمة السلطات العراقية وقبل اغلاق اي مخيم ضمان إمهال العائلات في المخيمات 30 يوما على الأقل، وإعطاؤها معلومات كافية لتحدد المكان الذي تريد الانتقال إليه، مع توفير وسيلة نقل ميسّرة إلى المكان الذي تفضله. كما ناشدتها ضمان تزويد العائلات التي تضررت منازلها بالموارد المالية لاستئجار عقار وأيضا مساعدتها في إعادة بناء منازلها وان أن تكفل للعائلات التي لا تستطيع دفع ثمن الغذاء والماء والكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى الحصول على كل هذه الخدمات دون مقابل.

وفي الختام قالت والي "بينما يبدو أن الهدف من هذه الحملة الجديدة لإغلاق المخيمات هو تعزيز الاستقرار في جميع أنحاء البلاد، إلا أن حرمان الناس من الوسيلة الوحيدة المتاحة لهم للحصول على المأوى والطعام والماء، والتسبب للآلاف في مزيد من النزوح سيكون له تأثير معاكس في الواقع".

وتشير إحصاءات إلى أن عدد النازحين الإجمالي في عموم مدن العراق قد بلغ أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون عراقي يضاف إليهم نحو مليون آخرين هاجروا إلى دول مجاورة وأوربية خلال السنوات التي أعقبت احتلال تنظيم داعش لمحافظات عراقية غربية وشمالية منتصف عام 2014 .