إيلاف من لندن: بدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخميس زيارة رسمية قصيرة الى تركيا للبحث مع القادة الاتراك، يتقدمهم الرئيس رجب طيب اردوغان، ملفات حزب العمال والمياه والتعاون التجاري وأموال بلاده المجمدة هناك والتوترات في المنطقة.

وقال المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة العراقية في بيان مقتضب تابعته "إيلاف" إن الكاظمي الذي يترأس وفدا حكوميا رفيعا "سيبحث مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والمسؤولين الأتراك تعزيز التعاون الثنائي بين العراق وتركيا، بالإضافة الى مناقشة عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك ".

من جانبه، قال السفير العراقي في انقرة حسن الجنابي إن الكاظمي سيبحث في انقرة الملفات المتعلقة بالمجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية انطلاقا من الحرص على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية، كما سيناقش مع الرئيس اردوغان التوترات في المنطقة وخاصة ما يتعلق منها بالصراع الاميركي الايراني وتأثيراته على اوضاع دولها، حيث يؤكد العراق رفضه القاطع لجعل أراضية ساحة لهذا الصراع.

الأموال المجمدة وتأشيرات الدخول
نوه السفير في تصريحات تابعتها "إيلاف" الى ان رئيس الوزراء سيناقش مع محاوريه الاتراك تسلل الارهابيين عبر الحدود والعمليات العسكرية المرتبطة بها وتنشيط وزيادة التبادل التجاري والتعاون بمجالات المياه والحدود وتصدير واستيراد النفط، فضلاً عن تفعيل اللجان المشتركة بين البلدين لاسيما المجلس الاعلى للتعاون الاستراتيجي بين العراق وتركيا برئاسة رئيسي حكومتيهما واللجنة الاقتصادية المشتركة برئاسة وزيري النفط والطاقة في البلدين.

وأشار الجنابي الى "وجود ملف قانوني شائك بعضه يتعلق بأموال عراقية مجمدة وفرص الاستثمار ومكافحة انشطة غسيل الاموال ومتطلبات التعاون والتنسيق في هذا الاطار". وبين ان "اعداداً كبيرة من أبناء الجالية العراقية موجودة في تركيا، منهم من يمتلك اقامة قانونية ومنهم من لا يمتلك، وهؤلاء بحاجة الى ايجاد إطار قانوني لمعالجة أوضاعهم، ومنها الحاجة الى فتح قنصليات عراقية في المحافظات التركية التي تقطنها اعداد كبيرة من الجالية".

واشار الى ان العراق "يأمل بعودة العمل بالاتفاقية السابقة بين البلدين بمنح التأشيرات في المطارات والمنافذ الحدودية بعد أن الغيت من قبل الجانب التركي في عام 2016، واستبدلت بالتأشيرة الإلكترونية وتحولت في 2020 الى تأشيرة لاصقة ما خلق صعوبات يواجهها السائح العراقي واضطر الجانب العراقي اثرها للتعامل بالمثل".

مشكلة حزب العمال والقصف التركي
ومن المنتظر ان تتناول مباحثات الكاظمي مع محاوريه الاتراك ايضا مشكلة وجود قواعد حزب العمال الكردي التركي الانفصالي في مناطق شمال العراق والموضوع على قائمة الارهاب الاميركية والاوروبية وعمليات القصف التركية لتلك المناطق وما تلحقه من اضرار على السكان العراقيين المدنيين.

وكان الكاظمي قد اكد في يوليو الماضي على ضرورة مواصلة الحوار الدبلوماسي مع تركيا لوقف تجاوزاتها العسكرية داخل الأراضي العراقية التي نوه الى انها "تشكل اعتداء على السيادة العراقية وتسيء للعلاقات الوثيقة بين البلدين الصديقين، فضلا عن إلحاقها الضرر بالأرواح والممتلكات".

وتواصل تركيا عمليتها العسكرية في محافظة دهوك بإقليم كردستان شمالي العراق حيث تندلع اشتباكات بين الحين والاخر بين قوات حزب العمال الكردستاني والقوات التركية هناك والتي تلجأ في كثير من الاحيان الى القصف الجوي والمدفعي لقواعد الحزب في المنطقة.

وتشدد الحكومة العراقية باستمرار على عدم السماح باستخدام اراضيها لشن اعتداءات على دول الجوار وهو امر ينص عليه دستور البلاد.

وفي ديسمبر2015 قام العراق بتقديم احتجاج رسمي لمجلس الامن الدولي ضد قيام قوات تركية بالتمركز في بلدة بعشيقة قرب مدينة الموصل بشمال البلاد منوها الى انها تشكل انتهاكا لسيادته على أراضيه من قبل تركيا.

المخاوف العراقية من السدود التركية
كما سيكون ملف المياه المشتركة على طاولة مباحثات الكاظمي مع المسؤولين الاتراك حيث شهد هذا الملف أزمات تمثلت في بناء تركيا لعدة سدود ومشاريع على منابع نهري دجلة والفرات داخل أراضيها، ما أدى إلى نقص شديد في كميات المياه الداخلة إلى العراق وانعكاس ذلك سلبا على الزراعة والري والسقي وزيادة مساحات التصحر والملوحة وانعدام الزراعة في مناطق كبيرة ما جعل القطاع الزراعي يعاني من نقص كبير في الإنتاج والاضطرار إلى استيراد أكثر احتياجات العراق الزراعية من الخارج.

ومن المتوقع ان يؤكد الكاظمي خلال مباحثاته في انقرة على ضرورة التوصل الى اتفاق منصف مع الجانب التركي يؤمن حصة مناسبة للعراق من مياه النهرين ويجنبه مواجهة مواقف مماثلة في المستقبل من خلال ترتيب التزامات تدخل ضمن المصالح المتبادلة ومبادئ حسن الجوار.

واليوم الجمعة، قالت وزارة الموارد المائية العراقية انها تستعد لعقد مباحثات مع تركيا مطلع الشهر المقبل بشأن تحديد حصة العراق من المياه.. منوهة في بيان اطلعت عليه "ايلاف" الى وجود تفاهم بين بغداد وأنقرة بشأن استمرار المباحثات لتحديد حصة ثابتة للعراق من مياه الرافدين.

التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار
على الصعيد الاقتصادي والتجاري يسعى العراق وتركيا الى رفع ميزانهما التجاري السنوي الى 20 مليار دولار حيث يرتبطان بعلاقات تجارية واسعة تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة بما جعل نقطتي العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية إلى العراق بشكل يومي وكبير.

ومن المؤمل ان تشهد مباحثات الوفد العراقي كذلك ملف القرض المقدم من الحكومة التركية إلى بغداد ضمن مؤتمر الكويت لدعم العراق عام 2018 والبالغ 5 مليارات دولار ومشروع إعادة إعمار مطار الموصل، اضافة الى توفير الطاقة الكهربائية من خلال الربط الكهربائي بين العراق وتركيا وكذلك مشروع المنفذ الحدودي الثاني بين البلدين ومشاريع البنى التحتية في ما يخص المياه وإنشاء عدد من المستشفيات في العراق التي تنفذها شركات تركية.

وكان السفير التركي في العراق فاتح يلمز قد كشف مؤخرا عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا والعراق إلى 15.8 مليار دولار في 2019 من 13 مليار دولار عام 2018، مشيرا إلى أن البلدين يهدفان إلى رفع حجمه إلى 20 مليار دولار سنويا والذي يجري معظمه من خلال معبرين حدودين يقعان في محافظة دهوك بإقليم كردستان وهما إبراهيم الخليل - فيشخابوروسرزيرة -أوزوملو.

وسبق للعراق وتركيا ان شكلا عام 2008 مجلسا للتعاون الاستراتيجي بينهما وفي عام 2009 تم توقيع 48 اتفاقية في مجالات الأمن والطاقة ومختلف الجوانب الاقتصادية، اذ يساهم العراق في مد تركيا باحتياجاتها من النفط بنحو 15% من إجمالي احتياجاتها منه.

وكان الرئيس التركي قد وجه في الرابع عشر من اكتوبر الماضي دعوة رسمية الى الكاظمي لزيارة انقرة حملها سفيره لدى بغداد فاتح يلديز، الذي اشار الى ان أردوغان يضع العراق في أولوياته ومحور اهتماماته ولديه الرغبة في تعميق العلاقات مع البلدين سياسيا وأمنيا وإقتصاديا.