واشنطن: انتقل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب إلى فلوريدا حيث سيمضي آخر عيد ميلاد كرئيس للبلاد بمزاج سيئ وبرغبة بالانتقام، بعدما تخلى عنه الكثير من الحلفاء وأنهكته نظريات المؤامرة مع خوضه مواجهة مباشرة مع الكونغرس في نهاية ولايته.

رجل الاستعراض الذي حبس أنفاس وسائل الإعلام وحزبه الجمهوري والبلاد بأسرها على مدى سنوات، سار، لإحدى آخر المرات، في حدائق البيت الأبيض، قبل ركوب مروحيته "مارين وان" والانتقال على متن الطائرة الرئاسية "إير فوس وان" إلى نادي مارالاغو خاصّته.

في حدائق هذا المقرّ الرئاسي، ألقى ترمب أحد أبرز تصريحاته أمام الصحافيين.

على مدى أربع سنوات، كان ترمب يعشق اللحظات التي توجّه خلالها على وقع صوت محركات مروحيّته، إلى الصحافة في مزيج من الارتجال والتبجح والإهانات. وكان يقدم في كثير من الأحيان معلومات حقيقية جداً بلهجة توبيخ أو سخرية. إلا أنه تجنّب الصحافيين هذا الأربعاء.

منذ هزيمته في انتخابات 3 يناير أمام الديموقراطي جو بايدن، بدأ مهمة يائسة لقلب النتيجة. واختفى عملياً عن الشاشات.

ويعود آخر لقاء له مع الصحافيين إلى 26 يناير يوم عيد الشكر. فقد أعلن حينها بمزاج سيئ جداً، أنه سيغادر البيت الأبيض في 20 يناير، حتى لو أنه لم يعترف بفوز بايدن. وقال آنذاك "بالطبع سأفعل، وتعرفون ذلك".

ومذاك، تحصن دونالد ترمب داخل البيت الأبيض ووضع حداً لعادته استدعاء المراسلين لحضور اجتماعات الحكومة أو لقاءات مع زوّار. وبات جدول أعماله في معظم الأحيان خالياً من أي موعد رسمي.

يركّز الملياردير الجمهوري على التواصل عبر تويتر، حيث يتحدث مباشرة إلى متابعيه البالغ عددهم 88 مليوناً، من بينهم عدد كبير من مناصريه الأوفياء.

وفي مقطع فيديو نشره على تويتر، أعلن الثلاثاء رفضه لخطة الإنعاش الاقتصادي بقيمة نحو 900 مليار دولار التي أقرّها في الليلة الماضي الكونغرس بعد أشهر من العرقلة، مطالباً برفع قيمة الشيكات المخصصة للعائلات.

ويأتي هذا التجاذب المفاجئ مع البرلمانيين ليُضاف إلى تجاذب آخر حول موازنة دفاع الولايات المتحدة التي وضع ترمب فيتو عليها قبيل انطلاقه إلى العطلة.

وعلى تويتر أيضاً يطرح ترمب نظريات ترفضها كافة الأطراف بما في ذلك المحاكم، تقول إنه كان ضحية تزوير انتخابي هائل. وكرر ذلك الثلاثاء في تغريدة مستخدماً حروفا كبيرة، فكتب: "الديموقراطيون تخلّصوا من مئات آلاف بطاقات الاقتراع في ولايات رئيسية في وقت متأخر مساءً. كانت انتخابات مزوّرة".

قانون عسكري

الحقيقة هي أن جو بايدن فاز في الانتخابات. إذ بالإضافة إلى المحاكم ومن بينها المحكمة العليا، صادقت الولايات الأميركية على النتيجة. واجتمع كبار الناخبين في 14 ديسمبر لتأكيد فوز الديموقراطي.

وأكد المبشر بات روبرتسون الذي وضع نفوذ حركته المسيحية المحافظة بخدمة ترمب عام 2016، أن الرئيس الجمهوري صادق في إنكار هزيمته.

وقال الاثنين عبر شبكة البث المسيحية التابعة له، "هو كذلك حقاً" مضيفاً "الناس يقولون إنه يكذب بشأن هذا الأمر أو ذاك. لكنه لا يكذب. بالنسبة إليه، هذه هي الحقيقة".

وتابع "الرئيس يعيش دائماً في واقع بديل".

في نهاية ولايته الرئاسية، يبدو ترمب وحيداً في الجناح الغربي من البيت الأبيض.

فقد تخلى عنه زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الداعم بشدة له طوال ولايته، بعد أن أصبح أرفع زعيم جمهوري يعترف بفوز بايدن.

وتخلى عن ترمب أيضاً مستشارون له مثل حاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي الذي يقول إن بايدن "فاز بوضوح" ويلمح إلى أنه قد يفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبل عام 2024.

وكذلك تخلى عن ترمب أيضاً وزير العدل بيل بار، في ما اعتُبر بمثابة تحصين قوي من تحقيقات تستهدفه، وتصبح استقالته سارية الجمعة. وأقرّ بأنه لم يرَ أي تزوير منظّم في انتخابات 3 نوفمبر.

ولملء هذا الفراغ، دخلت مجموعة متنوعة من الشخصيات بعضها مؤيد لنظريات المؤامرة، إلى البيت الأبيض.

ومن بين هذه الشخصيات المستشار السابق للأمن القومي مايكل فلين الذي أصدر ترمب مؤخراً عفواً عنه بعد أن كان أول المقربين منه يدينهم التحقيق في التدخل الروسي في انتخابات 2016. وأثار فلين مؤخراً الارتياب عندما تحدث عن تطبيق القانون العسكري من أجل "إعادة إجراء الانتخابات".

من جهته، يعتزم ترمب إقامة تجمع انتخابي في الرابع من يناير لدعم المرشحين الجمهوريين لانتخابات فرعية لمجلس الشيوخ في ولاية جورجيا.

ويدعو مناصريه إلى المشاركة في تظاهرات في السادس من يناير في واشنطن، عندما سيجتمع الكونغرس للمرة الأخيرة لتأكيد فوز بايدن.