بفوز المرشح الديمقراطي رافاييل وارنوك بمقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية جورجيا، سيصبح أول سيناتور أسود في الولاية الجنوبية المعروفة بتاريخها الطويل في العبودية خلال الحرب الأهلية الأمريكية، كما يصبح السيناتور الأسود الحادي عشر فقط في التاريخ الأمريكي.

ولدى إعلانه الفوز أشاد وارنوك وهو قس من مدينة أتلانتا بوالدته فيرلين التي عملت مزارعة أجيرة في سنوات مراهقتها، قائلا "لأن هذه هي أمريكا، فإن السيدة البالغة من العمر 82 عاماً التي اعتادت أن تجمع القطن في حقول الآخرين بيديها، توجهت إلى صندوق الاقتراع واختارت بيديها ابنها الأصغر ليكون عضوا في مجلس الشيوخ".

الديمقراطيون في طريقهم للسيطرة على مجلس الشيوخ

ترامب وبايدن يحشدان الناخبين في ولاية جورجيا "لإنقاذ أمريكا و"رسم مسارها"

بدايته

نشأ وارنوك في مدينة سافانا بولاية جورجيا لأسرة بسيطة، إذ كان الأب واعظاً وكان ترتيب وارنوك بين إخوته الحادي عشر من بين اثني عشر طفلا. وسار وارنوك على خطى أبيه في الارتباط بالكنيسة وألقى أول عظة له وعمره 11 عاما.

وبفضل قروض قليلة الفائدة ومنح دراسية تمكن من الالتحاق بكلية مورهاوس الشهيرة والمعروفة تاريخياً بكونها جامعة للسود وكان من أبرز خريجيها زعيم الحقوق المدنية الأمريكي مارتن لوثر كينغ، ومنها حصل وارنوك على شهادة الدكتوراه، قبل أن يتم ترسيمه بالكنيسة.

عمل وارنوك راعيًا شابًا في مدينة نيويورك في التسعينيات ثم انتقل إلى مدينة بالتيمور إحدى أفقر المدن في الولايات المتحدة، وهناك عمل على تثقيف أتباعه بشأن مخاطر فيروس نقص المناعة المكتسب ( الأيدز)، الذي كان ينتشر بصورة كبيرة بين الأمريكيين من أصول أفريقية.

كما كان من المدافعين عن الحق في الإجهاض، وهو أمر نادر بين القادة الدينيين، كما يعارض عقوبة الإعدام.

وفي عام 2005 أختير كبير القساوسة في كنيسة إبينزير في مدينة أتلانتا، وهي الكنيسة التي سبق ووعظ بها مارتن لوثر كينغ، ليصبح وارنوك أصغر قس يتولى ذلك المنصب القيادي في الكنيسة التاريخية.

قانون الرعاية الصحية

برز اسم وارنوك على الساحة السياسية في ولاية جورجيا كزعيم للحملة الرامية إلى توسيع نطاق قانون الرعاية الصحية، وقد اعتقل عام 2014 أثناء مشاركته في مظاهرة للاحتجاج على موقف الجمهوريين الرافض لذلك.

وبعد ثلاثة أعوام اعتقل مجدداً حين كان واحداً من عدة قساوسة شاركوا في مظاهرة للاحتجاج على محاولات إلغاء قانون الرعاية الصحية الميسرة.

وأسس وارنوك لاحقا بالتعاون مع السياسية والناشطة الحقوقية ستايسي أبرامز منظمة للدفاع عن حقوق التصويت بعنوان "مشروع نيو جورجيا".

وتخضع المنظمة حالياً لتحقيق يجريه سكرتير الولاية التابع للحزب الجمهوري على خلفية مزاعم بإرسال بطاقات إقتراع لمصوتين من غير سكان جورجيا.

من هي المرأة التي تقف وراء أكبر مفاجآت فوز بايدن؟

وفي حملته الانتخابية ركز وارنوك على وعوده بالعمل من أجل تحقيق المساواة وإصلاح قانون العدالة الجنائية وتوفير الرعاية الصحية وزيادة الأجور لأبناء الطبقة العاملة في الولاية التي طالما عُرفت بتوجهاتها الجمهورية، قبل الفوز المفاجئ للمرشح الرئاسي جو بايدن فيها في انتخابات 2020.

المرشحان الديمقراطيان في ولاية جورجيا رافاييل وارنوك و جون أوسوف
Getty Images
المرشحان الديمقراطيان في ولاية جورجيا رافاييل وارنوك و جون أوسوف

"راديكالي خطير"

في ولاية يُعرف ثلاثة أرباع سكانها أنفسهم بأنهم مسيحيون، ويحمل الكثير من الإنجيليين البيض توجهات سياسية محافظة، دأب الجمهوريون ومن بينهم حملة منافسته كيلي لوفلر على استخدام رسائل وارنوك وعظاته لتصويره على أن "راديكالي خطير"، وفقاً لما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.

وفي هذا السياق، لفت جمهوريون إلى إدانته للأفكار القائلة بتفوق الجنس الأبيض ودفاعه عن قساوسة سود انتقدوا الولايات المتحدة.

وقد شن وارنوك هجوماً على الكنائس البيضاء، إذ اعتبر في كتاب أصدره عام 2013 أنها قامت بدور فعال في تكريس "العبودية والفصل العنصري والمظاهر الأخرى المعبرة عن الاعتقاد بتفوق العرق الأبيض".

وتقول نيويورك تايمز إن وارنوك حين سئل في حديث تلفزيوني عن دفاعه عن قساوسة انتقدوا الولايات المتحدة، رد قائلا: "لقد أمضيت حياتي المهنية كقس في كنيسة إبينزير محاولاً أن أجمع الناس معاً. إنها مهمة صعبة تتطلب أن نتحدث إلى بعضنا البعض، لا أن نتحدث على بعضنا البعض، وتتطلب مشاركة عميقة، لأن التعصب يتغذى على الخوف".

وكان وارنوك من المدافعين عن القس جيرمي رايت، الذي كان الرئيس السابق باراك اوباما ينتمي إلى كنيسته، والذي ثار حوله جدل عام 2008 بعد ظهور مقاطع مصورة من إحدى عظاته ظهر فيها وهو يقول "لعن الله أمريكا".

ورغم أن أوباما نأى بنفسه عن القس رايت، فقد دافع عنه وارنوك وعبر قلقه من أن المقاطع المصور اقتطعت من سياقها.

وأشار وارنوك في حديث لمحطة فوكس نيوز عام 2008 إلى أن مارتن لوثر كينغ قبل اغتياله كان يُعد لخطبة بعنوان "لماذا قد تذهب أمريكا إلى الجحيم؟"

وحسب المحطة يرى وارنوك من خلال موقعه الكنسي نفسه بمثابة بوصلة أخلاقية للحكومة. ويريد الآن أن يكمل هذه المهمة في واشنطن.