تويلين: تقيم عائلة ريفالدو في تويلين (شمال غرب غواتيمالا) عزاءً أمام صورة ابنها البالغ 17 عاما رغم أنها ليست على يقين أنه من بين ضحايا مجزرة قضى فيها 19 مهاجرا غير قانوني في المكسيك قرب الحدود مع الولايات المتحدة.

لا تزال السلطات المكسيكية تحاول تحديد هويات الجثث المتفحمة التي اُكتشفت مؤخرا في ولاية تاموليباس، وتطابق عينات حمض نووي تلقتها من غواتيمالا.

لكن عائلة ريفالدو، وعلى غرار نحو عشر عائلات أخرى، متأكدة أن العصابات المكسيكية قتلت المهاجرين الذين انطلقوا في 12 كانون الثاني/يناير من منطقتهم الفقيرة الواقعة شمال غرب غواتيمالا.

وكان ريفالدو من بين المشاركين في الرحلة الخطرة بحثا عن حياة أفضل في الولايات المتحدة.

قال ريفالدو في آخر رسالة صوتية بعثها إلى عمته المقيمة في الولايات المتحدة، "يبلغ عددنا خمسة عشر شخصا في الحافلة الصغيرة، نحن مرهقون وتؤلمنا أرجلنا وظهورنا".

بعد ذلك بيومين، أعلنت السلطات المكسيكية اكتشاف 19 جثة متفحمة داخل عربة في طريق ريفي قرب الحدود الأميركية. ووفق التحقيقات الأولية، قتل الضحايا رميا بالرصاص ثم أُحرقت جثثهم.

يؤكد والد ريفالدو، رودولفو خيمينيز (36 عاما)، أن المهرب اتصل به ليعلمه أن "أقاربه قضوا بشكل مأساوي (...) لقد قتلوا وأحرقوا".

وتاموليباس الواقعة في خليج المكسيك هي أقصر طريق للوصول إلى الولايات المتحدة من غواتيمالا. لكن المنطقة خطرة لأنه توجد بها عصابات تخطف المهاجرين وتبتزهم وتقتلهم.

وتعرف المنطقة التي وجدت بها الجثث بأنها مسرح مواجهات بين كارتيل نوريستي المنتمي إلى عصابة لوس زيتاس وغريمه كارتيل ديل غولفو.

يتحدر أغلب المهاجرين المفقودين من قرى منطقة كوميتانسيلو (تبعد نحو 300 كلم عن العاصمة) التي يقطنها السكان الأصليون من إتنية مايان مام، وقد انطلقوا سعيا وراء الحلم الأميركي في 12 كانون الثاني/يناير.

الحياة صعبة في قرية تويلين التي يقطنها 900 شخص وتقع في منطقة جبلية يصعب الوصول إليها. تزرع هنا الذرة والفاصوليا في الحقول التي تجتاحها الرياح باستمرار.

غالبية سكان المنطقة جزء من نحو 60 بالمئة من سكان غواتيمالا (17 مليون نسمة في الإجمال) يعيشون تحت خط الفقر.

على غرار قرى أخرى، توجد بين أكواخ الطين والقصدير منازل من الحجارة تمثل علامة على استقرار أقارب في الولايات المتحدة يرسلون المال لعائلاتهم التي بقيت في البلاد.

رغم تداعيات فيروس كورونا المستجد، ضخت تحويلات المغتربين العام الماضي مبلغا قياسيا في الاقتصاد الغواتيمالي بلغ 11,3 مليار دولار، أي نحو 15 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

يشرح والد ريفالدو أن ابنه الذي كان ميكانيكيا مبتدئا أراد أيضا أن يرسل المال إلى والديه وأشقائه وشقيقاته الستة.

ويضيف آسفا "كنا نعلم أن هناك من يموت في الصحراء أو في حوادث (...) لكنهم في هذه الحالة قتلوهم وأحرقوهم!".

وفقا له، اتصل ريفالدو بمهرب طلب منه 100 ألف كتزال (نحو 12660 دولارا) لقاء "عمله". أعطاه الشاب قرابة 2500 دولار على أن يدفع له بقية المبلغ على مراحل مع تقدمه في الرحلة نحو الحدود الأميركية.

من قرية نويفا اسبيرانزا المجاورة، التحق أندرسون البالغ 16 عاما بالرحلة. هنا أيضا، يسهر والده ماركو بابلو أمام صورة ابنه البكر بين أطفاله التسعة.

يقول ممتعضا "كان حلمه شراء أرض وبناء منزل عليها. لم يقدر على تحقيقه (...) أحرقوهم كما لو أنهم ليسوا بشرا".