مينسك: أعلن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو الخميس أن بلاده أفشلت "حربا خاطفة" شنتها قوى أجنبية وذلك في خطاب حاد النبرة أمام مؤتمر ضم موالين له بعد أشهر من احتجاجات واسعة النطاق على حكمه المستمر منذ عقود.

وكان الرئيس الذي يحكم بقبضة حديد قد وعد بالكشف عن إصلاحات خلال المؤتمر المنعقد في العاصمة مينسك، لكن خطابه الافتتاحي أمام قاعة مليئة بمسؤولين يرتدون بزات عسكرية ورسمية، ركز بدلا من ذلك على محاولات للإطاحة بحكومته.

خلال موجة الاحتجاجات، زعم لوكاشنكو (66 عامًا) أنّ حكومات أجنبية حرضت المحتجين على تنظيم الإطاحة به، لكنه قال الخميس إن بيلاروسيا نجحت في صد الهجمات.

وأشار إلى تلك المحاولات بعبارة ألمانية وقال "الحرب الخاطفة لم تنجح، تمسكنا ببلدنا"، مستخدما لغة لها وقع خاص في بلد تكبد خسائر فادحة على أيدي القوات الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

وقال "رغم التوترات في المجتمع والتي تسببت بها بشكل مصطنع قوى خارجية، نجونا" مضيفا أن بيلاروسيا "ستتصدى مهما كلف الأمر".

وتابع "علينا أن نقاوم مهما كان الثمن. والعام 2021 هذا، سيكون حاسما".

والمعارضة البيلاروسية التي يقبع قادتها إما في السجن أو في المنفى في دول أوروبية مجاورة، نددت بمؤتمر "الجمعية الشعبية لعموم بيلاروسيا" المنعقد ليومين، بوصفه مسرحية سياسية.

العام الماضي واجه لوكاشنكو أكبر التهديدات لحكمه منذ توليه السلطة في الجمهورية السوفياتية السابقة العام 1994.

ونزل عشرات آلاف الأشخاص إلى الشوارع في أنحاء البلاد للمطالبة باستقالة لوكاشنكو بعدما أعلن فوزه بولاية رئاسية سادسة في انتخابات آب/أغسطس، والتي اعتبر مناوئوه أنها شهدت عمليات تزوير.

وشنت السلطات حملة قمع عنيف ضد المتظاهرين واعتقلت الالاف فيما أفاد الكثير منهم عن تعرضهم للتعذيب ولانتهاكات خلال توقيفهم، فيما أسفرت الاضطرابات عن مقتل العشرات.

وكان لوكاشنكو قد وعد في تشرين الثاني/نوفمبر بتعديل الدستور سعيا لتهدئة الاحتجاجات، وذلك بعد أسابيع على ظهوره في تجمع حاملا رشاش كلاشنيكوف وواصفا المتظاهرين بالجرذان.

وفي المؤتمر الذي جمع 2700 ممثل عن قطاعات غالبيتها مدعومة من الدولة، رفض دعوات المعارضة وأرجأ على ما يبدو إطارا زمنيا وعد به لإدخال التعديلات الدستورية.

وقال أمام الوفود "يجب أن ننظر عن كثب في قضايا التنمية الاجتماعية ... وفي احتمال تعديل القانون الأساس" من دون تحديد تاريخ الكشف عن التغييرات المقترحة.

وكرر لوكاشنكو الخميس أن السلطات ستضع مسودة دستور جديد هذا العام وتعرض التغييرات على تصويت شعبي في مطلع العام 2021.

لكن هذا الجدول الزمني يتعارض مع وعوده السابقة بتقليص السلطات الرئاسية وإجراء تصويت على مستوى البلاد بحلول آب/أغسطس.

وقال لوكاشنكو "أفهم أننا نعيش في فترة انتقالية، نحتاج إلى جيل جديد لتولي السلطة".

ومع ذلك، أكّد أطول زعيم حكما في أوروبا إنه لن يكون مستعدًا للتنحي إلا عندما تضمن السلطات الاستقرار.

وقال إنّ "الشرط الأساسي لترك السلطة هو أن يسود السلام والنظام في البلاد --- لا احتجاجات ولا محاولات للإطاحة بالسلطات".

عشية المؤتمر دعت قناة نيكستا على منصة تلغرام والتي حشدت ونسقت المتظاهرين خلال أشهر الاحتجاجات، إلى تظاهرات جديدة.

وكتبت نيكستا "هذا تجمع لمناصري لوكاشنكو البائسين الذين تم جمعهم لغرض واحد - إشباع غرور شخص واحد". وشجعت أهالي مينسك على النزول إلى الشارع.

وتوعدت الشرطة البيلاروسية ب"كبت" أي أنشطة غير قانونية وحذرت من احتمال اغلاق طرق بسبب تساقط كثيف متوقع للثلوج.

نظم لوكاشنكو استفتاءين على الدستور في السابق، وفي المرتين أدخل تعديلات تعزز موقع الرئاسة.

في 1996 منح نفسه صلاحية أكبر لتعيين قضاة من بينهم رئيس المحكمة الدستورية.

وسمح له الاستفتاء الثاني العام 2004 بتولي ثلاث ولايات رئاسية بدلا من اثنتين.

ويقول معارضون إنّ لوكاشنكو يدعو "الجمعية الشعبية لعموم بيلاروسيا" إلى الانعقاد بشكل خاص خلال حملاته الانتخابية لإضفاء ما يشبه الدعم الشعبي على ترشحه.

لكنه بدلا من ذلك اختار العام الماضي زيارة وحدات للشرطة والجيش قبل الانتخابات.

وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على لوكاشنكو وحلفائه، والتقى دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي في مينسك الأحد مع أقارب بيلاروسيين قضوا في التظاهرات.

وفي تصريحات لوكالة فرانس برس انتقد غابرييليوس لاندسبيرغيس، وزير خارجية ليتوانيا، العضو في الاتحاد الأوروبي التي لجأت إليها زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا ومئات من النشطاء، الجمعية بوصفها "مسعى لتقليد حوار".