لندن: أمضت الإيرانية البريطانية نازنين زاغري راتكليف، حوالى خمس سنوات في طهران بين السجن والإقامة الجبرية، بعيداً عن زوجها وطفلتهما.

قضت أربع سنوات تقريبا في سجن إيوين سيئ السمعة، بعضاً منها في الحبس الانفرادي، وأعلنت الإضراب عن الطعام وحرمت من العلاج الطبي.

أوقفت زاغري راتكليف في مطار طهران في 3 نيسان/ابريل 2016 أثناء مغادرتها برفقة طفلتها البالغة عاماً واحداً في حينه بعد زيارة عائلتها في عيد رأس السنة الإيرانية.

تبلغ حالياً الثانية والأربعين من عمرها، وهي كانت تعمل في مؤسسة تومسون رويترز.

اتهمتها طهران بالتآمر لقلب نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية، وهي تهمة تنفيها بشدة.

وقال زوجها البريطاني ريتشارد راتكليف لوكالة فرانس برس العام الماضي "كانت دائما شخصا يتمتع بشعور قوي بالولاء والعدالة. وبالتأكيد غاضبة بشدة لمدى ظلم كل هذا".

فصلتها السلطات عن ابنتها التي صودر جواز سفرها البريطاني. وحكم عليها في أيلول/سبتمبر 2016، بالسجن خمس سنوات.

أوضح راتكليف، وهو محاسب في لندن، أنّها عانت أثناء وجودها في السجن من انعدام مقوّمات الصحة العامة وفكرت حتى بالانتحار.

وسخر الزوج طاقته في حملة تدعو للإفراج عنها. وقال "كان عليها لأكثر من شهر النوم بالملابس نفسها، وهو أمر صعب حقاً". وتابع أنّها تحوّلت من شخص "مرح" إلى آخر "أكثر تشاؤماً -- اكتئاباً لأكون صادقاً".

سمح لها العام الماضي بمغادرة السجن موقتاً لتنتقل إلى الإقامة الجبرية، فيما كان مقرراً انتهاء عقوبتها في 7 آذار/مارس 2021.

وقال زوجها في كانون الثاني/يناير إنّ الحكومة البريطانية طلبت إليه عدم الإفصاح عن الموعد لتجنب تعريض إطلاق سراحها للخطر.

ووصف خلال الأسبوع الحالي قضيتها ب"وصمة عار للدبلوماسية البريطانية".

وقالت وزارة الخارجية والتنمية إنّها على "اتصال وثيق" مع نازنين، مضيفة أنّها تواصل "بذل كل ما في وسعها لضمان الإفراج عن المواطنين البريطانيين المحتجزين بشكل تعسفي".

أثناء وجودها في السجن، قرأت نازنين الكثير وخاطت الملابس لابنتها وزملاء في السجن، وفق زوجها الذي اعتبر أنّها تفعل ذلك "كوسيلة لتبقى أماً".

وصارت زيارات غابرييلا مصدر سعادتها الرئيسي، وهي تحتفظ بصورتها على طاولة بجانب السرير في زنزانتها.

أعيد جواز السفر البريطاني لغابرييلا لكنها ظلّت مع والدَي نازنين لتمكينها من رؤية والدتها.

وهي الآن في السادسة من عمرها، ولكنّها عادت في 2019 إلى بريطانيا للعيش مع والدها والالتحاق بمدرسة.

كتبت نازنين في ذلك الوقت: "ألمي لا حدود له".

في آذار/مارس 2020، نقِلت إلى الإقامة الجبرية مع والديها بسبب تفشي جائحة كوفيد-19. تظن أنّها أصيبت بفيروس كورونا ولكنّها لم تقم بأي فحص طبي.

وإلى يوم الأحد، كان سوار الكتروني يراقب تحركاتها ولم يكن بمقدورها الذهاب لمسافة تزيد عن 300 متر من منزل والديها في طهران.

وهي كانت تتصل بابنتها يومياً مذّاك.

بعد إطلاق سراحها الموقت من السجن، عرفت نازنين أنها لن تحصل على عفو، على عكس آلاف السجناء الآخرين.

ثم في أيلول/سبتمبر الماضي، بلغها أنها تواجه لائحة اتهام جديدة ولكن من دون إبلاغها بالتهم، في خطوة دانتها المملكة المتحدة ووصفتها بأنه "لا يمكن تبريرها".

إلا أنّ المحاكمة أرجئت.

قال زوجها إنها "رهينة" بشكل واضح في لعبة سياسية خبية تتعلق بدين بريطاني قديم لإيران.

وكانت لندن قد وقّعت مع طهران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، قبل أكثر من أربعين عاماً، صفقة بيع دبابات لم تتسلمها إيران (أربعئمة مليون جنيه استرليني).

وأثارت طهران التوتر مع الحكومات الغربية في السنوات الأخيرة باعتقال مواطنيها ومزدوجي الجنسية، ما عزز مزاعم المملكة المتحدة بأنهم يستخدمون ك"رافعة دبلوماسية".

التقى راتكليف زوجته العام 2007 عندما كانت تدرس في لندن، وتزوجا بعد عامين.

وكانت نازنين حائزة شهادة في الأدب الإنكليزي من جامعة طهران وعملت في الصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية في إيران.

في لندن، عملت في هيئة الإذاعة البريطانية، قسم "بي بي سي ميديا أكشن" الداعم لوسائل الإعلام المستقلة، قبل انضمامها إلى تومسون رويترز.

وصعّدت بريطانيا في هذه القضية في آذار/مارس 2019 محوّلة إياها إلى نزاع بين دول وليس مجرّد مسألة قنصلية، مشيرة إلى إساءة المعاملة في السجن.

وكان بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني العام 2017، تسبب بانتكاسة للقضية من خلال التلميح إلى أنّ نازنين كانت تدرّب صحافيين في إيران.

إلا انّه اعتذر لاحقاً، مؤكدا أنها كانت في إجازة.

في رسالة إلى زوجها بعد عام من اعتقالها، قالت إنها كانت فخورة لكونها إيرانية. لكنّ طهران منعتها من "رؤية السنوات الذهبية في حياة ابنتنا".