نجامينا : بدأت الجمعة في نجامينا مراسم تشييع الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي اتنو الذي توفي الاثنين بحسب رئاسة الجمهورية، بحضور العديد من رؤساء الدول بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي التقى فور وصوله نجله رئيس المجلس العسكري الحاكم حاليا.

وذكر صحافي من وكالة فرانس برس أن نعش إدريس ديبي الذي حكم البلاد لثلاثين عاما بقبضة من حديد، وصل إلى ساحة الأمة على منصة شاحنة صغيرة وقد لف بالعلم الوطني ويحيط به جنود من الحرس الرئاسي.

وتوفي ادريس ديبي اتنو بحسب الرئاسة التشادية، الإثنين متأثرا بجروح أصيب بها على الجبهة في مواجهة المتمردين.

وابنه محمد إدريس ديبي جنرال يبلغ من العمر 37 عاما وأصبح الرجل القوي الجديد للنظام. وهو يتمتع بسلطات كاملة لكنه وعد بمؤسسات جديدة بعد انتخابات "حرة وديموقراطية" خلال عام ونصف العام.

ويرى العديد من المعارضين الذين تعرضوا للقمع من قبل نظام إدريس ديبي أن تولي الحكم بهذه الطريقة ليس سوى "انقلاب مؤسسي".

وحضر رؤساء حوالى 12 دولة إلى العاصمة التشادية الجمعة بينهم قادة الدول الأربع الأخرى في مجموعة الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا) ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان. كما أكد الكونغولي فيليكس تشيسكيدي الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي حضوره.

ووصل ماكرون رئيس الدولة الغربي الوحيد الذي يحضر التشييع، مساء الخميس إلى نجامينا والتقى على الفور ابن الرئيس الراحل.

ورأى الخبراء والمعارضة أن هذه الخطوة تعني أن فرنسا التي أنقذت نظام الرئيس الراحل عسكريا مرتين على الأقل بعدما هدده المتمردون في 2008 و2019، ستبقي على دعمها لخليفته على الأرجح. وتضم نجامينا مقر قيادة قوتها برخان لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل.

وبعد هبوط طائرته على مدرج القاعدة العسكرية التي تضم مقر قيادة القوة الفرنسية، واكبت آليات مدرعة من برخان ماكرون إلى السفارة الفرنسية، كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس.

وقبل بدء الجنازة صباح الجمعة التقى ماكرون ورؤساء مجموعة الساحل الأربع الأخرى محمد ديبي "لمشاورات حول العملية الانتقالية الجارية"، كما ذكرت الرئاسة الفرنسية لفرانس برس.

وأكدت الرئاسة الفرنسية الجمعة أن فرنسا ودول الساحل الخمس التي تكافح معا الجهاديين في هذه المنطقة من إفريقيا، أعربت عن "دعمها المشترك للعملية الانتقالية المدنية العسكرية" لنجل الرئيس.

وأوضحت أنه قبل بدء الجنازة الوطنية زار ماكرون ونظراؤه النيجيري والبوركينابي والمالي والموريتاني الجنرال محمد إدريس ديبي وعبروا له عن "وحدة رؤيتهم" كما قال مصدر في الاليزيه لفرانس برس، موضحا ان مجموعة الساحل "تقف إلى جانب تشاد وتعرب عن دعمها المشترك لعملية الانتقال المدني العسكري من اجل استقرار المنطقة".

منذ وصوله إلى السلطة بالقوة في 1990 بمساعدة باريس، اعتمد إدريس ديبي باستمرار على القوة الاستعمارية السابقة.

بعد وفاته أعربت فرنسا في عدة مناسبات عن قلقها بشأن "استقرار تشاد ووحدة أراضيها".

وتساءل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الخميس "هل سيضمن المجلس العسكري الانتقالي استقرار تشاد ووحدة وسلامة أراضيها؟". كما تساءل عن قدرته على "تطبيق عملية ديموقراطية" مع احترام التزاماته العسكرية في المنطقة.

وأبدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الملاحظات نفسها. وقال خلال زيارة لموريتانيا الخميس قبل التوجه إلى جنازة إدريس ديبي "يجب أن نساعد تشاد. يجب أن نتجاهل الاعتبارات السياسية".

وستنظم الجنازة الرسمية في وقت مبكر من صباح الجمعة في ساحة الأمة.

وبعد التكريم العسكري والخطب، ستُتلى الصلاة في المسجد الكبير في نجامينا ثم ينقل جثمان إدريس ديبي بالطائرة إلى أمجراس التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر، لدفنه بالقرب من والده في هذه القرية الصغيرة المجاورة لمسقط رأسه بيردوبا عاصمة إقليم إنيدي الشرقي (شمال شرق) بالقرب من الحدود السودانية.

ويمثل حضور رؤساء الدول تحديا أمنيا كبيرا للنظام الجديد الذي ما زال يواجه متمردين قادمين من ليبيا وعدوا بالزحف إلى نجامينا ويرفضون الانتقال العسكري.

كما يمكن أن يأتي التهديد من داخل النظام لأن تولي الشاب محمد إدريس ديبي السلطة مفاجئ ووجود شخصيات كانت تطمح للصعود إلى السلطة من داخل عشيرة رئيس الدولة الراحل.

وقال رولان مارشال المحلل في مركز الأبحاث الدولي التابع لجامعة للعلوم السياسية في باريس إن الإدارة العامة للخدمات الأمنية لمؤسسات الدولة، الهيئة التي تتمتع بنفوذ كبير ويقودها الرئيس الجديد "قد تنقسم".

واضاف "سيحلون مشاكلهم كما فعلوا في الماضي، عن طريق محاولات القيام بتصفيات جسدية أي مع عنف مسلح في العاصمة".