القدس: دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو السبت إلى "الهدوء" في القدس في أعقاب أوسع مواجهات تشهدها المدينة المقدسة منذ سنوات بين يهود متطرفين وفلسطينيين والقوى الأمنية.

وقال نتانياهو في بيان إن الجيش الإسرائيلي "مستعد لكل السيناريوهات" في ما يخصّ غزة بعد إطلاق نحو ثلاثين صاروخا من القطاع الفلسطيني باتجاه جنوب إسرائيل.

عاد الهدوء إلى القدس الشرقية المحتلة التي ضمتها إسرائيل، لكن لتجنّب تجدد العنف نشر مئات من عناصر الأمن في ضواحي المدينة القديمة، وفق الشرطة.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي "نريد قبل أي شيء ضمان احترام القانون والنظام العام (...) نطالب الآن باحترام القانون وأدعو جميع الأطراف إلى الهدوء".

في سياق تصاعد التوترات بعد الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة بين يهود وفلسطينيين في القدس الشرقية، اندلعت مواجهات بين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية مساء الجمعة عند خروج المصلين من حرم المسجد الأقصى.

وسجلت مواجهات مماثلة في مناطق أخرى من القدس الشرقية وفي معبر قلنديا الرابط بين إسرائيل والضفة الغربية المحتلة وفي بيت لحم.

وأجرت الشرطة الإسرائيلية عدة عمليات توقيف.

وبدأت الصدامات مساء الخميس بعد تظاهرة ليهود متشددين هتفوا خلالها "الموت للعرب" أمام باب العمو، أحد مداخل القدس الشرقية. وسار الفلسطينيون ردّا عليها بتظاهرة احتجاجية في القدس الشرقية حصلت خلالها المواجهات مع الشرطة.

حاولت الشرطة منع الفلسطينيين، ما أدى إلى إصابة نحو مئة منهم ونحو عشرين عنصر أمن.

وصرّح نتانياهو "نحافظ على حرية العبادة كما نفعل كل عام، لجميع سكان القدس وزوارها"، في إشارة إلى الصلاة خلال شهر رمضان في حرم المسجد الأقصى الذي يمثل ثالث أقدس المواقع لدى المسلمين.

من جهتها، أعربت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس الحاكمة في غزّة، عن دعمها لفلسطينيي القدس الشرقية وهددت إسرائيل.

أطلق مساء الجمعة 36 صاروخا من قطاع غزة المحاصر على إسرائيل وفق ما أعلن الجيش الإسرائيلي. واعترضت منظومة القبة الحديدية ستة صواريخ، بينما سقطت أخرى في مواقع خالية من السكان.

وردا على إطلاق الصواريخ، قصفت إسرائيل بالدبابات مواقع في غزة، ثم نفذت غارات جوية بطائرات مروحية وطائرات قتالية على القطاع.

وذكر الجيش ومصادر أمنية فلسطينية وشهود عيان أن القصف طال مواقع لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على القطاع منذ 2007، وأخرى للتدريب تابعة للفصائل الفلسطينية المسلحة في مناطق متفرقة في مدن غزة.

ومساء السبت، اطلق صاروخ جديد من قطاع غزة تم اعتراضه بواسطة الدرع الاسرائيلية المضادة للصواريخ.

ويعيش مليونا فلسطيني في قطاع غزّة الذي تفرض عليه إسرائيل حصاراً. وتواجهت حماس وإسرائيل في ثلاث حروب في 2008 و2012 و2014.

وأعلنت كتائب المقاومة الوطنية، الجناح المسلح للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، في بيان "مسؤوليتها عن قصف مستوطنات الاحتلال المحاذية للقطاع بعدة صواريخ فجر اليوم ردا على عدوان الاحتلال في القدس". كما أعلنت كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ عدة على جنوب إسرائيل.

ودوّت صفّارات الإنذار في القرى الإسرائيلية القريبة من القطاع.

وبعد صدامات الخميس في القدس الشرقية، أكدت كتائب عز الدين القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس دعمها لفلسطينيي المدينة المقدسة.

وقالت في بيان "الشرارة التي تشعلونها اليوم ستكون فتيل الانفجار في وجه العدو المجرم وحينها ستجدون كتائبكم ومقاومتكم حيث ينبغي أن تكون في قلب معركتكم، تلقّن العدو الدروس القاسية وغير المسبوقة".

وقالت الفصائل الفلسطينية المسلحة وبينها حماس وحركة الجهاد الإسلامي في بيان مشترك، إنها "لا يمكن أن تصمت على استمرار العدوان الصهيوني الهمجي على أبناء شعبنا في القدس"، محذرة من أن "العدو باستمراره في انتهاك أقصانا والاعتداء على أهلنا في القدس يفتح على نفسه أبواب الجحيم".

وعبر حزب الله اللبناني عن "تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني"، ودان "بشدة الإجراءات العسكرية وحالة الحصار والتضييق التي ترتكبها شرطة الاحتلال وعصابات المستوطنين منذ أيام".

ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيان "ما يقوم به المستوطنون والجماعات اليمينية المتطرفة بالتحريض على قتل العرب بحماية الجيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، وما يقومون به من ملاحقات لأبناء شعبنا".

وأبدت الولايات المتّحدة الجمعة "قلقها العميق" إزاء "تصعيد العنف في القدس"، مؤكّدة إدانتها خطاب "الكراهية" بعد أن أطلق يهود متشدّدون هتافات مناهضة للفلسطينيين.

من جهتها، دانت إيران السبت على لسان المتحدث باسم خارجيتها سعيد خطيب زادة "ممارسات واعتداءات الكيان الصهيوني والمستوطنين المحتلين على المقدسات وسكان مدينة القدس"، ودعت إلى "الوقف الفوري للأعمال الوحشية للصهاينة"، وفق ما نقلت وكالة "فارس".

بدأت الاشتباكات في الأيام الماضية في القدس بعد أن منعت الشرطة الجلوس على الدرجات المحيطة بباب العمود حيث يتجمع الفلسطينيون عادة مساء خلال شهر رمضان.

وعندما أعلن يهود من اليمين المتطرف أنهم يريدون التظاهر بالقرب من البوابة الواسعة المطلة على القدس القديمة، رأى العديد من الفلسطينيين في ذلك استفزازًا ومحاولة للسيطرة على هذا الموقع الرمزي.

ودعا المبعوث الأممي الخاص للشرق الأوسط تور وينيسلاند السبت "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب مزيد من التصعيد".

وقال في بيان "يجب أن تتوقف الأعمال الاستفزازية في القدس. إطلاق الصواريخ على نحو عشوائي على المناطق المأهولة بالسكان ينتهك القانون الدولي ويجب أن يتوقف على الفور".

ودان الأردن المجاور الذي يشرف على الأماكن المقدسة الإسلامية في البلدة القديمة، "الهجمات العنصرية" الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في القدس الشرقية وحذر من "تبعاتها"، داعيا إلى "تحرك دولي لحمايتهم".

واعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على صفحته على "تويتر" السبت أن "مسؤولية وقف الاعتداءات وفق القانون الدولي (...) تقع على سلطات الاحتلال"، محذرا من أن "القدس خط أحمر والمساس بها لعب بالنار".