تجري واشنطن محادثات مع حلفائها في الشرق الأوسط للبحث في مباحثات فيينا، التي ربما تشهد تشددًا أوروبيًا بسبب تسريبات محمد جواد ظريف عن دور أساسي للعسكر في دبلوماسية طهران.

إيلاف بيروت: في ظل استمرار المباحثات الخاصة بالملف النووي الإیراني في فیینا، قال مسؤول أميركي كبیر الأربعاء أن فریقا من المبعوثین الأميركیین سیتوجه إلى الشرق الأوسط قریبا لإجراء محادثات مع حلفاء رئیسیین للولایات المتحدة، وسط تصاعد المخاوف في المنطقة بشأن مسعي الرئیس الأميركي جو بایدن للانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق النووي الإیراني.

وقال المسؤول "سیسافر وفد رفیع خلال الأسبوع المقبل لمناقشة عدد من القضایا المهمة المتعلقة بالأمن القومي الأميركي والجھود المستمرة لتخفیف التوتر في منطقة الشرق الأوسط".

وذكر مصدر مطلع لفرانس برس أن الوفد سیرأسه منسق سیاسات الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي التابع للبیت الأبیض بریت ماكجورك، ومستشار وزارة الخارجیة الأميركیة دیریك شولیه. وبالرغم من أن مسار الرحلة لا یزال غیر واضح، فإن ھناك خططا مبدئیة للوفد لزیارة السعودیة والإمارات ومصر والأردن. وكانت وكالة بلومبرغ أول من نشر نبأ الرحلة.

تطمين الحلفاء

وتأتي زیارة الوفد الأميركي من أجل التنسیق وتطمین الحلفاء الإقلیمیین للولایات المتحدة حول مسار المفاوضات في جنیف ومساعي الإدارة الأميركیة في العودة إلى الاتفاق النووي الإیراني، ومن غیر المعروف إذا كانت زیارة الوفد الأميركي ستحمل بعض التطمینات أو الوعود التي ربما تكون الإدارة الأميركیة قد حصلت علیھا من الجانب الإیراني في الكوالیس حول تعدیل السیاسات الإقلیمیة، لكن المعضلة الأساسیة ھي بأن الأطراف الإقلیمیة لا تمتلك الثقة بالجانب الإیراني، وبالتالي فإنھا ترى أن تحجیم السیاسات الإیرانیة العدائیة في المنطقة یجب أن یكون بضمانات وبإشراك الدول الإقلیمیة في المحادثات الموسعة أو إطلاعھا على كافة التفاصیل المتعلقة بھذا الشأن.

بالتزامن، اتفقت أطراف محادثات فیینا على تسریع وتیرة المفاوضات وتكثیفھا وتشكیل مجموعة ثالثة لبحث التفاھمات التنفیذیة، وما بین الشد والجذب وتضارب التصریحات من الوفود المجتمعة في فیینا.

قال مندوب الصین إن ھناك خلافات جوھریة في الاجتماعات، فیما أفادت تقاریر بأن المجموعة الثالثة ستبحث التوافقات العملیة لرفع العقوبات عن إیران وعودة الولایات المتحدة للاتفاق.

سباق مع الزمن

قال المندوب الروسي المشارك في مفاوضات فیینا إن المشاركين اتفقوا على العمل بمجھود أكبر من أجل التوصل إلى اتفاق لاستئناف الصفقة النوویة قبل نھایة مایو، ما یعكس رغبة لدى جمیع الأطراف في محاولة التوصل إلى اتفاق نھائي قبل الانتخابات الرئاسیة الإیرانیة في 18 یونیو المقبل، والتي يتوقع أن تأتي بالمتشددین الى السلطة، خصوصًا إذا كانوا من جنرالات الحرس الثوري الإیراني السابقین.

تعكس تسریبات وزیر الخارجیة الإیراني محمد جواد ظریف شرخًا في السلطة الإیرانیة التي تتحكم بمفاصل القرار في طھران، وربما تأتي ھذه التسریبات في الوقت الحالي لتكشف للمجتمع الدولي أن التعامل مع السلطة السیاسیة في طھران لن یكون سھل أبدًا.

في ھذا الإطار، رأى الرئیس الإیراني حسن روحاني الأربعاء أن توقیت تسریب تسجیل صوتي لوزیر خارجیته محمد جواد ظریف تحدث فیه عن دور للعسكر في الدبلوماسیة، یھدف إلى التسبب بـ "اختلاف" داخلي تزامنًا مع المباحثات لاحیاء الاتفاق بشأن برنامج طھران النووي.

وأتى التسریب بینما تخوض إیران والقوى الكبرى مباحثات في فیینا لإحیاء الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولایات المتحدة أحادیًا في عام 2018.

وقال روحاني في كلمة متلفزة الأربعاء إن "سرقة مستند، تسجیل، ھو أمر یجب التحقیق فيه. لماذا في ھذا الوقت؟ أعتقد أن ھذا الشریط (...) كان یمكن أن یتم نشره قبل أسبوع أیضًا".

أضاف "لكن تم نشره في وقت كانت (مباحثات) فیینا في ذروة نجاحھا، بھدف خلق اختلاف داخل إیران"، مشددًا على أن "لا یمكننا رفع العقوبات سوى من خلال الوحدة".

وھذا ما یعكس المخاوف الحقیقیة على أن جزءًا مھمًا من المتشددین في طھران لا یرغبون في إنجاز اتفاق في فیینا قبل الانتخابات الرئاسیة وتحدید شكل السلطة القادمة. وعلى ما یبدو، فإن المرشد الإیراني لم یعد یلعب نفس الدور الذي كان يلعبه سابقاً كمرجعیة تتحكم بمفاصل القرار السیاسي والعسكري والاقتصادي.

موقف الدول الأوروبیة

تبدو الدول الأوروبیة في موقف صعب للغایة في الوقت الحالي. فھي تحاول الحفاظ على اتفاق نووي ما یبقي إیران داخل الحظیرة النوویة وتقوم بدور الوساطة في الوقت الحالي وإدارة المفاوضات غیر المباشرة التي تجري في فیینا.

في نفس الوقت، تحاول هذه الدول الضغط على إدارة بایدن فی ما یتعلق بالسیاسات الإقلیمیة الإیرانیة وبرنامج الصواریخ البالستیة، أي أن للدول الأوروبیة مطالبھا الخاصة بما یتعلق بالمفاوضات والتي تشكل عامل قلق كبیر بالنسبة إليھا، في وقت لا تعطي إدارة بایدن أھمیة كبرى لھذه الملفات، لولا الضغطين الأوروبي والإقلیمي من قبل حلفاء الولایات المتحدة في الشرق الأوسط.

مع كل ما كشفته التسریبات الأخیرة لوزیر الخارجیة الإیراني جواد ظریف عن تحكم العسكریین في الدبلوماسیة الإیرانیة، فإن السیاسة الأوروبیة ستكون أقل ثقة في التعاطي مع إیران في الفترة المقبلة، حتى لو وصل إلى السلطة رئیس لا ینتمي المتشددین، ولذلك ستتغیر السیاسة الأوروبیة المستقبلیة مع إیران بشكل أو بآخر.