غزة (الاراضي الفلسطينية): بدأت الحياة تعود ببطء إلى وضع شبه طبيعي صباح السبت في قطاع غزة، مع إعادة المقاهي فتح أبوابها وعودة الصيادين إلى البحر، بينما تنتظم المساعدات الإنسانية الطارئة والمناقشات الدبلوماسية الأولى حول إعادة إعمار القطاع الفلسطيني الذي دمره 11 يوماً من النزاع مع إسرائيل.
وما زال رجال الإنقاذ يبحثون عن ناجين في الأنقاض بعدما انتشلوا الجمعة جثث خمسة قتلى وعشرة ناجين من حطام أنفاق تحت الأرض قصفها الجيش الإسرائيلي.
وتسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة بمقتل 248 شخصا، بينهم 66 طفلا ومقاتلون، وفق السلطات في القطاع. بينما قتل 12 شخصا بينهم طفلان وجندي في الجانب الإسرائيلي في صواريخ أطلقت من القطاع، وفق الشرطة الإسرائيلية.
وتلقى الصياد رامي أبو عميرة مكالمة هاتفية من خفر السواحل الفلسطيني تبلّغه بإمكانية العودة الى الصيد قبالة شاطىء غزة، وهي مهنة يعتاش منها كثيرون في القطاع الفقير المحاصر. ولم يصدر أي تأكيد من الجانب الإسرائيلي حول الموضوع.
وأوضح الصياد الذي كان يقوم بتحضير شباكه في ميناء غزة الصغير "سنذهب إلى البحر على الرغم من ذلك. ولكن ليس لمسافة بعيدة. نخاف أن تقوم البحرية الإسرائيلية بإطلاق النار علينا".
وقال لفرانس برس "كل شخص يقرّر إن كان سيخاطر بذلك أم لا. ولكن يجب أن نأكل".
وليل الجمعة السبت، خرجت عائلات في مدينة غزة من منازلها وتوجهت الى المقاهي المطلة على البحر من أجل تدخين الشيشة والحصول على بعض الهواء النقي.
في حي الرمال في غزة، بالقرب من برج مؤلف من عشرة طوابق دمرته غارة إسرائيلية بشكل تام، غطى الغبار المعروضات في المحلات التجارية.
وقال بائع الملابس بلال منصور (29 عاما) "هناك غبار في كل مكان. غبار القنابل الإسرائيلية الذي غطّى الملابس كليا. لن نتمكن من بيع هذه البضائع".
في متجر آخر قريب، وقف وائل الشرفا يتفقد الأضرار في محله المليء بشظايا الزجاج. وقال بحسرة "ضاع كل شيء (...). خسرت نحو 250 ألف دولار من البضائع. من سيدفع ثمن كل هذا؟ من؟".
وبالنسبة لأحمد الخطيب الذي دخل متجره للمرة الأولى منذ العاشر من أيار/مايو، تاريخ بدء التصعيد، تضاعفت الخسائر بسبب عدم البيع خلال موسم عيد الفطر.
وأضاف "للأسف، فقدنا موسم العيد وفقدنا البضائع وكل شيء تدمر. حتى المحلات المجاورة لنا تضررت. نحمد الله أننا ما زلنا على قيد الحياة".
ويبقى وقف إطلاق النار الذي أعلنه الطرفان مساء الخميس بعد رابع نزاع عسكري بينهما منذ 2008، هشا.
ومنذ إعلانه مساء الخميس، أعلن كل من الطرفين "انتصاره".
فقد أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده "حققت أهدافها من العملية" في قطاع غزة، مؤكداً أنه "نجاح استثنائي". وأضاف "اكثر من مئتي إرهابي بينهم 25 من الكوادر" قُتلوا خلال الهجوم على القطاع الفلسطيني الذي تسيطر عليه حماس منذ 2007 ويعيش فيه نحو مليوني فلسطيني.
في المقابل، تحدثت حركة حماس عن "انتصار تاريخي". وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية "نعتبر هذه المعركة قفزة نوعية بتاريخ الصراع ونقطة تحول كبيرة جدا، سيقرأها كل صناع القرار بداخل العدو".
ذكرت وسائل إعلام مصرية رسمية أن وفدين مصريين وصلا إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية "لمراقبة" الالتزام بوقف إطلاق النار.
وتمكنت قوافل من المساعدات الإنسانية الطارئة من دخول غزة الجمعة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري إنه تلقى اتصالا من نظيره الإسرائيلي غابي أشكينازي بحثا خلاله في الإجراءات الكفيلة بتسهيل عملية إعادة إعمار غزة.
ويشكل موضوع إعادة الإعمار في القطاع الذي تحكمه حماس أحد محاور الجهود الدبلوماسية الأميركية، إذ إن حماس مدرجة على لوائح المنظمات الإرهابية في إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض الجمعة إنه يعتزم تأمين مساعدة مالية "كبيرة" بالتعاون مع الأسرة الدولية "لإعادة إعمار غزة"، لكن "من دون إعطاء حماس الفرصة لإعادة بناء نظام أسلحتها".
وجدّد بايدن التأكيد على ضرورة إيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي يشمل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب الدولة العبرية.
وقال "إنه الحل الوحيد الممكن".
ويتوقع أن يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط "خلال الأيام المقبلة".
والمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية معلقة منذ 2014، بعد أن تعثرت حول قضايا عدة بينها وضع القدس الشرقية والاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
واندلع النزاع الأخير بعد إطلاق حماس صواريخ في اتجاه الدولة العبرية تضامناً مع الفلسطينيين الذين كانوا يخوضون منذ أيام مواجهات مع الإسرائيليين في القدس الشرقية وباحات المسجد الأقصى، ما تسبّب بإصابة أكثر من 900 منهم بجروح. وجاءت تلك المواجهات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود.
ووقعت صدامات جديدة الجمعة بين المصلين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية التي تحتلها الدولة العبرية منذ 1967.
التعليقات