باماكو: سُمح لوسطاء من مجموعة دول غرب إفريقيا بأن يلتقوا الأربعاء برئيس ورئيس الحكومة في مالي الموقوفَين، حسبما أعلن مصدر قريب من الوساطة، وذلك بعد إعلان الجيش تجريدهما من صلاحياتهما.

أثار توقيف الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان، الموكلان مهمة إعادة البلاد إلى حكم مدني بعد انقلاب في أغسطس الماضي، تنديدا دوليا والتهديد بفرض عقوبات.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مغلقة في وقت لاحق الأربعاء بطلب من فرنسا ودول أخرى، في وقت شبه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحداث الأخيرة بانقلاب ثان.

ووصل وسطاء أوفدتهم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) إلى العاصمة المالية الثلاثاء، وحصلوا على "الضوء الأخضر" من الكولونيل اسيمي غويتا الرجل القوي في السلطة للقاء نداو ووان، بحسب مصدر قريب من الوساطة.

وقال أحد أعضاء الوفد الذي يترأسه غودلاك جوناثان الرئيس النيجيري السابق، لوكالة فرانس برس "نحن هنا لمساعدة أشقائنا الماليين على إيجاد حل للأزمة لكن من الواضح أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا يمكن أن تعلن بسرعة، في قمة مقبلة، فرض عقوبات".

وماكرون الذي تسهم بلاده بأكثر من 5 آلاف جندي في عمليات مكافحة الجهاديين في منطقة الساحل، دان اعتقال نداو ووان معتبرا ذلك "انقلابا داخل انقلاب وهو مرفوض".

وقال بعد قمة للاتحاد الأوروبي "نحن مستعدون في الساعات المقبلة، في حال لم يتمّ توضيح الوضع، لفرض عقوبات محددة الهدف" بحق الأطراف المعنيين.

الإثنين نددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيكواس والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك نادر من نوعه، بتوقيف الرجلين وطالبت بإطلاق سراحهما.

وتكرر هذا المطلب الثلاثاء على لسان بريطانيا وألمانيا. وقال مسؤول عسكري مالي كبير طالبا عدم نشر اسمه إن نداو ووان نُقلا إلى معسكر كاتي قرب باماكو "وهما بخير".

وأضاف "أمضيا الليلة في ظروف جيدة. الرئيس التقى طبيبه". وصرح احد أعضاء حكومة غويتا طالبا عدم كشف هويته "شرحنا أسباب" إقصاء الرجلين مشددا على أن الانتخابات ستجرى العام المقبل. وأضاف أن اجتماعات أخرى ستعقد مع وفد إيكواس.

أطاح ضباط الجيش بالرئيس السابق بوبكر كيتا في أغسطس الماضي بعد أسابيع من احتجاجات اتهم فيها المتظاهرون الحكومة بالفساد ونددوا بطريقة أدارتها التصدي للتمرد الجهادي.

وهددت إيكواس التي تضم 15 دولة من غرب إفريقيا، بفرض عقوبات ما دفع بقادة الانقلاب لتسليم المهام إلى حكومة انتقالية تعهدت إصلاح الدستور.

وكان نداو ووان يترأسان تلك الحكومة الانتقالية بهدف معلن هو استعادة الحكم المدني الكامل في غضون 18 شهرا.

لكن برزت مؤخرا مؤشرات على استياء لدى الرأي العام، مع مطالبة حركة "إم 5" المعارضة بهيئة "أكثر شرعية".

في 14 مايو قالت الحكومة إنها ستعيّن حكومة جديدة ذات "قاعدة واسعة".

ورغم أن التغيير تقرر للرد على انتقادات متزايدة، أبقت التعديلات على حقائب مهمة بيد الجيش كان يسيطر عليها في الإدارة السابقة.

لكن اثنين من قادة الانقلاب هما وزير الدفاع السابق ساديو كامارا ووزير الأمن السابق الكولونيل موديبو كوني، استبعدا من منصبيهما ما دفع بالضباط لاعتقال الرئيس ورئيس الوزراء.

اتهم غويتا الذي يتولى منصب نائب الرئيس في الحكومة الانتقالية، كلًا من نداو ووان بعدم التشاور معه في التعديل الوزاري.

وقال إن "هذا الاجراء يدل على إرادة واضحة لرئيس المرحلة الانتقالية ورئيس الوزراء بانتهاك الميثاق الانتقالي ...، حيث ثبت وجود نية لتخريب العملية الانتقالية".

ويُعد الميثاق الذي أعده إلى حد كبير العسكريون نصا مرجعيا للانتقال الذي من المقرر أن يعيد السلطة إلى المدنيين.

واضاف غويتا بأن "الانتخابات المزمع إجراؤها، ستنظم خلال العام 2022".

لكن كثيرين يشككون في إرادة الحكومة التي يهيمن عليها الجيش، أو قدرتها، على القيام بإصلاحات في فترة زمنية قصيرة.

وقال عالم الاجتماع بريما ايلي ديكو "ما نشهده اليوم هو النتيجة المنطقية لأخطاء حصلت في بداية الفترة الانتقالية" عندما استبعد العسكريون المجتمع المدني عند تشكيل الحكومة الحديدة.

في شوارع باماكو عادت الحياة على ما يبدو إلى طبيعتها الثلاثاء رغم الاطاحة بنداو ووان، والعديد من الناس الذين تحدثت إليهم وكالة فرانس برس عبروا عن الرضوخ للأمر.

وهاجم أحد نشطاء المجتمع المدني ويدعى تاهيرو باه "العسكريين الانقلابيين (الذين) ... قاتلوا حتى الموت من أجل السلطة" في وقت "يرزح 80 بالمئة من البلاد تحت سيطرة الإرهابيين ومهربي المخدرات والعصابات من كل نوع".

لكن العديد من الناس، كما قال، يركزون ببساطة على الحياة اليومية، "إن ما يشغل كثير من الماليين هو البقاء على قيد الحياة".