باريس: من المواجهة القطبية إلى "البدايات الجديدة"، في ما يأتي بعض القمم خلال أربعة عقود من العلاقات المتقلبة بين الرؤساء الأميركيين والروس:

في أيلول/سبتمبر 1959، قام نيكيتا خروتشوف وبدعوة من الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور، بأول زيارة للولايات المتحدة لأمين عام للحزب الشيوعي السوفياتي.

قام "السيد خ" الذي جاء مع عائلته، بسلسلة من الرحلات تنقل خلالها من حقول الذرة في ولاية آيوا إلى شمس كاليفورنيا حيث هرع كل نجوم هوليود وعلى رأسهم مارلين مونرو وإليزابيث تايلور إلى مأدبة غداء أقيمت على شرفه دعي إليها 400 شخص. وأمام المايكروفونات والكاميرات انتقد الزعيم منعه من دخول ديزني لاند..معتبرا أنها إهانة.

في ختام المحادثات في كامب ديفيد المقر الريفي للرؤساء الأميركيين، أكد رئيسا القوتين العظميين رغبتهما في العمل من أجل نزع السلاح وأعلنا استئناف المفاوضات حول وضع برلين التي قسمتها الحرب الباردة إلى شطرين.

في الثالث والرابع من حزيران/يونيو واجه جون فيتزجيرالد كينيدي الرئيس الشاب المنتخب للتو الرئيس المحنك نيكيتا خروتشوف.

خليج الخنازير

وشارك الرئيس الأميركي وقد اضعفه الفشل الذريع الذي منيت به في نيسان/ابريل محاولة غزو كوبا عبر خليج الخنازير بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية.

بعد شهرين، تم تشييد جدار برلين ثم اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر 1962 أزمة الصواريخ التي نشرها الاتحاد السوفياتي في كوبا. بدا العالم على حافة حرب نووية.

وأفضى الفصل الذي انتهى بسحب الصواريخ السوفياتية في 1963 إلى اعتماد "هاتف أحمر" (في ذلك الوقت جهاز تلكس بسيط) ، ليتمكن قادة القوتين العظميين من الاتصال ببعضهما بشكل مباشر.

من 22 إلى 30 أيار/مايو 1972، خيم ظل حرب فيتنام على قمة موسكو التي جمعت بين ريتشارد نيكسون والزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف. كان نيكسون قد أمر قبل أيام من هذه الرحلة الأولى لرئيس أميركي إلى الاتحاد السوفياتي بقصف هانوي بكثافة.

مع ذلك دشن هذا الاجتماع حقبة من "الانفراج" بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بتوقيع معاهدتي الدفاع المضادة للصواريخ (إيه بي ام) و"سالت-1" للأسلحة الاستراتيجية. وأكد بريجنيف ونيكسون حينذاك أن "التعايش السلمي في العصر النووي هو الأساس الوحيد لتنمية العلاقات المتبادلة".

التقى نيكسون وبريجنيف في مناسبتين أخريين في 1973 في واشنطن وفي 1974 في موسكو لتعزيز التفاهم.

وانتهت هذه الحقبة في 1979 مع دخول الدبابات السوفياتية إلى أفغانستان.

ثلاث أزمات

من 19 إلى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1985، جدد رونالد ريغن وميخائيل غورباتشوف الحوار السوفياتي الأميركي في جنيف بعد ست سنوات من الجمود وثلاث أزمات - أفغانستان وبولندا والصواريخ الأوروبية لحلف شمال الأطلسي -.

دفع الزعيم الإصلاحي الجديد لروسيا باتجاه انفراج وأوقف الرئيس الأميركي المحافظ انتقاداته للاتحاد السوفياتي بعدما وصفه بأنه "امبراطورية الشر". وعلى الرغم من المعارضة السوفياتية لبرنامج الدفاع الصاروخي الأميركي "حرب النجوم"، وصف الرئيسان القمة بأنها "بداية جديدة".

وفي كانون الأول/ديسمبر 1987 في واشنطن، توج ثالث أجتماع من أصل أربعة بين ريغن وغورباتشوف بتوقيع اتفاقية تاريخية هي معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى.

في الأول والثاني من شباط/ فبراير 1992 ، استقبل الرئيس الأميركي جورج بوش (الأب) نظيره الروسي بوريس يلتسين "كصديق" في زيارته الأولى للولايات المتحدة منذ تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية 1991.

عقدت القمة التي كان الجزء الأكبر منها غير رسمي في كامب ديفيد. قبيل ذلك، كرس مجلس الأمن الدولي روسيا وريثة للاتحاد السوفياتي.

في حزيران/يونيو كرس رئيسا الدولتين التقارب بينهما ببدء تطبيق اتفاقية لنزع السلاح النووي الاستراتيجي، تهدف إلى تعزيز معاهدة ستارت الأولى.

أصبحت الحرب الباردة طي النسيان والبلدان "على عتبة عالم جديد"، على حد قول الرئيس الأميركي.

خلافات كثيرة

بين وصول الديموقراطي بيل كلينتون إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير 1993 واستقالة بوريس يلتسين من الكرملين في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999، بنى الرئيسان بعيدا عن الخلافات الكثيرة، علاقات وثيقة نسجت خلال ثماني قمم أميركية روسية.

وما يدل على ذلك هو مشهد في 23 تشرين الأول/أكتوبر 1995 في ختام قمة هايد بارك بالقرب من نيويورك. لم تسمح المباحثات بتحقيق أي اختراق في القضايا الخلافية الراهنة - الحرب في الشيشان أو قصف الحلف الأطلسي في البوسنة - لكن يلتسين أراد أن يظهر أن هذه القمة أحبطت أسوأ التوقعات.

وقال بصوت عال للصحافيين "قلتم أن اجتماعنا سيكون كارثة، لكنني أقول لكم أنتم من تعرضتم للكارثة". وأطلق كلينتون بعد ذلك ضحكة مدوية أمام ناظري الرئيس الروسي الذي بدا سعيدا بتأثير تصريحه.