طهران: أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم السبت، أن الانتخابات التي أجريت الجمعة أفضت الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية من الدورة الأولى، بينما تلقى المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي تهنئة منافسيه الثلاثة في انتظار النتائج الرسمية.

وكان رئيسي (60 عاما) الذي يتولى رئاسة السلطة القضائية منذ 2019، الأوفر حظا للفوز بالانتخابات التي أتت في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية ورافقتها تساؤلات عن نسبة المشاركة.

روحاني يُهنِّئ الشعب على خياره

وأكد روحاني أن خلفه تم انتخابه، من دون أن يكشف الاسم في انتظار إعلان النتائج من وزارة الداخلية.

وقال في كلمة متلفزة "أهنئ الشعب على خياره (...) سأوجه تهاني الرسمية لاحقا، لكننا نعرف أن ما يكفي من الأصوات توافرت في هذه الانتخابات، و(ثمة) من تمّ انتخابه من قبل الشعب".

لكن ما لم يكشفه روحاني، تكفّلت به بيانات تهنئة من المنافسين لرئيسي.

وسائل التواصل تكشف عن الفائز

ففي منشورات عبر مواقع التواصل أو بيانات أوردتها وسائل إعلام إيرانية، هنّأ المرشحان المحافظان المتشددان محسن رضائي وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، إضافة الى الإصلاحي عبد الناصر همتي، رئيسي على "فوزه" بالانتخابات.

ويتوقع أن تعلن النتائج بحلول الظهر (07,30 ت غ)، بعدما بدأ فرز الأصوات فجر السبت بعيد إقفال صناديق الاقتراع في ختام عملية تصويت امتدت 19 ساعة.

ودعي أكثر من 59 مليون إيراني إلى التصويت اعتبارا من الساعة السابعة صباح الجمعة. وأغلقت المراكز عند الثانية السبت (21,30 ت غ الجمعة)، بعد تمديد مهلة الاقتراع ساعتين.

وخاض السباق أربعة من المرشحين السبعة الذين صادق مجلس صيانة الدستور على ترشيحاتهم بينما انسحب الثلاثة الآخرون قبل الاقتراع. وتعرض المجلس لانتقادات على خلفية استبعاده شخصيات بارزة، ما أثار امكان حصول امتناع واسع عن التصويت.

وفي غياب منافس جدّي، كان رئيسي الأوفر حظا للفوز بولاية من أربعة أعوام خلفا للمعتدل روحاني الذي لا يحق له الترشح هذه المرة بعدما شغل منصب رئيس الجمهورية لولايتين متتاليتين.

التيار المحافظ يُمسك مفاصل هيئات الحكم في البلاد
ويتوقع أن يعزز فوز رئيسي إمساك التيار المحافظ بمفاصل هيئات الحكم، بعد فوزه العريض في الانتخابات التشريعية العام الماضي.

وكان حجة الإسلام رئيسي، رجل الدين الذي يعد مقربا من المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي، يخوض الانتخابات للمرة الثانية تواليا، وهو حصد 38 بالمئة من الأصوات في 2017.

تولى مناصب عدّة على مدى عقود، خصوصاً في السلطة القضائية، وكان سادن العتبة الرضوية في مسقطه مدينة مشهد المقدسة (شمال شرق).

كذلك، تطرح وسائل إعلام إيرانية اسمه كخلف محتمل للمرشد.

وبعدما حسمت عمليا نتيجة التصويت، تبقى نسبة الاقتراع موضع ترقب، علما بأن أدنى مشاركة في انتخابات رئاسية بلغت 50,6 بالمئة (عام 1993).

وقبل يوم الاقتراع، رجحت استطلاعات رأي ووسائل إعلام محلية أن تكون نسبة المشاركة بحدود 40 بالمئة.

ولم تصدر أي أرقام رسمية بعد، بينما توقعت وكالة "فارس" التي تعد قريبة من المحافظين المتشددين ("الأصوليين")، الجمعة تجاوز النسبة 50 بالمئة.

وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة قبل أربعة أعوام 73 بالمئة، في حين شهدت الانتخابات التشريعية في شباط/فبراير 2020، نسبة امتناع قياسية بلغت 57 بالمئة.

خامئني بدعو للمشاركة الكثيفة

وكان خامنئي دشّن الاقتراع أمس بتجديد الدعوة الى المشاركة الكثيفة لأن "ما يفعله الشعب الإيراني اليوم، يحدد مصيره ويبني مستقبله لعدة سنوات".

وهو دعا مرارا في الآونة الأخيرة، الى المشاركة بكثافة وتجاهل حملات من معارضين في الخارج وعلى مواقع التواصل، للامتناع عن ذلك.

وفي شوارع العاصمة الجمعة، تفاوتت آراء الناخبين بشأن الاقتراع من عدمه.

وأكدت ممرضة اكتفت بذكر اسم عائلتها (صاحبيان) أنها ستصوت لرئيسي "المرشح الأكثر كفاءة".

موقف مماثل أبدته زهراء فرهاني، ربة المنزل التي أكدت عزمها على التصويت لرئيسي بناء على "أدائه" في القضاء.

وتنافس رئيسي مع المتشددَين محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري، والنائب أمير حسين قاضي زاده هاشمي، والإصلاحي عبد الناصر همتي، حاكم المصرف المركزي منذ 2018 حتى ترشحه.

استبعد مجلس صيانة الدستور مرشحين بارزين مثل الرئيس السابق لمجلس الشورى علي لاريجاني، ونائب رئيس الجمهورية اسحاق جهانغيري، ومحمود أحمدي نجاد الذي تولى رئاسة البلاد بين العامين 2005 و2013.

وأعطى استبعاد المجلس أسماء كبيرة خصوصا لاريجاني الذي كان يُتوقع أن يكون أبرز منافس لرئيسي، الانطباع بأن الانتخابات حسمت سلفا.

وبدا ذلك جليا في آراء بعض سكان طهران الجمعة.

وقال النجار حسين أحمدي "الوضع الراهن لا يترك لنا أي خيار آخر سوى الصمت والبقاء في المنزل، على أمل أن يؤدي ذلك الى إسماع أصواتنا".

ويحظى الرئيس بصلاحيات تنفيذية ويشكل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة تعود الى المرشد.

وستطوي الانتخابات عهد روحاني الذي بدأ في 2013 وتخلّله انفتاح نسبي على الغرب توّج بإبرام اتفاق العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي، بعد أعوام من التوتر.

وأتاح الاتفاق رفع عقوبات عن طهران، في مقابل الحدّ من أنشطتها النووية. لكنّ مفاعيله انتهت تقريبا منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على إيران.

استمرار المساعي لإحياء اتفاق فيينا

وتترافق الانتخابات مع مباحثات في فيينا سعياً لإحياء الاتفاق. وأبدى المرشحون تأييدهم أولوية رفع العقوبات والتزامهم بالاتفاق في حال امتثال الولايات المتحدة لموجباته.

وشهدت مدن إيرانية عدة احتجاجات على خلفية اقتصادية في شتاء 2017-2018 وتشرين الثاني/نوفمبر 2019، اعتمدت السلطات الشدّة في قمعها.

وسيكون الوضع المعيشي أولوية للرئيس المقبل، وهو ما شدد عليه خامنئي.

ويربط معارضون في الخارج ومنظمات حقوقية بين رئيسي وحملة إعدامات طالت سجناء ماركسيين ويساريين عام 1988، حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران.

وسبق لرئيسي نفي أي دور له في هذا الملف الذي كان أحد الأسباب المعلنة من قبل وزارة الخزانة الأميركية، لإدراجه على لائحة العقوبات في 2019.