إيلاف من دبي: كان إبراهيم رئيسي، قاضياً غامضاً نسبياً عينه المرشد الأعلى علي خامنئي، كرئيس لمؤسسة دينية مهمة في مدينة مشهد. لكن ذات يوم في مايو 2016، قام اثنان من كبار مسؤولي الأمن في النظام بزيارته.

لم يتم الكشف عن كثير من المعلومات حول ما حدث في ذلك الاجتماع، بين رئيسي، الذي أصبح رئيسا لإيران يوم السبت، واللواء محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري آنذاك، وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي قٌتل في غارة أميركية في مطلع 2020، وفقًا لتقرير نشره موقع "الحرة".

لكن الصور أظهرت الرجلين العسكريين يرتديان الزي المدني وينحنيان أمام رئيسي الذي كان يرتدي عمامة سوداء، والذي كان في ذلك الوقت رئيسًا لمؤسسة الإمام الرضا، هي إحدى المؤسسات الدينية التي تمتلك شركات ضخمة في إيران.

تقول "إندبندنت" البريطانية إن هذه الصور كانت أولى الدلائل على أن المؤسسة الأمنية المتزايدة قوتها في البلاد كانت تهيئ رئيسي، المشرف على إعدام آلاف في 1988 وفق اتهامات منظمات حقوقية، ليصبح رئيسا للبلاد.

بعد عام من ذلك الاجتماع، أعلن رئيسي أمام آلاف من أنصاره المتشددين ترشحه في الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس حسن روحاني، الذي فاز وقتها بأغلبية ساحقة.

يقول رضا حقيقت نجاد، الخبير في السياسة الداخلية الإيرانية المقيم في براغ: "لقد كان حدثًا غريبًا للغاية، لأن رئيس مؤسسة الإمام الرضا هو منصب ديني مهم ولكنه ليس منصبًا سياسيًا مهمًا". وأضاف: "الطريقة التي جلسوا بها مع رئيسي مثل الطريقة التي جلسوا بها مع خامنئي. لم يكن لرئيسي هوية سياسية محددة قبل ذلك. لقد رفعوه".

سيكون رئيسي، البالغ من العمر 60 عامًا، هو الرئيس المقبل لإيران، بعد حصوله على 62 بالمئة من الأصوات في انتخابات شهدت إقبال ضعيف لم يتعدى 48 في المئة.

ويقول الخبير في الشأن الإيراني في مجموعة الأزمات، علي واعظ: "إذا نظرت إلى سجله، ستجد أنه يتمتع بخبرة قليلة جدًا في السياسة الخارجية، وتقريباً لا يتمتع بخبرة حقيقية في الإدارة الاقتصادية الفعالة".

كل هذا أثار تساؤلات حول رئيسي وأوراق اعتماده وما يعنيه انتخابه لإيران وعلاقاتها مع بقية العالم.

يقول أحد المسؤولين الذي يعمل في منظمة حكومية في جنوب إيران: "ربما يكون رئيسي هو أقل رئيس من ناحية الخبرة السياسية شهدته البلاد على الإطلاق". وتابع: "كل الآخرين لديهم نوع من الهوية السياسية المستقلة. لكن ليس لديه شيء. ليس لديه كاريزما، ولا حتى متحدثًا جيدًا. سيكون دمية في يد الحرس الثوري والمرشد الأعلى، الذين يريدون تنفيذ خططهم من خلاله"، على حد قوله.

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه لن يتولى رئيسي منصبه قبل شهر أغسطس، وخلال هذه الفترة قد يتم التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 من خلال المحادثات التي تجري في فيينا. وأشارت إلى أنه حتى إذا استمرت المفاوضات حتى ولاية رئيسي فهناك فرصة جيدة لأن تظل إيران مهتمة بالعودة إلى الصفقة.

لكنها أكدت أنه من المحتمل أن يكون هو وفريقه للسياسة الخارجية أقل اهتمامًا بكثير من أسلافهم في الصفقات اللاحقة بشأن التكنولوجيا النووية والأمن الإقليمي التي تسعى إليها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مما قد يؤدي إلى زيادة توتر العلاقات بين إيران والغرب.

تكهن الكثيرون بأن رئيسي سيتم ترقيته كخليفة محتمل لخامنئي البالغ من العمر 82 عامًا. لكن خامنئي وآخرين قد يرونه مجرد نائب مخلص يمهد الطريق للتغييرات الكبيرة التي يمكن أن تعزز الجمهورية الإسلامية.

ويقول علي فائز، الخبير الإيراني في مجموعة الأزمات: "ما قد يفكر فيه خامنئي هو إصلاحات هيكلية لوضع الأساس لخلافته، والتغييرات التي من شأنها أن تقلل الاحتكاك في النظام وتضعه على أساس أكثر استقرارًا".

وأوضح أنه من بين الأفكار التي يجري النظر فيها، قد يكون التخلص من منصب رئيس منتخب شعبياً يتمتع بمكانة وطنية، والذي يمكنه تحدي المرشد الأعلى.