بيروت: يعتزم المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، تزامناً مع اطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين ومسؤولين أمنيين وعسكريين، بعد انهائه مرحلة الاستماع الى الشهود.

وتسبّب انفجار مروّع في الرابع من آب/أغسطس، وعزته السلطات الى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا اجراءات وقاية، بسقوط أكثر من مئتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة.

وتبيّن أن مسؤولين على مستويات سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكناً.

وحدّد بيطار، وفق ما قال في تصريحات لعدد مقتضب من الصحافيين بينهم مراسل وكالة فرانس برس، موعداً لاستجواب دياب، كمدعى عليه، من دون أن يفصح عنه. كذلك أعلن أنّه وجّه كتاباً الى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن ثلاثة وزراء سابقين هم علي حسن خليل (المال)، غازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) "تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم".

"جناية القصد الاحتمالي"

والتهم التي سيلاحقون عليها هي "جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل" إضافة "إلى جنحة الإهمال والتقصير" لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الامونيوم "ولم يتخذوا اجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار".

وطلب بيطار من نقابة المحامين في بيروت إعطاءه الإذن لملاحقة حسن خليل وزعيتر كونهما محاميين، كما طلب إذناً مماثلاً من نقابة محامي طرابلس لملاحقة وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، كمدع عليه في الجرائم نفسها.

وجرى تعيين بيطار في منصبه في شباط/فبراير الماضي، خلفاً للمحقق العدلي فادي صوان، الذي جرت تنحيته بعد ادعائه في العاشر من كانون الأول/ديسمبر على دياب وثلاثة من الوزراء المذكورين، في خطوة أثارت امتعاضاً سياسياً، ولم يمثل أي منهم أمامه.

وتقدم حينها زعيتر وخليل، المحسوبان على رئيس البرلمان نبيه بري، بمذكرة أمام النيابة العامة التمييزية طلبا فيها نقل الدعوى إلى قاض آخر. واتهما صوان بخرق الدستور بادعائه عليهما، من دون المرور بالبرلمان الذي يمنحهما حصانة دستورية.

وندد حقوقيون بعزل صوان، رغم ملاحظاتهم على أدائه، منتقدين وضع الطبقة السياسية "خطوطاً حمراء" لعمله.

وفي وقت لاحق الجمعة، اصدر حسن خليل وزعيتر بيانا قالا فيه "بعد اطلاعنا من وسائل الإعلام على طلب المحقق العدلي في جريمة المرفأ الإذن من مجلس النواب للإستماع إلينا وفق الأصول، نؤكد إستعدادنا فوراً وقبل صدور الإذن المطلوب للحضور أمامه لإجراء اللازم للمساعدة للوصول للحقيقة وتحديد المسؤوليات في الجريمة".

وفي إطار الاجراءات ايضاً، قال بيطار إنه طلب من وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمّد فهمي الإذن للادعاء على المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم وملاحقته. كذلك تبنّى ادعاء سلفه على قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وطلب من رئاسة الحكومة إعطاء الإذن لملاحقته.

وادعى بيطار كذلك على مسؤولين عسكريين سابقين، بينهم قائد الجيش السابق جان قهوجي. وأحال على النيابة العامة التمييزية كتاباً طلب فيه إجراء المقتضى القانوني في حق عدد من القضاة والشروع بملاحقتهم.

11 شهراً على الانفجار

ولم تسفر التحقيقات في الانفجار عن أي نتيجة معلنة حتى الآن. وكان قد تم توقيف 25 شخصاً على الأقل، بينهم مسؤولون كبار عن إدارة المرفأ وأمنه، أخلى بيطار سبيل عدد منهم، آخرهم الجمعة الرائد في الأمن العام داوود فياض والمهندسة اللبنانية الفرنسية نايلة الحاج.

وأوضح بيطار الشهر الماضي أن التحقيق "يسير على ثلاث فرضيات": اندلاع حريق عن طريق الخطأ أو بشكل متعمد أو "الاستهداف الجوي". لكن تقريراً تسلمه من محققين فرنسيين ساهم في استبعاد إحداها، قالت مصادر قضائية إنها فرضية الاستهداف الجوي.

وينظر التحقيق كذلك في تحديد كيفية وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى المرفأ وأسباب تركها مخزنة لسنوات.

ورفض لبنان إجراء تحقيق دولي في الانفجار، لكن محققين أميركيين وفرنسيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل. وطالبت 53 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ومحلية، فضلاً عن 62 شخصاً من الناجين وعائلات الضحايا، منتصف الشهر الماضي، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بـ"إنشاء بعثة تحقيق دولية ومستقلة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصي الحقائق لمدة سنة".

وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أنها وثقت "عيوب عدة في التحقيق المحلي ما يجعله غير قادر على إحقاق العدالة بمصداقية"، بينها "التدخل السياسي السافر، والحصانة للمسؤولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة".