تيزي وزو: تواصل فرق الحماية المدنية الجزائريّة مدعومة بقوات الجيش ومتطوّعين، إخماد حرائق الغابات التي اجتاحت شمال البلاد خصوصًا منطقة القبائل حيث تسبّبت في وفاة 42 شخصًا بينهم 25 عسكريًّا.

وقال المتحدّث باسم الحماية المدنيّة النقيب نسيم برناوي لتلفزيون "الشروق" صباح الأربعاء أنّ "عدد الحرائق التي لا تزال مشتعلة يبلغ 69 في 17 ولاية، منها 24 حريقًا في تيزي وزو وحدها".

وحذّر من أنّ "الرياح التي تهبّ حاليًّا يمكن أن تزيد من إنتشار الحرائق".

وشاهد مصوّر في وكالة فرنس برس صباح الأربعاء طائرتين مروحيّتين تابعتين للجيش تقومان بنقل المياه من سدّ تقسبت بتيزي وزو للمساهمة في إخماد الحرائق.

حرائق مفتعلة

واندلعت الحرائق التي تقول السلطات أنّها "مفتعلة" الإثنين في منطقة القبائل في شمال شرق الجزائر، ثم اجتاحت كل المناطق الساحليّة بشمال وسط وشرق البلاد، وصولًا إلى ولاية الطارف الحدوديّة مع تونس التي شهدت بدورها إندلاع بعض الحرائق.

في تيزي وزو وحدها، ما زال رجال الإطفاء مدعومين بقوّات الجيش على الأرض وبالمروحيات يعملون على إخماد 23 حريقًا اندلعت منذ الإثنين في المنطقة الكثيفة بالسكان والمعروفة بجبالها وغاباتها، وفق ما أفاد مدير الغابات في ولاية تيزي وزو يوسف ولد محمد وسائل إعلام محليّة الأربعاء.

في دائرة الأربعاء ناث إيراثن التي تقع ضمن الولاية وتضمّ عددًا من البلدات والقرى، اضطرّ السكان إلى مغادرة منازلهم بعدما حاصرتها النيران، وهم لا يحملون سوى أمتعة خفيفة ووثائقهم المهمّة.

وقال عبد الحميد، التاجر في قرية بني يني، في اتصال هاتفي مع وكالة فرنس برس، أنّه ترك كل ما يملك في قريته وهرب مع زوجته وثلاثة من أبنائه إلى مدينة تيزي وزو.

وأضاف "من حسن حظي أنّني أملك شقة في وسط المدينة لجأت إليها مع أسرتي وآويت معي أحد جيراني".

وذكر ولد محمد أنّ "الطرق نحو هذه القرى مغلقة والوضع خطير جدًّا".

النيران تحاصر مستشفى

وكان مراسل لوكالة فرنس برس شاهد الثلاثاء وصول النيران إلى مستشفى الأربعاء ناث إيراثن المليء بالمرضى وبينهم مصابون بكوفيد-19. وسارع نحو 100 إطفائي وجندي إلى إطفاء الحريق لمنع إحتراق المستشفى.

وبدأت فرق الإنقاذ بإخراج الأطفال نحو مكان آمن، خصوصًا مع التخوف من إنفجار خزان الأكسجين.

وكتبت الحماية المدنية عبر صفحتها على "فيسبوك" مساء الثلاثاء "تمكّنا من إخماد الحريق الذي اندلع في محيط المستشفى بفضل تجنّد المواطنين والأطباء والممرضين".

مساعدات للهاربين

وفتح مواطنون بيوتهم لاستقبال الهاربين من النيران، وفق رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمان الذي أعلن أيضًا تسخير "كل الفنادق حتى الخاصة منها وكذا الإقامات الجامعية" من أجل إيواء المنكوبين.

ومنذ صباح الثلاثاء بدأت دعوات تنظيم قوافل لمساعدة سكان قرى تيزي وزو، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لجمع المواد الغذائية والأدوية ووسائل نقل المياه وللمساعدة في إخماد الحرائق.

وانطلقت من العاصمة شاحنات تنقل مواد تبرّع بها مواطنون وتجار، وكذلك سيارات مواطنين حمّلوها خاصة بمياه الشرب وحليب الأطفال والحفاظات، وفق ما نقل مراسل لفرانس برس.

ونشرت صفحة "أطباء" على "فيسبوك" نداء للتطوّع من أجل الإنتقال إلى مستشفى تيزي وزو للمساعدة في علاج المصابين، مشيرة إلى أنّ العاملين في المستشفى مرهقون أصلًا بسبب إرتفاع عدد الإصابات بكوفيد-19.

كما أعلنت وزارة الصحة تخصيص أماكن إضافية للمصابين بحروق خطيرة في المستشفيَين المتخصّصَين بالعاصمة.

ضحايا موجة الحرّ الشديد

وتوقّعت مصالح الأرصاد الجويّة استمرار موجة الحر الشديد التي لا تساعد في كبح الحرائق إلى يوم 15 آب/ أغسطس، وأن تصل درجات الحرارة إلى 46 درجة.

وقضى 42 شخصًا على الأقل هم 17 مدنيًّا و25 عسكريًّا في الحرائق. وشهدت تيزي وزو أكبر الخسائر البشريّة.

وكتب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على حسابه الرسمي على "تويتر"، أنّهم قتلوا "بعد أن نجحوا في إنقاذ أكثر من مئة مواطن من النيران الملتهبة بجبال بجاية وتيزي وزو".

وأعلنت الإذاعة الجزائرية العامة الثلاثاء توقيف ثلاثة من "مشعلي حرائق" في مدينة المدية (شمال)، فيما أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية توقيف رابع في عنابة.

وتضمّ الجزائر، وهي أكبر دولة إفريقية، 4,1 ملايين هكتار من الغابات فقط مع نسبة إعادة تشجير متدنّية بلغت 1,76%.

وتشهد البلاد حرائق غابات سنويًّا، وقد أتت النيران العام 2020 على حوالى 44 ألف هكتار.