كابول: تعهّد الرئيس الأفغاني أشرف غني السبت بـ"إعادة تعبئة" القوات الحكومية، فيما تواصل حركة طالبان تقدمها باتجاه مشارف كابول، حيث يبدي سكان مخاوفهم مما قد تحمله الأيام المقبلة على وقع التقدم السريع للمتمردين.
وفي إطار مهمة لإجلاء الرعايا، وصل أوائل عناصر مشاة البحرية الأميركية إلى مطار كابول، إحدى المدن القليلة التي لا تزال بيَد القوات الحكومية بعد سيطرة طالبان على قندهار، ثاني أكبر مدينة في أفغانستان.
وقال غني "إعادة تعبئة قواتنا الأمنية والدفاعية على رأس أولوياتنا". وأفاد عن بدء مشاورات، قال إنها "تتقدم بسرعة" داخل الحكومة مع المسؤولين السياسيين والشركاء الدوليين لإيجاد "حل سياسي يضمن توفير السلام والاستقرار للشعب الأفغاني".
وفد للتفاوض
وأعلن القصر الجمهوري في المساء أن "الحكومة ستشكل وفدا قريبا وسيكون جاهزا للتفاوض".
وبات الوضع الميداني حرجاً للغاية بالنسبة الى الحكومة، إذ تمكنت طالبان خلال ثمانية أيام من السيطرة على معظم الشمال والغرب وجنوب أفغانستان، أي حوالى نصف عواصم الولايات الأفغانية. وباتت بعد سيطرتها الجمعة على مدينة بولي علم، عاصمة ولاية لوغار، على بعد 50 كيلومترا فقط إلى الجنوب من كابول.
ولا يبدو أن الحركة ستبطئ زحفها. فقد سيطرت السبت على ولاية كونار في الشرق وصار بامكانها أن تتقدم نحو كابول من الشمال والجنوب والشرق.
وتدور معارك عنيفة السبت حول مزار شريف عاصمة ولاية بلخ حيث شن الجيش الأفغاني غارات جوية جديدة. هذا المفترق التجاري هو المدينة الرئيسية الوحيدة في شمال البلاد التي لم تسيطر عليها حركة طالبان بعد.
وكابول ومزار شريف وجلال أباد في الشرق وغارديز وخوست (جنوب شرق) هي المدن الكبرى الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة.
ويسيطر الخوف على سكان كابول وعشرات آلاف الأشخاص الذين لجأوا إليها بعد الفرار من منازلهم في الأسابيع الأخيرة.
وقالت مزدة (35 عاما) التي وصلت إلى العاصمة مع شقيقتها من ولاية بروان شمالا، لوكالة فرانس برس "أبكي ليل نهار عندما أرى طالبان تجبر الفتيات الصغيرات على الزواج من مقاتليها. ... رفضت عروض زواج في الماضي ... إذا أجبرني (مقاتلو) طالبان على الزواج منهم فسأنتحر".
من جهته، قال داود هوتاك (28 عاما) وهو تاجر من كابول إنه "قلق بشأن مستقبل" شقيقاته الصغيرات ولا يعرف "ماذا سيحدث لهن. ... إذا ساء الوضع حقًا سنغادر أفغانستان مرة أخرى كما فعلنا مطلع تسعينات" القرن الماضي.
يخشى كثير من الأفغان وخصوصا النساء، الذين اعتادوا على الحرية التي تمتعوا بها في السنوات العشرين الماضية، عودة طالبان إلى السلطة.
فعندما حكمت البلاد بين 1996 و2001 قبل أن يطردها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة من السلطة، فرضت طالبان رؤيتها المتطرفة للشريعة الإسلامية. فمُنعت النساء من الخروج بدون محرم ومن العمل. كما مُنعت الفتيات من الذهاب إلى المدرسة. وتعرضت النساء المتهمات بجرائم مثل الزنا، للجلد والرجم.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه يشعر "بقلق عميق" إزاء روايات عن سوء معاملة النساء في مناطق استولت عليها حركة طالبان.
وقال غوتيريش "من المروع والمحزن أن نرى تقارير تشير إلى هدر حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات التي تم الحصول عليها بشق الأنفس".
وتحلق مروحيات ذهابا وإيابا في كابول السبت بين المطار الدولي والمجمع الدبلوماسي الأميركي الواسع في المنطقة الخضراء التي تخضع لإجراءات حماية مشددة، بعد 46 عاما على إجلاء مروحيات الأميركيين من سايغون في نهاية حرب فيتنام
ووصلت كتيبة أولى من مشاة البحرية الأميركية إلى العاصمة حيث سيكون دورها تأمين إجلاء الدبلوماسيين والأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة ممن يخشون أعمالا انتقامية تنفذها طالبان.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة إن الولايات المتحدة تعتزم إجلاء "آلاف الأشخاص يوميا"، لذلك سينشر البنتاغون قبل نهاية عطلة نهاية الأسبوع ثلاثة آلاف جندي في مطار العاصمة الأفغانية.
إتلاف الوثائق
تلقى موظفو السفارة الأميركية أوامر بإتلاف أو إحراق الوثائق الحساسة والرموز التي يمكن أن تستخدمها طالبان "لأغراض دعائية".
وأعلنت لندن في الوقت نفسه إعادة نشر 600 جندي لمساعدة البريطانيين على المغادرة.
كما أفادت دول أوروبية هي بريطانيا وألمانيا والدنمارك وإسبانيا، الجمعة عن تقليص وجودها في أفغانستان إلى الحد الأدنى. وأعلنت برامج لنقل موظفيها الأفغان.
وفضلت بلدان أخرى بينها النروج والدنمارك إغلاق سفاراتها موقتا، بينما قالت سويسرا، التي ليس لديها سفارة هناك، إنها قررت سحب بعض الموظفين السويسريين ونحو أربعين موظفا محليا. كما أعربت ايطاليا عن جهوزها لاجلاء دبلوماسييها ورعاياها "سريعاً" من كابول.
على الرغم من جهود سريعة لإجلاء الرعايا، تصر إدارة بايدن على أن سيطرة طالبان على البلاد بأكملها ليست حتمية. وقال المتحدث باسم البنتاغون الجمعة إن "كابول لا تواجه حاليا تهديدا وشيكا" لكنه أقر بأن مقاتلي طالبان "يحاولون عزل" المدينة.
سيطرة طالبان
وتسارعت وتيرة هجوم طالبان في الأيام الأخيرة مع استيلاء مقاتلي الحركة على هرات في الغرب ثم بعد ساعات فقط على قندهار في الجنوب.
وقال عبد النافع من سكان قندهار لفرانس برس إن المدينة هادئة بعدما تخلت عنها القوات الحكومية التي لجأت إلى منشآت عسكرية خارجها حيث كانت تتفاوض على شروط الاستسلام. وأضاف "خرجت هذا الصباح ورأيت رايات طالبان البيضاء في معظم ساحات المدينة".
وتشيد حسابات مؤيدة لطالبان على وسائل التواصل الاجتماعي بالغنائم الهائلة للحرب التي استولى عليها المتمردون، ونشرت صورا لآليات مدرعة وأسلحة ثقيلة وحتى طائرة بدون طيار استولى عليها مقاتلو الحركة في قواعد عسكرية مهجورة.
التعليقات