باريس: لن تمنح حركة طالبان التي باتت على مشارف كابول "دعما مطلقا" لـ"القاعدة" لكنّها لن تتوانى عن حماية التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن، وفق ما أوضح الأحد لوكالة فرانس برس خبير الشؤون الجهادية وأستاذ العلوم السياسية في باريس جان بيار فيليو.

سؤال: كيف يمكن تفسير الانهيار المفاجئ للجيش الذي درّبته الولايات المتحدة وجهّزته لفترات طويلة؟

جواب: الانهيار المفاجئ يمكن تفسيره بأن قسما من هذا الجيش لم يكن موجودا إلا على الورق، ما مكّن مسؤولين فاسدين من تلقي أموال عن هذه الوحدات الوهمية.

فقد انهار "جيش وهمي" من هذا النوع خلال أيام في العام 2014 في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل وفي شمال العراق. لكن الولايات المتحدة ظلّت تعتقد أو تظاهرات بالاعتقاد أنها تبني "جيشا وطنيا"، في العراق كما في أفغانستان.

سؤال: شُنّت الحرب في أفغانستان من أجل حرمان القاعدة من ملاذ كانت تخطط فيه لعملياتها في الخارج. ما مصير هذه الحرب؟ هل ستسحب طالبان البساط من تحت أقدام القاعدة؟

جواب: طالبان في العام 2021 غير طالبان العام 2001، والسبب ليس "اعتدال" عقيدتهم الدينية الظلامية، بل عزمهم على عدم تكرار الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبوه بدعمهم المطلق للقاعدة والذي كلّفهم حينها الإطاحة من السلطة.

سيواصل سراج الدين حقّاني الذي يعد الرجل الثاني أو الثالث في التراتبية المبهمة لطالبان توفير الحماية لكوادر القاعدة التي يتزعّمها أيمن الظواهري منذ العام 2011، على غرار ما فعل والده جلال الدين حقاني مع بن لادن. لكن أي هجمات مستقبلية سيتم تبنّيها من باكستان، من أجل تجنيب حكم طالبان في أفغانستان المخاطر.

سؤال: هل يمكن أن تغري التطوّرات تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان لاستئناف المفاوضات مع طالبان ولإحداث تغيير في العلاقات المتدهورة بين الحركة والتنظيم؟

جواب: أسس منشقّون عن طالبان "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان" الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية في العام 2015. الحركة لن تغفر لهم خيانتهم وستواصل الأعمال العدائية الحالية وصولا إلى سحق هذا التنظيم الجهادي. ستسلّط طالبان من دون أدنى شك الضوء على قمعهم لتنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان لضمان الدعم الغربي.

سؤال: هل سيكون أمن الغرب أكثر عرضة للخطر اليوم مما كان عليه في السابق؟ هل ستتحول دول حلف شمال الأطلسي مجددا إلى أهداف سواء على أراضيها أو عبر مصالحها في الخارج؟

جواب: في هذه المرحلة، إنها مأساة تطاول النساء والرجال في أفغانستان. لقد لعب طالبان بقوة ورقة الانتماء القومي، مما سرّع انهيار الجيش الذي ألصقوا به صفة التبعية للولايات المتحدة. وهم حاليا مصمّمون على الاستفادة من عودته المظفّرة وباتوا على مشارف السلطة، وقد تكون السلطة غدا بيدهم. لكن جهادهم يتوقّف عند حدود أفغانستان، وهو ما أكدّوه مرارا عندما سيطروا على مراكز حدودية مع الدول المجاورة.

سؤال: هل نشهد عالميا تحوّلا على صعيد الحرب على الحركات الجهادية العابرة للحدود؟

جواب: بالتأكيد حان الوقت بعد مرور عشرين عاما على "الحرب على الإرهاب" لاستخلاص العبر من انتصارات مفترضة لم تدم. كلفة التدخّل الأميركي في أفغانستان المقدّرة بألفي مليار دولار باهظة وبمثابة فضيحة. فكلفة كهذه بغالبيتها إنفاق عسكري لم تحل دون العودة الخاطفة لطالبان، ومن المفترض أن يدفع هذا الأمر إلى رصد حصة وازنة، لا رمزية، من الإنفاق على العمليات المدنية. أذكّر على سبيل المثال بأن مدينة الرقة السورية، مهد تنظيم الدولة الإسلامية والتي تم تحريرها في تشرين الأول/أكتوبر 2017، لا تزال بانتظار إعادة الإعمار.

مقابلة أجراها ديدييه لوراس.