برلين: مع رحيل أنغيلا ميركل المقرر عن السلطة، سيفقد اليمين المتطرف الألماني الهدف الرئيسي الذي كان يصب عليه غضبه وسيكون عليه تجديد ترسانته السياسية.

رغم ان استطلاعات الرأي تتوقع نتيجة سيئة لحزب "البديل من أجل ألمانيا" في الانتخابات التشريعية، إلا أن هذه الحركة باتت مترسخة بقوة في المشهد السياسي.

وشعار "ميركل يجب ان ترحل" الذي كان يكرره هذا الحزب المناهض للهجرة والمؤسسات، سيحل محله مع مغادرة المستشارة مهامها لتبدأ التقاعد، غضب أكثر انتشارا ومتعدد الأشكال.

يقول أبرز مرشحي الحزب في الانتخابات التشريعية المرتقبة في 26 أيلول/سبتمبر تينو شروبالا لوكالة فرانس برس إن "رحيل المستشارة أمر جيد في الوقت الحالي لأنه يخلق مجالا للتغيير".

وأضاف أن "نتائج عهد ميركل ستلقي بثقلها على ألمانيا لفترة طويلة. ... أنغيلا ميركل ستبقى أسوأ (مستشارة) في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية".

فتح الحدود أمام اللاجئين

فهذا الحزب يحملها مسؤولية "الهجرة الجماعية غير الشرعية" بعد قرارها في 2015 فتح الحدود أمام اللاجئين الفارين من سوريا والعراق، ويتهمها بالقيام ب"انتقال مكلف للطاقة" بعدما قررت في 2011 التخلي تدريجيا عن الطاقة النووية أو حتى ب"عمليات تعويم أبدية لليورو" في دول جنوب أوروبا.

هذه الاستراتيجية المناهضة لميركل، أتاحت لحزب "البديل من أجل ألمانيا" عام 2017 أن يدخل بقوة الى مجلس النواب ليصبح أكبر قوة معارضة مع 12,6% من الأصوات.

فالحزب الذي تأسس عام 2013 بناء على نهج مناهض لليورو، تقدم في استطلاعات الرأي على أساس نهج مناهض للاجانب والاسلام لا سيما في شرق البلاد الذي يعتبر أكثر حرمانا.

لكن هذه الاستراتيجية استنفدت. لم يحصل الحزب سوى على 11% من النقاط في استطلاعات الرأي الأخيرة وهو يسعى الى تجديد نفسه.

وقال شروبالا "فترة التركيز على شخصية ما انتهت الآن، يجب ان نهاجم البرنامج السياسي للعولمة، حتى وإن لم يحمل اسما".

يضيف كريستوف برنت زعيم المجموعة الصغيرة "زوكونفت هيمات" (مستقبل وطن)، "ميركل كشخص ليس هناك اهتمام كبير بها إنما هي تجسد نظاما، سنستبدل سريعا شعار 'ميركل يجب أن ترحل' بشعار 'لاشيت يجب أن يرحل' او 'شولتز يجب أن يرحل' أو 'بيربوك يجب أن ترحل'" في إشارة الى المرشحين الأوفر حظا لخلافة ميركل، الاجتماعي-الديموقراطي أولاف شولتز والمحافظ أرمين لاشيت.

ويرى أن الهدف لن يتحقق "إلا حين يتم محو قراراتها السياسية وحين تحمل ميركل سياسيا، وإذا لزم الأمر، قضائيا المسؤولية".

يقول يان ريبي من مؤسسة مكافحة العنصرية "أماديو-أنطونيو" إنه "من خلال عدم إغلاق الحدود الألمانية عمدا في 2015 حين وصل اللاجئون إلى ألمانيا عبر المجر وطريق البلقان، أصبحت ميركل تجسد الشر بنظر اليمين المتطرف الألماني".

ويضيف ميرو ديتريتش المتخصص في مرصد اليمين المتطرف "سيماس" أن شعار "ميركل يجب أن ترحل" كان "شعارا ضد النظام أكثر مما هو شعار ضد شخص ميركل".

ويوضح ريبي أن من سيخلفها "لن يكون هدفا جيدا كما كانت ميركل ... ولكن هذا لن يؤدي بالطبع الى إضعاف دائم لليمين المتطرف".

ويضيف "سيمضون في تشويه صورة ألمانيا بصفتها ديكتاتورية، وفي وصف شولتز ولاشيت كامتداد لنظام ميركل. اذا أصبحت (أنالينا) بيربوك مستشارة فان حقد بعض الاشخاص قد ينفجر" في إشارة الى مرشحة حزب الخضر التي باتت أحد الأهداف المفضلة للمشككين في قضايا المناخ.

بعيدًا عن استهداف الأشخاص، على حزب "البديل من أجل ألمانيا" أن يعدل برنامجه، لأن موضوع الهجرة لم يعد يحظى باهتمام كبير كما كان عليه في العام 2017: هناك 20% فقط من الألمان يعتبرونه أولوية بحسب استطلاع للرأي أجرته في الآونة الأخيرة صحيفة "بيلد" بفارق كبير عن أولوية إنقاذ المناخ (35%) أو رواتب التقاعد (33%).

يضاف الى كل ذلك الخلافات الدائمة داخل حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي يشهد حربا بين شريحته الأكثر تطرفا ومناصري اعتماد نهج أكثر ليونة وكذلك فشله النسبي حتى الآن في الاستفادة من موجة الحركة المناهضة لوضع الكمامات، وهي كبيرة في ألمانيا.