دبي: يتقدّم المتمردون الحوثيون في اليمن من مدينة مأرب الإستراتيجية التي قد يغيّر سقوطها في أيديهم، مسار الحرب.

في الآتي معلومات عن المدينة الإستراتيجية:

تعدّ مأرب آخر معقل للحكومة اليمنية في شمال اليمن، ومن شأن سيطرة الحوثيين عليها، أن تسهّل امتدادهم إلى محافظات أخرى.

ويقول الباحث أحمد ناجي من مركز مالكوم كير - كارنيغي للشرق الأوسط، إنّ مأرب "مركز الثقل العسكري" للحكومة في الشمال.

وهي تحمل، في رأيه، "رمزية محورية في مسار الصراع في اليمن، فهي المنطقة التي لم يتمكّن أنصار الله (لحوثيون) من السيطرة عليها رغم محاولاتهم الحثيثة منذ ست سنوات، حتى قبل تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية" في الحرب بينهم وبين القوات الحكومية لدعم هذه الأخيرة 2015.

وسيعزّز سقوط مارب في أيدي الحوثيين، موقعهم في أي مفاوضات محتملة مع الحكومة. كما قد يشكّل ضربة كبرى للسعودية الداعمة للحكومة.

تحالف عسكري

تقاتل القوات الموالية للحكومة اليمنية والقبائل المؤيّدة للسلطة بدعم من تحالف عسكري تقوده السعودية المتمردين الحوثيين.

وأكّد محافظ مأرب سلطان العرادة في لقاء مع صحافيين في الثامن من آذار/مارس الماضي أنّ "التحالف يقف إلى جانب الجيش الوطني في الطيران والدعم اللوجستي"، مشدّدًا على أنه "لولا وجود الطيران لربما كان الأمر مختلفًا".

ويصف المتمردون الحوثيون من جانبهم جبهة مأرب بأنّها "واحدة من أكبر الجبهات الرئيسية في الحرب العدوانية على اليمن"، مؤكّدين أنّ مأرب "وعاء تحتشد فيه كل القوى والتنظيمات الظلامية من القاعدة وداعش والإخوان المسلمين".

ويرى العرادة أنّ هذه مجرد "افتراءات"، معتبرًا أنّه "من المضحك أن يتحدّث الإرهابي عن الإرهاب".

ولدى حزب "التجمّع اليمني للإصلاح" المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين حضور قوي في مأرب.

ويقول ناجي "الإصلاح موجود في معظم محافظات الجمهورية، لكن الكثير من أعضائه نزحوا إلى مأرب كونها منطقة آمنة. ويقاتلون ضمن وحدات الجيش الحكومي والقبائل. لكن الإصلاح ليس كل مأرب وإنما أحد مكوناتها".

الموقع الجغرافي الاستراتيجي

تقع مأرب على بعد نحو 120 كلم شرق العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمرّدين وتتصّل بها عبر طريق سريع. كما أنّها تقع على طريق سريع آخر يؤدّي إلى جنوب السعودية.

ويعتبر موقع المدينة الصغيرة مهمًّا ليس فقط لقربها من صنعاء، بل لأنّها تُعتبر منطلَقًا نحو مناطق الجنوب والشمال على حد سواء بفضل مفترق الطرق الرئيسي الذي تتوزّع منازلها على جوانبه.

وكان عدد سكان مأرب بين 20 و30 ألف شخص قبل اندلاع النزاع في 2014، لكنّه ارتفع إلى مئات الآلاف بعدما لجأ إليها نازحون من مناطق عدة في اليمن.

وتضم مدينة مأرب العديد من المواقع التاريخية، ويقول بعض علماء التاريخ إنها كانت في الماضي عاصمة مملكة سبأ، نحو ألف عام قبل الميلاد. كما تحيط بها الوديان والجبال.

لطالما اعتُبرت مدينة مأرب بمثابة ملجأ للكثير من النازحين الذين فرّوا هربًا من المعارك أو أملوا ببداية جديدة في مدينة ظلّت مستقرة لسنوات، ولكنهم أصبحوا الآن في مرمى النيران في ظلّ تصاعد القتال للسيطرة عليها.

وتشير الحكومة إلى وجود نحو 139 مخيّمًا في مدينة مأرب والمحافظة التي تحمل الإسم ذاته، وقد استقبلت نحو 2,2 مليون نازح.

وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها من تعريض مئات آلاف المدنيين للخطر جرّاء التصعيد العسكري الذي أجبر العديد من العائلات على الفرار نحو مخيمات جديدة كلما اقترب القتال من مخيّماتهم.

بُعد إقتصادي للمعركة

محافظة مأرب غنية بالنفط بالإضافة إلى الغاز المسال، ما يضيف بعدًا إقتصاديًّا مهمًّا للصراع حولها.

وتوجد في مأرب مصفاة صافر، وهي واحدة من أصل اثنتين في اليمن. وأُنشئت المصفاة عام 1986 بطاقة إنتاجية قدرها عشرة الآف برميل يومياً في حينه، بحسب موقع وزارة النفط والمعادن اليمنية.

وفي تقرير صادر في أواخر عام 2019، قالت الوزارة إنّ إنتاجها يصل إلى 20 ألف برميل يوميًّا.

وتقوم مأرب بتزويد كل محافظات اليمن بالغاز، حتى تلك الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين.

ويؤكّد ناجي وجود "بُعد إقتصادي للمعركة"، قائلًا "يهاجم الحوثيون بقوة سعيًا للسيطرة على موارد مأرب المتمثّلة بحقول النفط خصوصًا على منشأة صافر النفطية التي تمدّ مناطق كثيرة في اليمن بحاجتها من الوقود".

ويتابع "السيطرة عليها تعني الحصول على مورد إقتصادي" إضافي.

يرى خبراء إنّ معركة مأرب ستحدّد مستقبل البلد الفقير.

ولن تؤدّي سيطرة المتمرّدين على المدينة فقط إلى خسارة الحكومة المعترف بها دوليًّا آخر معاقلها في الشمال فحسب، بل ستؤدّي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردّي بالفعل.

وأكّد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك في زيارة قام بها إلى مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة المجاورة لمأرب، أنّ "هذه المعركة ليست معركة شبوة ومأرب فقط بل هي معركة كل اليمنيين"، بحسب ما نقلت عنه وكالة "سبأ" الرسمية.

وقال عبد الملك "مصير هذه المعركة سيحدّد مستقبل اليمن لعشرات السنين".