إيلاف من لندن: أعلن في كل من عمّان ودمشق أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني تلقى الأحد اتصالا هاتفيا من الرئيس السوري بشار الأسد، تناول العلاقات بين البلدين وسبل تعزيز التعاون بينهما.

وقال مصدر أردني إن الملك عبدالله الثاني، أكد خلال الاتصال، دعم الأردن لجهود الحفاظ على سيادة سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها وشعبها.

وتزامن الاتصال الهاتفي، مع نشر صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية تقريرًا تحدثت فيه أن "وثيقة سرية" رسمية أردنية اقترحت مقاربة جديدة للتعامل مع دمشق، تقطع مع السنوات العشر الماضية وسياسة "تغيير النظام" السوري، وتدعو إلى خطوات ترمي إلى "تغيير متدرج لسلوك النظام"، وصولاً إلى "انسحاب جميع القوات الأجنبية" التي دخلت سوريا بعد عام 2011 مع الاعتراف بـ"المصالح الشرعية" لروسيا في هذا البلد.

وقال مسؤول غربي رفيع المستوى اطّلع على أفكار الوثيقة، إنها نوقشت الفترة الماضية بين قادة عرب، منهم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بالإضافة إلى الرئيسين الأميركي جو بايدن في واشنطن في يوليو (تموز)، والروسي فلاديمير بوتين في أغسطس (آب). وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن بعض الخطوات التطبيعية الأردنية التي جرت في الفترة الأخيرة «تلامس هذه المقاربة الجديدة أو مستوحاة من روحها».

انخراط اختياري

ويشير إلى أن أحد المقترحات كان أن يقوم الأردن حالياً بـ«انخراط اختباري» مع دمشق قبل توسيع هذه الاتصالات. وعكف خبراء وكبار الموظفين القيمين على هذه «الوثيقة» على صوغ خريطة تنفيذية لـمقاربة «خطوة مقابل خطوة»، تتضمن الملفات المطروحة والموقف المطلوب من دمشق بشأن «تغيير سلوك النظام» إزاء عملية السلام والقرار 2254 واللجنة الدستورية ودور إيران وعودة اللاجئين والنازحين، و«العرض» المقدم من الأطراف الأخرى فيما يتعلق بالتطبيع والانخراط السياسي والدبلوماسي، واستثناءات من العقوبات وتمويل بنية تحتية، والتعاون المشترك ضد الإرهاب.

وبين الاقتراحات أن يكون الطلب الأولي «انسحاب كل العناصر غير السورية من خطوط التماس»، ثم «انسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت بعد العام 2011»، مقابل انسحاب القوات الأميركية وتفكيك قاعدة التنف على الحدود السورية - الأردنية - العراقية، وفتح قنوات للتنسيق بين الجيش السوري والقوات الأمنية من جهة، ونظيراتها في الدول المجاورة لضمان أمن الحدود.

ولم تتضمن هذه الخريطة جدولاً زمنياً واضحاً للتنفيذ، ولا تحديداً للموقف من وجود روسيا العسكري في سوريا الذي بدأ في نهاية 2015، وإن كانت تحدثت عن «المصالح الشرعية» لها في سوريا. كما أنها لم تعالج قول دمشق إن وجود إيران وميليشيات جاء بناء على طلب الحكومة السورية، حسب قول المسؤول الغربي.

قانون قيصر

وأشار المصدر إلى أن التحركات الأردنية الأخيرة، تستند إلى أفكارها، إذ أن عمان حصلت على دعم واشنطن مد خط الغاز العربي عبر الأراضي السورية من مصر والأردن إلى لبنان، ووعدت بتقديم ضمانات خطية بعدم شموله بـعقوبات «قانون قيصر» المفروض على دمشق، وتقديم البنك الدولي الدعم المالي لإصلاح الخط جنوب سوريا. في المقابل، تزعمت روسيا جهوداً لفرض تسويات في درعا وريفها لا تتضمن تهجير مدنيين إلى الأردن، وقد تؤدي إلى وقف توسع نفوذ إيران، بالتزامن مع فتح عمان الحدود مع دمشق وتبادل زيارات رفيعة المستوى، عسكرية وأمنية واقتصادية.

وعلى هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ارتفع مستوى الاتصالات مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وشمل لقاءات مع نظرائه المصري سامح شكري والأردني أيمن الصفدي والتونسي عثمان الجرندي، مقابل تدني أو انعدام لقاءات وفد «هيئة التفاوض السورية» المعارضة في نيويورك.

ويشار في الختام إلى أن الإجماع العربي لا يزال غير متوفر لعودة دمشق إلى الجامعة العربية بعد تجميد عضويتها في نهاية 2012. وتربط دول عربية ذلك بتوفر الإجماع واتخاذ سوريا خطوات لتطبيق حل سياسي وفق القرار 2254، يحافظ على وحدتها وخروج الميلشيات الأجنبية منها.