إيلاف من بيروت: مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، يهتم الأميركيون في رصد النشاط الإرهابي داخل أفغانستان تحضرًا للرد عليه. وفي هذا الإطار، قال وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أمام الكونغرس في أبريل الماضي إن الانسحاب العسكري سيقلل من قدرة وكالته "على جمع المعلومات عن التهديدات في أفغانستان للتصرف على أساسها".

كذلك، قال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، إنه قلق من أن تتاح الفرصة مجددًا للجماعات الإرهابية الأجنبية كي تعيد ترتيب صفوفها في مكان يصعب علينا جمع المعلومات فيه، خلافًا لما كان عليه الأمر قبل الانسحاب، وفقًا لتقرير نشره موقع "فورين بوليسي".

تاريخ مؤلم

إلى ذلك، يركز المسؤولون الاستخباريون الأميركيون على تحدي جمع المعلومات عن الجماعات الإرهابية في أفغانستان. إلا أن الخشية، وفق راي، من ملاذ آمن ممكن للإرهابيين في أفغانستان، "إنما هو ثمرة تاريخ مؤلم بالنسبة إلى أميركا، بدأ مع هجمات 11 سبتمبر، لكن ليس ما يميز أفغانستان فيجعلها ملاذًا جغرافيًا مفيدًا للإرهابيين".

يضيف: "إن كانت هذه الجماعات تبحث عن مكان فيه متعاطفون محليون معها، فثمة العديد من المواقع الأخرى في العالم غير أفغانستان. فإنشاء معقل ثابت هو أحد العوامل الأقل أهمية التي تحدد قدرة المجموعة الإرهابية على شن هجمات دولية تستهدف الغرب. ربما يكون إنشاء معقل مفيدًا لمجموعة منخرطة في تمرد أو في حرب أهلية، كما كانت القاعدة في أفغانستان قبل 11 سبتمبر، حيث وفرت البلاد مساحة لتدريب مجندين شاركوا في عمليات عسكرية داخل أفغانستان لدعم طالبان في أواخر تسعينيات القرن الماضي".

اليوم، الأرض هي أقل صلة بالتخطيط والتحضير لهجوم إرهابي دولي، فربما انطلقت هجمات 11 سبتمبر من أفغانستان، لكن تحضيراتها كانت متفرقة جغرافيًّا، واستخدم خالد شيخ محمد، العقل المدبر للهجمات، الاتصالات الإلكترونية لتنسيق المخطط، وأُنجزت أهم الاستعدادات للهجمات في شقق ومنازل متفرقة في أوروبا وفي مدارس للطيران في الولايات المتحدة، وعبر الفضاء الإلكتروني.

لا تحالف

حتى لو كان الملاذ الآمن مهمًّا، فأن تمثل أفغانستان ملاذًا آمنًا للقاعدة يعني عودة التحالف بين طالبان والقاعدة. في الماضي، كان ذلك التحالف مفيدًا حين كانت طالبان تحارب تحالف الشمال المعارض. وإذا استؤنفت الحرب الأهلية في الأشهر المقبلة، ربما تستعين طالبان بالقاعدة. لكن هذا التنظيم هو أضعف كثيرًا مما كان عليه في السابق، وبما أن طالبان تمكنت وحدها ليوم من حكم أفغانستان، فإن تحالفها القديم مع القاعدة لم يعد مهمًا.

إلى ذلك، طالبان اليوم منعزلة ولا تهتم للإرهاب الدولي. وفي ذاكرة الحركة كيف أدت عملية القاعدة في 11 سبتمبر إلى الكارثة الأكبر، إذ احتل الأميركيون البلاد، وطرت الحركة من السلطة عشرين عامًا، واليوم من مصلحة الحركة ألا تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، فضلًا عن كونها العدو اللدود للفرع الأفغاني في داعش.

ما زال الخوف من تكرار إرهاب 11 سبتمبر الذي أتى من أفغانستان راسخًا في أذهان الأميركيين. ربما يكون الخوف من التداعيات السياسية لأي حادث إرهابي في المستقبل مرتبطٍ بطريقة أو بأخرى بأفغانستان جزءًا مما دفع ثلاثة رؤساء أميركيين إلى إبقاء القوات هناك قبل أن يسحبها جو بايدن. بالنظر إلى جميع العوامل المحيطة بالموضوع، هذا الخطر أقل اليوم مع خروج الجيش الأميركي من أفغانستان.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "فورين بوليسي".