جوهانسبرغ: بدأ أكثر من 26 مليون ناخب الادلاء بأصواتهم في جنوب أفريقيا الاثنين في اقتراع قد يفضي، لأول مرة منذ 1994، إلى تراجع "المؤتمر الوطني الإفريقي"، حزب نيلسون مانديلا، إلى ما دون عتبة 50 %.

وفتحت مراكز الاقتراع ابوابها عند الساعة 05,00 بتوقيت غرينيتش. وسجل 26,2 مليون جنوب إفريقي فقط في القائمة الانتخابية لانتخاب ممثليهم في حوالي 250 بلدية، من بين حوالي 40 مليون شخص مخولين الادلاء بأصواتهم.

ومنذ سنوات، تتقهقر شعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي يحكم البلاد منذ نهاية الفصل العنصري قبل 27 عامًا.

ويواجه العديد من قادته، وفي مقدمتهم الرئيس السابق جاكوب زوما، دعاوى خطيرة أمام القضاء تتعلق بقضايا فساد، وسجلت البطالة معدلا قياسيا بلغ 30% في هذه الدولة التي يشهد اقتصادها تراجعا بالفعل قبل الازمة الوبائية.

وعود فارغة

أمام مركز اقتراع في سويتو، قال صموئيل ماهولي (55 عامًا) الذي كان يقف في طابور يضم بالكاد عشرين شخصاً إن "زعماء حزب المؤتمر الوطني الإفريقي لم يفوا بالتزاماتهم، إنهم يقدمون الكثير من الوعود الفارغة".

ويقول سائق سيارة الأجرة هذا، وهو أب لأربعة أطفال، إنه يصوت منذ أول انتخابات ديمقراطية في عام 1994، لكنه الآن يطالب "بالتغيير".

ويشاطره الرأي شارمين بارنارد (57 عاما)، في دانفيل، إحدى ضواحي العاصمة بريتوريا التي تهيمن عليها الطبقة الوسطى البيضاء، وقال لوكالة فرانس برس "أنا أصوت من أجل احداث تغيير في البلاد، لأجل حياة أفضل للجميع".

في تموز/يوليو، غرقت البلاد في اعمال عنف خلفت 354 قتيلا، بحسب الحصيلة الرسمية، واندلعت إثر ايداع زوما السجن، ولكنها تدل أيضا على المناخ الاجتماعي والاقتصادي المتأزم.

انتشار الجيش

وانتشر الجيش في المدن لمنع أي حادث خلال الانتخابات، وتم استدعاء حوالي 10 آلاف جندي بشكل خاص لمساندة الشرطة في المناطق التابعة لمحافظة غوتنغ التي تضم جوهانسبرغ وبريتوريا، ومحافظة كوازولو ناتال (شرق)، حيث اندلعت أعمال الشغب في تموز/يوليو.

أدى سوء الإدارة والفساد المستشري منذ سنوات إلى تدهور العديد من الخدمات العامة في جنوب إفريقيا، حيث ازداد الانقطاع في التيار الكهربائي وفي إمدادات المياه، مما أثر على الحملة الانتخابية.

استطلاعات

واشارت استطلاعات الرأي إلى أن غالبية الناخبين قد يعزفون عن انتخاب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في موقف غير مسبوق.

وقال وليام جوميد، رئيس مركز "ديموكراسي ووركس" "قد نكون عند نقطة تحول بالنسبة لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي وعند نقطة تحول بالنسبة لجنوب إفريقيا".

وطوال الحملة، أكد رئيس البلاد سيريل رامافوزا، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أيضاً، للناخبين "تنظيف الحزب". وجعل من مكافحة الفساد معركته.

في الانتخابات البلدية التي جرت عام 2016، حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على 54% من الأصوات في البلاد، وهي أسوأ نتيجة له منذ عام 1994، وخسر مدنا كبيرة مثل بريتوريا وجوهانسبرغ.

يأتي ذلك فيما لاتزال المعارضة منقسمة إذ سيقدم "التحالف الديموقراطي"، الذي لا يزال يُنظر إليه في المقام الأول على أنه حزب من البيض، وحزب "مناضلون أجل الحرية الاقتصادية" اليساري الراديكالي اللذان شكلا تحالفات في بعض البلديات قبل خمس سنوات، مرشحيهم بشكل مستقل.

كما يمكن للناخبين الاختيار من عدد غير مسبوق من المرشحين المستقلين - 1700 من أصل 60 ألفًا - الذين قد يفسدوا مجريات الانتخابات حيث يلعب حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الدور الأبرز قبل الانتخابات العامة المقررة عام 2024.