اديس ابابا: يزور الموفد الأميركي إلى منطقة القرن الإفريقي جيفري فيلتمان إثيوبيا الخميس والجمعة للدعوة إلى إيجاد حل سلمي في البلاد بعدما هدّدت حركة متمرّدة بالسيطرة على العاصمة أديس أبابا.

ففي نهاية الأسبوع أعلنت "جبهة تحرير شعب تيغراي" التي تواجه منذ عام الجيش الفدرالي في شمال البلاد، سيطرتها على مدينتي ديسي وكومبولشا الاستراتيجيتين اللتين تقعان على مسافة 400 كيلومتر شمال اديس ابابا.

في الوقت نفسه أعلن "جيش تحرير أورومو" الذي تحالف في آب/اغسطس مع الجبهة سيطرته على مدن عدة في جنوب كومبولشا بينها كيميسي على مسافة 320 كيلومترا من اديس ابابا.

خطر سقوط الحكومة

وردا على سؤال حول احتمال دخوله العاصمة الإثيوبية، قال الناطق باسم "جيش تحرير أورومو" أودا طربي "اذا استمرت الأمور بالحيوية الحالية فستكون مسألة أشهر إن لم يكن أسابيع"، مشددا على أن سقوط رئيس الوزراء أبيي أحمد أمر "محسوم".

تشكل هذه التصريحات تكرارا لما أكده الناطق باسم الجبهة غيتاشيو رضا لوكالة فرانس برس في تموز/يوليو. وقال حينذاك "إذا اضطررنا للسير إلى أديس أبابا لحماية تيغراي فسنفعل ذلك".

تنفي الحكومة الإثيوبية أن يكون المتمردون قد حققوا أي تقدم ميداني لكنّها فرضت الثلاثاء حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد، في حين دعت السلطات المحلية في أديس أبابا إلى التعبئة للدفاع عن المدينة.

والاتصالات مقطوعة في جزء كبير من شمال إثيوبيا حيث فرضت قيود كبيرة على دخول الصحافيين ما يجعل من الصعب التحقق بشكل مستقل من الوضع على الأرض.

ويثير التصعيد المسجّل مؤخرا في إثيوبيا قلق المجتمع الدولي.

والأربعاء أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن "قلق الولايات المتحدة المتزايد إزاء اتّساع نطاق العمليات العسكرية وأعمال العنف بين المجموعات الاتنية"، وأعلن أن الموفد الأميركي إلى منطقة القرن الإفريقي جيفري فيلتمان سيزور إثيوبيا يومي الخميس والجمعة.

والأربعاء اتّهم رئيس الوزراء أبيي أحمد تحالف المتمردين بتحويل إثيوبيا إلى ليبيا أو سوريا.

وفي أديس أبابا أكد الأربعاء سكان قلقون إزاء التطورات المتسارعة دعمهم للحكومة، وقال أزميراو برهان الذي يعمل لحسابه الخاص "إنهم أعداء إثيوبيا، يجب تحييدهم، لذا علينا جميعا أن نكون متعاونين مع حالة الطوارئ".

وفي إطار حالة الطوارئ التي يفترض أن يصادق عليها البرلمان الأربعاء، ستتمكن السلطات من تجنيد "أي مواطن في سن القتال ويملك سلاحا" أو تعليق وسائل الإعلام التي يشتبه في أنها "تقدم دعما معنويا مباشرا أو غير مباشر" لجبهة تحرير شعب تيغراي، بحسب ما أوردت وسيلة الاعلام الرسمية "فانا برودكاستينغ كوربوريت".

ووصف غيتاشو رضا هذه الاجراءات بأنها "تفويض مطلق لسجن أبناء تيغراي أو قتلهم".

والأربعاء أكد محاميان ينشطان في رصد الاعتقالات العشوائية لأبناء تيغراي، في تصريح لوكالة فرانس برس أنهما تلقّيا معلومات تفيد بتوقيف الشرطة عشرات الأشخاص في أديس ابابا منذ فرض حالة الطوارئ.

بدأ النزاع في تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وقد شهد تحولا كبيرا في الأشهر الأخيرة.

وأعلن أبيي أحمد حائز جائزة نوبل للسلام 2019 الانتصار في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بعد إرسال الجيش إلى المنطقة لإزاحة السلطات المنشقة من جبهة تحرير شعب تيغراي التي اتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية فدرالية.

لكن في حزيران/يونيو استولى مقاتلو الجبهة على الجزء الأكبر من المنطقة.

وسحبت الحكومة قواتها وأعلنت وقف إطلاق النار من جانب واحد في 28 حزيران/يونيو لكن المتمردين واصلوا هجومهم في منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.

وتخللت النزاع الدائر منذ عام روايات عن انتهاكات من مجازر وجرائم اغتصاب وغيرها خصوصا في حق مدنيين، وفق تقرير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي أشارت إلى تجاوزات "قد ترقى إلى مصاف جرائم ضد الإنسانية".

أعدت المفوضية الأممية تقريرها للفترة الممتدة بين الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر إلى 28 حزيران/يونيو بالتعاون مع المفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التي أسستها الحكومة الاثيوبية

وأشارت المفوضية الأممية إلى أنها رصدت انتهاكات ارتكبت بعد الفترة المشمولة بالتقرير، وخصوصا مقتل 47 مدنيا في أيلول/سبتمبر في قرية شينا في أمهرة الخاضعة لسيطرة "جبهة تحرير شعب تيغراي".

وشدد أبيي أحمد على أن التقرير لا يقدّم أي دليل على ارتكاب إبادة جماعية في تيغراي، لكن المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه قالت إن التقرير لم يتح لا تأكيد هذه الاتّهامات التي تتطلّب تحقيقا معمّقا، ولا استبعادها.

أغرق النزاع الدائر منذ عام شمال إثيوبيا في أزمة إنسانية خطيرة وبات مئات آلاف السكان يواجهون خطر المجاعة.