إيلاف من لندن: أطلقت بريطانيا حملة عالمية كبرى للتصدّي للعنف الجنسي ضد النساء والفتيات في الصراعات التي تنشب في أنحاء العالم.
ودعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إلى اتفاقية عالمية جديدة تدين ممارسة الاغتصاب والعنف الجنسي كأسلحة حرب باعتبارها "خطاً أحمر" تماماً كما هي الأسلحة الكيميائية.
وتأتي الدعوة قُبيل استضافة المملكة المتحدة في العام المقبل لقمة عالمية لتوحيد الجهود العالمية لمنع العنف الجنسي في النزاع.
وأعلنت وزيرة الخارجية أنّ النساء والفتيات سيكوننّ في صميم أولويات سياستها الخارجية، ورصد أكثر من 20 مليون جنيه استرليني من التمويل الجديد للمساعدة في وقف العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم.

كلمة تراس

وفي كلمة لها في فعالية "المجلس الاستشاري للمساواة بين الجنسين"، الذي أُنشئ في ظلّ رئاسة المملكة المتحدة لمجموعة الدول السبع الكبرى لدعم النساء والفتيات في أنحاء العالم، أطلقت وزيرة الخارجية، وهي أيضاً وزيرة شؤون المرأة والمساواة، حملة بريطانية كبيرة جديدة للضغط تجاه القضاء على ثقافة الإفلات من العقاب بالنسبة يلجأون إلى الاغتصاب والعنف الجنسي كأسلحة حرب.
وهي بذلك تجمّع الشركاء المقرّبين لإدانة الاغتصاب والعنف الجنسي في النزاع باعتبارهما "خطاً أحمر"، وسوف تُطرح للنقاش جميع الخيارات، بما في ذلك توقيع ميثاق دولي لإنهاء هذه الأفعال الشائنة بشكل نهائي.
كما أعلنت وزيرة الخارجية أنّ المملكة المتحدة سوف تستضيف مؤتمراً عالمياً العام المقبل لتوحيد جهود العالم الرامية إلى منع العنف الجنسي في النزاع. يجمع هذا المؤتمر وزراء الخارجية من جميع أنحاء العالم لدعم حملة إنهاء إفلات مقترفي العنف ضد النساء والفتيات من العقاب.

تحرك أوسع

وتشكّل هذه الإعلانات بداية تحرّك أوسع تعتزم وزيرة الخارجية القيام به تأكيداً منها على تبوّء النساء والفتيات مكان الصدارة في أولويات السياسة الخارجية للمملكة المتحدة.
وبطبيعة الحال تعتبر المملكة المتحدة رائدةً عالمية في مجال التصدّي للعنف ضد النساء والفتيات، ودعم حقوقهنّ دولياً. وكان رئيس الوزراء قد وقّع أثناء تولّيه منصب وزير الخارجية على انضمام المملكة المتحدة إلى "إعلان المدارس الآمنة"، ملتزماً بذلك بحماية المدارس أثناء العمليات العسكرية والنزاعات المسلّحة.
وتحت رئاسة المملكة المتحدة، التزمت دول مجموعة السبع الكبرى بضمان التحاق 40 مليون فتاة في التعليم، واستضافت المملكة المتحدة هذا العام قمة الشراكة العالمية من أجل التعليم، والتي جُمع خلالها 2.9 مليار جنيه إسترليني لدعم التحاق الأطفال بمقاعد الدراسة. وشمل ذلك مبلغ 430 مليون جنيه تعهّدت المملكة المتحدة بتقديمه.

تقديم دعم

وستعمل وزيرة الخارجية على تعزيز التزام المملكة المتحدة تجاه النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم حيث أعلنت عن:
- تقديم 18 مليون جنيه كتمويل جديد لإنهاء زواج الأطفال من خلال شريكَيْن هما اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان. ستستفيد من هذا التمويل نساء وفتيات في 12 بلداً، من بينها سيراليون وأوغندا وإثيوبيا وبنغلادش واليمن. وقد ساهم دعم المملكة المتحدة للجهود في هذا المجال بالفعل في تجنيب 25 مليوناً من الأطفال من زواج مبكِّر خلال العقد الأخير.
- دعم بقيمة 3 ملايين جنيه للمنظّمات التي تعمل على الخط الأمامي في معالجة العنف ضد النساء والفتيات. من شأن هذا أن يساعد الناجين في الحصول على الخدمات الصحية والدعم النفسي، فضلاً عن المساعدة في منع العنف بطرق شتى منها تثقيف الرجال والفتيان. وسيدعم هذا التمويل أيضاً العمل مع الحكومات لتحسين سياساتها وتشريعاتها في هذا المجال.
- 1.4 مليون جنيه من التمويل الجديد للصندوق العالمي للناجين، والذي يساعد في دعم الناجين من العنف الجنسي، بما في ذلك من خلال توفير الدعم المالي والتعليم.

تصريح الوزيرة

وقالت وزيرة الخارجية ووزيرة شؤون المرأة والمساواة البريطانية: في النزاعات التي تنشب حول العالم، لا تزال النساء والفتيات يواجهن عنفاً جنسياً مروّعاً، حيث يُمارَس الاغتصاب مراراً وتكراراً كسلاح حرب.
وتابعت: إنني أجزم بكل وضوح بأن على المملكة المتحدة أن تتولّى زمام الأمر في حملة تحطيم ثقافة الإفلات من العقاب وعدم الاكتراث بالطرق التي تُرتكب بها هذه الفِعال. وسوف آخذ على عاتقي العمل مع الدول والشركاء الدوليين لوضع اتفاقية جديدة لإدانة هذه الجرائم واعتبارها ‘خطاً أحمر’ وإنهائها إلى الأبد.
وأكّدت تراس: يجب أن تتمكّن النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم من العيش دون خشية العنف، مع إمكانية الحصول على التعليم والعمل، وفرصة تحقيق إمكاناتهنّ الكاملة.
وتستند حملة وزيرة الخارجية إلى عدد من سنوات من العمل الذي قام به سلفها ويليام هيغ، والذي أسّس “مبادرة منع العنف الجنسي في النزاع” إلى جانب المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة أنجلينا جولي في عام 2012. ويعمل لورد أحمد، الممثّل الخاص لرئيس الوزراء، مباشرة مع وزير الخارجية في هذه المبادرة.

قمة 2014

وبعد القمة الأخيرة التي ترأّستها المملكة المتحدة في عام 2014، تم إطلاق البروتوكول الدولي للتحقيق في جرائم العنف الجنسي في حالات النزاع وتوثيقها، والذي استُخدم من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة والمحامين والشرطة والأخصائيين الطبيين والمنظّمات غير الحكومية لجمع الأدلّة والتحقيق في الجرائم للمساعدة في تدعيم الملاحقات القضائية في اثنتي عشرة دولة على الأقل في أوروبا وأفريقيا وآسيا والشرق الأوسط وأميركا الجنوبية.
وعلى الصعيد العالمي، تتعرّض واحدة من بين كل ثلاث نساء للعنف الجسدي و/أو الجنسي في حياتها. وقد وجدت دراسة موّلتها المملكة المتحدة في جنوب السودان أنّ ما يصل إلى 73% من النساء تعرّضن للعنف المنزلي، وأنّ واحدة من كل ثلاث تعرّضت لعنف جنسي مرتبط بالنزاع.

عصر كوفيد

وتأتي إعلانات وزيرة الخارجية في أعقاب تقرير صادر عن المجلس الاستشاري للمساواة بين الجنسين، وهو مجلس يضم مجموعة مستقلّة من الخبراء الذين جمعهم رئيس الوزراء أثناء ترؤّس المملكة المتحدة لمجموعة السبع الكبرى، ويعمل على تحديد حجم التحدّي المتمثّل في إحراز تقدّم بشأن المساواة بين الجنسين في عصر كوفيد. وقد أوصى هذا المجلس زعماء مجموعة الدول السبع بضرورة اتخاذ إجراءات عالمية لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات من خلال زيادة الإستثمار في سبل الوقاية والإستجابة.
وقالت رئيسة المجلس الإستشاري للمساواة بين الجنسين، سارة ساندز: إنّها لأخبار جيّدة أن تتعهّد وزيرة الخارجية بأنّ المملكة المتحدة لن تشيح بوجهها عندما تسمع عن جرائم الحرب هذه.
وقالت: كان علينا أن نطالب بوجوب أن يصبح العنف الجنسي في مناطق النزاع خطاً أحمر بعد سماع شهادة عضو مجلسنا د. موكويغي، والذي شاهد بنفسه الأضرار والعواقب التي حلّت بالنساء والأسر والمجتمعات. وتماماً كما تساءل هو: “متى ينتهي هذا؟” فإنّ علينا نحن العمل لضمان أنه سينتهي”.