واشنطن: تستأنف الولايات المتحدة المفاوضات غير المباشرة مع إيران في فيينا الاثنين، لكنها تبدو أقل تفاؤلا بكثير مما كانت في الربيع حيال احتمال إنقاذ الاتفاق بشأن برنامج طهران النووي.

وتعدّ خياراتها لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية محدودة في حال فشلت المحادثات.

انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق الدولي عام 2018 وأعاد فرض العقوبات التي سبق لواشنطن أن رفعتها بموجبه.

وردا على ذلك، تخلّت الجمهورية الإسلامية عن الالتزام بالعديد من القيود التي فرضت على برنامجها النووي.

وذكر الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن أنه يريد العودة إلى الاتفاق، الذي تفاوضت عليه عام 2015 إدارة الرئيس حينذاك باراك أوباما عندما كان بايدن يشغل منصب نائب الرئيس، شرط معاودة إيران الالتزام به.

الخارجية الأميركية

وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية الأربعاء "إنّ الوصول سريعًا إلى تفاهم وتطبيقه مُمكن".

لكن المبعوث الأميركي المكلّف الملف النووي الإيراني روب مالي أشار إلى أن سلوك طهران "لا يبشر بالخير بالنسبة للمحادثات".

واتّهمت واشنطن الجمهورية الإسلامية بالمماطلة وزيادة مطالبها "الراديكالية"، فيما تتقدم بشكل يقرّبها بدرجة كبيرة من مرحلة تطوير قنبلة ذرية.

إذا ارتأت الولايات المتحدة فور استئناف المحادثات بأن هدف إيران الوحيد هو شراء الوقت لتحقيق تقدّم نووي، فلن تقف "مكتوفة الأيدي"، بحسب مالي.

وقال "سيتعيّن علينا النظر في خطوات أخرى -- دبلوماسية أو غير ذلك -- لمحاولة التعامل مع طموحات إيران النووية".

وتشمل الخيارات الدبلوماسية المطروحة إبرام اتفاق مؤقت.

وأفادت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة عدم انتشار الأسلحة في جمعية الحدّ من الأسلحة "أرمز كونترول أسوسييشن"، لفرانس برس مؤخرا "يمكن لإدارة بايدن أن تفكر في اتفاق قصير الأمد ومحدود يجمّد بعض الأنشطة الأكثر حساسية في ما يتعلّق بالانتشار مقابل تخفيف بعض العقوبات بشكل محدود".

والهدف هو شراء بعض الوقت، فيما تقترب طهران بشكل كبير من حيازة قنبلة نووية مقارنة بما كان عليه الوضع سابقا.

لكن من شأن محاولة كهذه أن تثير حفيظة كثيرين داخل الولايات المتحدة، سواء الجمهوريين أو حتى في صفوف بعض أعضاء حزب بايدن الديموقراطي، الذين سيرون فيها تنازلا سخيا جدا لإيران.

وقالت دافنبورت "إذا عادت إيران إلى طاولة المفاوضات مع قائمة طويلة من المطالب خارج خطة العمل الشاملة المشتركة (المسمى الرسمي لاتفاق 2015) يمكن للولايات المتحدة أن ترد بالمثل" وتقدّم قائمتها الخاصة بشأن دور إيران في النزاعات الإقليمية وصواريخها البالستية.

لكن ذلك سيطلق العنان لمفاوضات طويلة ومعقّدة بنتائج غير مؤكدة.

ولا عوائق أمام طهران لمواصلة تطوير برنامجها النووي خلال تلك الفترة.

تعتبر الباحثة لدى مركز كارنيغي للسلام الدولي سوزان ديماجيو أن "الخيارات الأخرى غير إعادة إحياء الاتفاق ليست رائعة".

وأضافت في تصريحات للصحافيين الجمعة "لو كانت هناك خطة أفضل، لكنّا سمعنا بها".

وقد تشمل الاحتمالات المطروحة زيادة العقوبات الاقتصادية، رغم مواصلة الإدارة الديموقراطية الحديث عن فشل نهج ترامب القائم على ممارسة "أقصى درجات الضغط".

ويمكن أن تستهدف الإجراءات العقابية الصين، التي تواصل شراء النفط الإيراني رغم الحظر الأميركي. لكن يستبعد بأن تبدّل بكين موقفها.

وتشدد شخصيات سياسية أميركية مناهضة لاتفاق 2015 معظمها محافظة، أن على واشنطن زيادة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية وحتى العسكرية دون انتظار نتيجة مفاوضات فيينا.

وفيما تنهال اتهامات على بايدن بالضعف، بدأت إدارته تشديد نهجها في تشرين الأول/أكتوبر، محذرة من أن "خيارات أخرى" غير تلك الدبلوماسية مطروحة على الطاولة لمنع إيران من التحول إلى قوة نووية.

ولم يحدد البيت الأبيض ماهية تلك الخيارات، لكنه ألمح بوضوح إلى احتمال القيام بتحرّك عسكري.

لكن الدبلوماسي الأميركي السابق دينيس روس قال في مقال إن الإشارة "الروتينية" إلى "خيارات أخرى" لم تعد كافية إذ إن طهران "لم تعد تأخذ واشنطن على محمل الجد".

وكتب في مقال نشر في 27 تشرين الأول/أكتوبر أن "على إدارة بايدن وضع احتمال التصعيد العسكري على الطاولة مجددا إذا كانت تأمل بتحقيق تقدّم في الملف النووي".

بدورها، لم تتردد إسرائيل في تبني هذا الخيار كاحتمال.

لكن بالنسبة لديماجيو، "لن تحل (القوة العسكرية) المشكلة في نهاية المطاف".

وحذّرت من أنه "في الواقع، يؤكد الماضي بأن الإيرانيين يردّون على الضغط بالضغط".

وأضافت "يحمل اتّخاذ خطوات أكثر عدائية تتجاوز العقوبات، بما في ذلك تخريب برنامج إيران النووي بدرجة إضافية، خطر التسبب بسوء تقدير أو خطأ أو تصعيد لا يمكن التعامل معه ومن شأنه أن يشعل نزاعا عنيفا".