أثينا: انتقد البابا فرنسيس الأنانية القومية في الإتحاد الأوروبي لما اعتبره غياب التنسيق في مسألة الهجرة، وذلك في مستهل زيارة تاريخية إلى اليونان تهدف إلى تحسين العلاقات المعقدة مع الكنيسة الأرثوذكسية.

وقال البابا إن أوروبا "تمزقها الأنانية القومية" حيال إدارتها لأزمة الهجرة، وذلك خلال لقائه نائب رئيسة المفوضية الأوروبية ماغريتيس سخيناس والرئيسة اليونانية كاتيرينا ساكيلاروبولو ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ومسؤولين آخرين.

واعتبر البابا أنّ المجتمع الأوروبي "يواصل المماطلة" و"يعاني كما يبدو في بعض الأوقات من العجز وانعدام التنسيق" بدلاً من أن يكون "محرّكاً للتضامن" في مسألة الهجرة.

لطالما حمل البابا (84 عاماً) لواء الدفاع عن المهاجرين، وسيتوجّه الأحد إلى جزيرة ليسبوس التي زارها في 2016 خلال السنوات الأولى لموجة الهجرة.

البابا في أثينا

وزيارته إلى أثينا هي الأولى لحبر أعظم منذ زيارة يوحنا بولس الثاني في 2001 التي بدورها كانت أول رحلة بابوية إلى العاصمة اليونانية منذ انشقاق الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية عام 1054.

وصل البابا قادماً من قبرص بعد زيارة استمرّت يومين. وحطت طائرته بعيد الساعة 09,00 ت غ في العاصمة اليونانية حيث فرضت تدابير أمنيّة مشدّدة تحسّبًا لتظاهرات يمكن أن ينظّمها متشددون أرثوذكس لا تزال لديهم مشاعر قوية مناهضة للبابا.

وترجّل من الطائرة وسط رياح قوية أجبرته على حمل قلنسوته بيده.

وقال في رسالة قبل انطلاقه في الرحلة التي بدأت الخميس في قبرص "أتوق للقائكم جميعًا، كلكم، ليس فقط الكاثوليك، جميعكم".

وأضاف "بلقائكم أروي عطشي في ينابيع الأخوة".

ومن المقرّر أن يلتقي ورأس كنيسة اليونان البطريرك يرونيموس في وقت لاحق السبت، ثم عددًا من أبناء الطائفة الكاثوليكية اليونانية التي تشكل 1,2 بالمئة فقط من السكان وغالبيتهم من الأرثوذكس.

وقال كاهن رعية كنيسة القديس نيكولاوس في جزيرة تيونس ماركو فوسكولوس للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع إنّ "تواجد قداسة البابا في اليونان يعطينا زخمًا... يتعين على الكاثوليك في اليونان الإستفادة منه".

ويعود البابا إلى روما الإثنين.

تشدّد أرثوذوكسي

حظرت السلطات التظاهر في وسط أثينا وأعلنت نشر ألفي عنصر من الشرطة لمنع عرقلة محتملة من جانب أرثوذكس متشدّدين، يحمّلون الكاثوليك المسؤولية عن انشقاق الكنيسة ونهب القسطنطينية عام 1204 في الحملة الصليبية الرابعة.

وتبادلت الكنيستان الحرم الكنسي بعد الإنشقاق ولم يُرفع إلا في 1965.

والعلاقات مع الكنيسة اليونانية أفضل بكثير مقارنة بما كانت عليه قبيل زيارة يوحنا بولس، حسبما يرى بيار سالمبييه مسؤول الرهبنة اليسوعية الكاثوليكية في اليونان.

لكنه أضاف في تصريحات لفرانس برس أن ما زال هناك "بعض المتشدّدين المناهضين للكاثوليك المعروفين" في جسم الكنيسة الحاكم.

ووصف أسقف بيرايوس زيارة البابا بأنّها "غير أخلاقية" وفق اتحاد الصحافيين الأرثوذكس.

قضية اللاجئين

في قبرص دان البابا فرنسيس الجمعة "العبودية" و"التعذيب" في مخيمات اللاجئين مقارنًا ذلك بما حصل خلال الحرب العالمية الثانية.

وقالت الحكومة القبرصية إنّ 50 مهاجرًا، بينهم كاميرونيان علقا لأشهر في المنطقة العازلة بين شطري العاصمة، سينتقلون إلى إيطاليا بفضل البابا.

ويأمل الحبر الأعظم أن يزور ليسبوس مجدداً، وهي الجزيرة التي كانت صلب أزمة المهاجرين في 2015، "كحاج إلى ينابيع الإنسانية"، للدعوة إلى دمج اللاجئين.

واحترق مخيم موريا المكتظ والذي زاره الحبر الأعظم في 2016، العام الماضي واستُبدل بمرفق جديد مؤقت يموّله الإتحاد الأوروبي.

ومخيم مافروفوني الجديد هو من ضمن عدد من المرافق "المغلقة" على جزر يونانية تحيط بها أسلاك شائكة وكاميرات مراقبة وأجهزة مسح بأشعة إكس، وبوابات ممغنطة توصد ليلاً.

وعبّرت منظمات غير حكومية ومجموعات إغاثة عن القلق إزاء المخيمات الجديدة معتبرة أنّ حركة تنقل الناس يجب ألا تخضع لقيود.

مناشدات من المهاجرين

وجهت 36 مجموعة ناشطة في اليونان هذا الأسبوع رسالة للبابا، تلفت انتباهه إلى مسألة حق الناس في المخيمات وتطلب منه المساعدة في وقف إجراءات إعادة المهاجرين، غير القانونية، والتي يقوم بها حرس الحدود اليونانيون كما يُقال.

وتنفي اليونان بشدة هذه الاتهامات، مشدّدة على أنّ عناصر خفر السواحل يعملون على إنقاذ الأرواح في البحر.

وفي كلمة موجهة إلى البابا، شدّدت الرئيسة ساكيلاروبولو على أنّ أثينا "تقوم بكل جهد ممكن لمنع العمليات غير الشرعية للإتجار بالبشر والإستغلال السياسي لهم".

ومن المتوقّع أن يزور الحبر الأعظم المخيم مع مسؤولين بارزين من اليونان والإتحاد الأوروبي، وسيلتقي عائلتين "يتم اختيارهما عشوائيًا"، كما قال مسؤول.

وقالت بيرت، طالبة اللجوء الكاميرونية في المخيم، "ننتظره بأذرع مفتوحة".

وأضافت أنها تأمل من البابا أنّ "يصلي من أجلنا لمساعدتنا في التغلّب على المخاوف التي عشناها".

والأربعاء وصل قرابة ثلاثين طالب لجوء قرب المخيم. والجمعة قضى مهاجران في غرق زورق قرب جزيرة كوس اليونانية.