إيلاف من بيروت: في ضوء التوتر المتصاعد على الحدود الروسية - الإوكرانية، سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل تتوقع غزواً روسياً لأوكرانيا؟" أجاب 22 في المئة من المشاركين في هذا الاستفتاء بالإيجاب، مقابل 78 في المئة أجابوا بالنفي.

هذا يعني أن أغلبية عظمى من قراء "إيلاف" المشاركين في الإجابة عن هذا السؤال ترى أن روسيا لن تغزو أوكرانيا، على الرغم من الآلاف المؤلفة من الجيوش الروسية المحتشدة على الحدود الأوكرانية، مرة بحجة المناورات التدريبية، وطوراً تحذيرًا للولايات المتحدة وحلف الناتو من اللعب في حديقة موسكو الخلفية.

عض أصابع

إنها جولة بوتين-بايدن الجديدة في رياضة عض الأصابع العنيفة. هذا ربما ما يظنه قراء "إيلاف" الذين لا يتوقعون أن تخط روسيا قدمًا في الميدان الأوكراني. فوسائل الإعلام الغربية تركز على مخاطر التهديدات العسكرية الروسية لكييف بعد إرسال موسكو حشوداً عسكرية إلى حدود أوكرانيا، واستعدادها لإطلاق 100 كتيبة من مجموعات تكتيكية بقوة تقدر بـ175 ألف رجل مجهزة بدبابات ومدفعية.

روسيا قلقة من تمدد الأطلسي إلى حدودها، مُعتبرةً أنّ التعزيزات العسكرية الأوكرانية في دونباس مغامرة خطيرة، وأي تصعيد من الجانب الأوكراني قد يؤدي في النهاية إلى تدمير أوكرانيا.

لكن نائب رئيس لجنة الشؤون الدولية في الدوما قال إن روسيا ليست في حالة حرب مع أوكرانيا... "فلو أردنا غزوها لفعلنا". وهذا يبدو الموقف الحقيقي. فبوتين يعض شديداً على أسبع بايدن، خصوصًا أنه يرى في التمدد الأطلسي تعديًا على المجال الأمني القومي الروسي، خصوصًا أنه في هذا الإطار لم يخرج بعد من الموروث السوفياتي: فالاتحاد السوفياتي زنر نفسه بستار حديدي من الأنظمة المؤيدة له سياسيًا وأيديولوجيًا، كي تكون له أكياس رمل في مواجهته مع الغرب. وبوتين لا يريد أي "دفرسوار" في هذا البعد الأمني.

إلى ذلك، لا يريد بوتين الخروج من الأحلام الإمبراطورية الروسية. ولكن.. مثلما للصبر الروسي حدود، لكل شيء حدود. فبوتين يعرف تمتم المعرفة أن ما يشاع عن ضعف سياسي وعسكري أميركي ظهر أخيرًا في أفغانستان ليس صحيحًا. فالخروج، ولو فوضويًا، من الديار الأفغانية وضع الروس والإيرانيين والأتراك ومن لف لفهم في مواجهة مع نيو-طالبان: الأصالة الأصولية نفسها بتكتيك أميركي فاضح. وهذا ما يضع المنطقة كلها على كف أعتى وأكثر عفريت دموية. كما يعرف أن الأميركيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي هذه المرة. فإن لم يقفوا أقوياء في دونبيسك، فسيقفون في مكان آخر على رقعة الشطرنج التي يبدو أنها تضيق على القيصر.

من هنا.. يبقى التهديد تهديدًا، لا أكثر، ولا ختى أقل.

... ولكن!

في المقابل، ولأكثر من أربع سنوات، عمل مارتن ساجديك وسيطا لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي بين الجانبين في مجموعة الاتصال الثلاثية. وبحسب "بي بي سي"، يقول إنه من الصعب الوصول إلى أرضية مشتركة "إذا كان أحد الأطراف يريد أكثر مما هو مكتوب في الاتفاقات"، مضيفًا أن اتفاقيات مينسك تشير إلى توفير حل حول الوضع الخاص لدونباس في إطار اللامركزية في أوكرانيا.

يضيف أن "الجانب الروسي يؤكد دائما أن مناطق معينة في منطقتي دونيتسك ولوهانسك يجب أن تتمتع بالحكم الذاتي، لكن كلمة الحكم الذاتي غير مذكورة في اتفاقيات مينسك".

العقبة الرئيسية الأخرى هي كيفية تنفيذ البنود السياسية للاتفاق. تجادل موسكو بأن اتفاقيات مينسك، تنص بوضوح على الخطوات التالية: يجب إجراء انتخابات محلية وتسوية سياسية قبل أن تستعيد أوكرانيا سيطرتها الكاملة على حدودها مع روسيا.

منذ اندلاع الصراع في عام 2014 لم تتمكن أوكرانيا من الوصول إلى ذلك الجزء من حدودها وتتهم كييف موسكو، باستخدامها لإرسال قوات ومعدات عسكرية لدعم الانفصاليين. وهذا هو السبب وراء إصرار أوكرانيا على ضرورة استعادة السيطرة على الحدود قبل إجراء الانتخابات المحلية، وإلا فإن "الانتخابات المحلية ستجرى تحت ضغط روسي وفي ظروف الاحتلال الروسي" حسب قول أولكسندر ميريزكو ، نائب رئيس الوفد الأوكراني في مجموعة الاتصال الثلاثية.

ويصر على أنه بموجب اتفاقيات مينسك، يجب إجراء الانتخابات وفقاً للقانون الأوكراني، وهذا ممكن فقط إذا سيطروا على الحدود.

هل من الممكن ردم الهوة بين هذين الموقفين بطريقة ترضي الطرفين؟ الجواب هو لا برأي دنكان ألان. لأن الآراء بشأن سيادة أوكرانيا لا يمكن التوفيق بينها: "بعبارة أخرى، أوكرانيا إما دولة ذات سيادة، وهذا هو موقف أوكرانيا، أو أنها ليست ذات سيادة، أو ذات سيادة غير كاملة وهذا هو موقف روسيا. وليس هناك حل وسط بين هذين الموقفين".

يُنظر إلى المطالب الروسية الأخيرة لمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو على أنها محاولة أخرى لتقييد سيادة أوكرانيا.