إيلاف من بيروت: يتحكم حزب الله بمفاصل الدولة اللبنانية، ويصادر القرارا الحكومي فيها. إلا أن ثمة اصوات "شيعية" بدأت تعلو بوجهه. في "إندبندنت عربية"، يكتب طوني بولس قائلًا إنه ليس صحيحاً أن الحالة الشيعية في لبنان بمنأى عن الأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجهها مختلف مكونات البلاد.
كرة ثلج
بحسبه، تشير أوساط شيعية معارضة إلى أنه على الرغم من الاضطهاد الممنهج الذي يعانيه معارضو حزب الله، والتهديدات المستمرة بحقهم، إضافة إلى اغتيال الناشط السياسي والإعلامي لقمان سليم، "فإن حركة الاعتراض باتت تكبر ككرة الثلج، مشيرة إلى أن الحزب لا يكتفي بترهيب المعارضين إنما يستخدم مؤسسات الدولة من أجهزة أمنية وقضائية ضدهم، إذ تهم العمالة مع إسرائيل وغيرها من الملفات جاهزة حسب الطلب".
وتكشف الأوساط، وفقًا لـ "إندبندنت عربية"، عن أن مشكلة المعارضة أنها لا تزال عبارة عن معارضات متناثرة لم تستطع الانسجام في منصة سياسية متكاملة، وحالة التبعثر هذه تريح حزب الله، "وتكشف عن أن لقمان سليم لطالما سعى لتوحيد تلك المعارضة"، فوفق أرقام انتخابات 2018، نسبة اقتراع المواطنين من الطائفة الشيعية بلغت 47 في المئة، على الرغم من التجييش الذي اعتمده الثنائي وتصريح الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أنه مستعد لقرع أبواب المنازل لدفع المواطنين إلى المشاركة. ونسبة الذين صوتوا لمصلحة الثنائي كانت نحو 38 في المئة، "وما يعكسه هذا الرقم هو أن نحو نصف الشيعة معارضون لحزب الله وحركة أمل، إلا أن عدم الاصطفاف في جبهة معارضة وسياسة الترهيب تجهضان فعاليتهم السياسية".
اعتراض عالي النبرة
لكن، بعدما كانت الحالة الاعتراضية صامتة، بدأت أصوات الاعتراض تخرج إلى العلن في كل مناسبة وجلسة، بعدما كانت تقمع قبل خروجها من الأفواه. واللافت، بحسب بولس، أن بعض أبناء المنطقة وعلماء دين بدأوا يعبرون عن آرائهم، "وآخرهم الشيخ عبد السلام دندش، من بعلبك الهرمل، الذي شن هجوماً لاذعاً ضد قيادة حزب الله معلناً عن مقاومة مختلفة عن مقاومة الحزب"، قائلًا للأمين العام لحزب الله: "أنت حامل المقاومة مثل قميص عثمان، اسمح لنا فيها، كل شعب لبنان مقاوم، أما مقاومتك فعايش منها بنعيم من دولارات أميركا، أما مقاومتنا فهي بالجوع والفقر، وأنت مقاوم بالتخمة والبطر، نحن مقاومين لكذبكم وبالمرض والجهل يلي ورّتوه للمنطقة وبالخراب والفلتان يلي عملتموه فينا وأنتم مقاومين بالخداع والتعدي".
وانتشر أخيراً شريط فيديو يطلق فيه أحد أبناء الجنوب، الدكتور محمود دقدوق، صرخة لاذعة، إذ يتصل بقناة "المنار" خلال بث برنامج يتحدث فيه رجل دين عن حلاقة اللحية وعما إذا كانت حلالاً أم حراماً، ليقول إن الوضع الاقتصادي وانهيار الليرة أمام الدولار أهم من الموضوع الذي تخصصون له الهواء والوقت. سبب هذا الاتصال إحراجاً للقناة وحزب الله، بعدما أظهر المتصل عدم مبالاة الحزب بمعاناة بيئته.
الحزب أفلس الدولة
ونقل موقع "إندبندنت عربية" عن الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي السيد محمد علي الحسيني حديثه عن اتساع حالة الاعتراض على أداء حزب الله داخل المناطق الشيعية، "ولا سيما أن البيئة الحاضنة بدأت تقتنع أنه المسؤول الأول والمباشر عن الانهيار الاقتصادي والمالي المرعب الذي يعيشه المواطنون، إضافة إلى مسؤولية عزل لبنان وسلخه عن محيطه العربي وتحويله إلى منصة للإساءة إلى العرب، وذلك نتيجة سيطرته على الدولة والتحكم بقراراتها على الصعد كلها".
وأكد الحسيني أن ممارسات الحزب أدت إلى إفلاس الدولة وإفقار اللبنانيين، خصوصاً الشيعة منهم، وأن الاعتراضات الشيعية على حزب الله قديمة، "لكن لطالما لجمها وأخمدها من خلال سياسة الترهيب في وجه المعارضين، والدعاية المضللة كالحديث الأجوف عن المقاومة وإنفاق الأموال الطائلة، والوضع بات مختلفاً لأن ذرائع المشروعية سقطت والأموال لم تعد تجدي لإسكات الناس بعدما باتت مصادرها مكشوفة ومشبوهة".
ليس قلعة محصنة
كذلك يلفت الناشط السياسي والأكاديمي حارث سليمان إلى أن "حزب الله حاول تصوير البيئة الشيعية بأنها قلعة محصّنة ومقفلة حوله، إلا أن الواقع يؤكد عدم وجود إجماع على خياراته في أي مرحلة سابقة"، مشدداً على أن "الحزب فشل في السيطرة على القرار السياسي للطائفة الشيعية بالإقناع فأخذها بالحرب، وإرهاب القوى الديمقراطية والمجتمع المدني، وقوى العائلات السياسية والتقليد السياسي في الطائفية".
بحسب سليمان، انتكاسة المعارضة الشيعية كانت من حلفائها، أي قوى 14 آذار، الذين تحالفوا في انتخابات 2005 مع الثنائي الشيعي على حساب المعارضين الشيعة، وهو يؤكد أنه "نتيجة لانتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، والأزمة المعيشية الكارثة التي صنعتها المنظومة، حدث نوع من استنهاض الصوت الآخر في المناطق الشيعية"، لافتاً إلى أن "الأمور بدأت تتبدّل منذ عام 2015 مع الحراك الذي بدأ حينها نتيجة قضية النفايات، وكان الشيعة جزءاً منه".
التعليقات