إيلاف من بيروت: أعلن العراق أخيرًا عن تسلمه من الولايات المتحدة قطعتين أثريتين يعود تاريخهما الى 4 آلاف سنة، وقالت القنصلية العراقية في لوس انجليس الاميركية ان مراسم تسليم القطعتين الاثرتين تمت من قبل محققي الامن الداخلي مع عملاء خاصين في مدينة فينتورا في ولاية كاليفورنيا الى العراق. وكانت بغداد قد استردت في أغسطس 2021 مجموعة من الآثار المنهوبة، مؤلفة من 17 ألفا و338 قطعة أثرية من 4 بلدان، جرى تهريبها خلال السنوات الماضية: 17321 قطعة أثرية مهربة إلى الولايات المتحدة، و 9 قطع أثرية مهربة إلى اليابان، و7 قطع مهربة إلى هولندا، وقطعة واحدة مهربة إلى إيطاليا.

سألت "إيلاف" القارئ العربي: "هل ترى أن من واجب المتاحف العالمية الكبرى أن تعيد القطع الأثرية التي بحوزتها إلى بلدانها الأم؟". أجاب 61 في المئة من المشاركين في الاستفتاء بـ "نعم"، في مقابل 39 في المئة أجابوا بـ "لا".

تشريعات ومبادئ

ليس العراق وحده من سعى لاسترجاع آثاره المنهوبة. فمنذ عام 2020، تعمل الحكومة اليمنية على استعادة آثار يمنية منهوبة هربها الحوثيون المدعومون من إيران، وعلى منع بيعها في الأسواق العالمية. وتواصلت وزارة الثقافة اليمنية مع دول يتم فيها بيع الآثار اليمنية والإتجار بها، على أمل إبرام اتفاقيات معها.

وفي مارس 2021، استعادت ليبيا قطعة أثرية من النمسا اختفت طيلة 75 عاما، إبان الحرب العالمية الثانية. فعلى الرغم من غرق البلاد في أتون الفوضى والنزاعات المسلحة، فإن رحلة البحث عن آثار ليبيا المنهوبة متواصلة، حتى إن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني اعتمد اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي.

في القانون، تقرّ أغلب التشريعات الوطنية، المبادئ القانونية العامة الدولية، المبدأ الآتي: الدولة تمتلك كافة الآثار والقطع الأثرية والمدافن والمنشآت الموجودة تحت الأرض أو تحت المياه التي توجد ضمن حدودها والتي تظلّ غير معروفة إلى أن يتمّ اكتشافها ولو صدفة.

تقول منى المهذبي في "المفكرة القانونية" إنه يُستفاد من هذا أن استملاك أو توريد أو تصدير الآثار المكتشفة من خلال عمليات تنقيب غير مشروعة أو أخذ الآثار من إقليم الدولة غصبا يفرض اعتبارها ممتلكات مسروقة ومكتسبة بطرق غير مشروعة. ويخول نظريا فساد التحوز ذاك للمالكة الشرعية، أي بلد المنشأ، حقا أصيلا في المطالبة باستردادها ويفرض على غاصبها ردّها.

حق.. ولكن!

يُعَدُ الاسترداد أو الاسترجاع عملية إعادة للأصل إلى وضعه السابق. فأن تنقل الممتلكات الثقافية من محيطها الأصلي يؤدي إلى فقدان مضمونها وسلب لمكون من الثقافة والهوية الوطنية. وهنا فرض التاريخ وموازين القوى الدولية أولا وتفاوت النمو الاقتصادي والعلمي بين المجتمعات والدول أن تكون دول الجنوب المعنية باسترجاع “موروثها الثقافي” وأن تكون دول الشمال المتهمة بالاستيلاء.

في المقابل، وبالرغم من التسليم بحق كل دولة في استرجاع آثارها المنهوبة، يرى بعضهم أن وجود المقتنيات الأثرية في متاحف عالمية أفضل من وجودها في متاحف وطنية في دولها الأم، وأكثر أمانًا. فالدول العربية معرضة دائمًا لخضات سياسية وتوترات أمنية وانقلابات عسكرية، أي هي بؤرة مستمرة للتوتر والفوضى، خلاقة أو هدامة. وفي خضم هذا الوضع، لا يمكن تأمين الآثار وحمايتها من يد العصابات التي تتربص بها لنهبها وبيعها. وهذا غير ممكن في دول العالم، حيث تخضع في متاحفها للحماية والمراقبة اللصيقتين.