إيلاف: لا تزال الإضطرابات الدامية التي هزت كازاخستان في أوائل كانون الثاني/يناير، في أسوأ أزمة شهدتها الدولة الواقعة في آسيا الوسطى في تاريخها الحديث، تتكشف ظلالها، خاصة فيما يتعلق بعدد القتلى وطرق قتلهم.
وتلقي صحيفة نيويورك تايمز الضوء على ييرلان زاجيباروف الذي غادر منزله، ذات مساء في أوائل كانون الثاني/يناير، ليرى ما كان يحدث في مكان قريب من ساحة الجمهورية في مدينة ألماتي، حيث مركز الاحتجاجات الجماهيرية التي اتخذت منحى سياسياً وعنيفاً.
وبعد أقل من نصف ساعة، اتصل زاجيباروف (49 عاماً) بصديق مقرب ليخبره أن الحرس الوطني اعتقله. ثم انقطع الهاتف بعد أن سمعه صديقه يصرخ من الألم.
بعد ستة أيام عثرت عائلته على جثته عارية مشوهة في مشرحة المدينة، حيث أصيب بأعيرة نارية بالقرب من قلبه وبطنه، وكان وجهه منتفخاً وأحمر ولا يزال مقيد اليدين، فيما كانت يده اليمنى مكسورة. تريد عائلته معرفة من قتله.
لكن منذ العثور على رفاته، بدأ أشخاص آخرون في تقديم اتهامات بارتكاب انتهاكات على يد السلطات الكازاخستانية.
غضب واحتجاجات
وسرعان ما تحولت الاحتجاجات على مستوى البلاد التي اندلعت في الثاني من كانون الثاني/يناير بسبب ارتفاع حاد في أسعار الوقود، وسط غضب من الفساد وتدهور مستوى المعيشة، إلى أعمال شغب، كما يقول العديد من شهود العيان والمدافعين عن حقوق الإنسان، وقوبلت بحملة أمنية صارمة.
وتلقي السلطات الكازاخستانية، بدون أن تقدم دليلاً، باللوم على من تسميهم "قطاع الطرق" و"الإرهابيين" المدربين في الخارج بعد الاحتجاجات التي أدت إلى أعمال شغب وخلفت 225 قتيلاً، مما أدى إلى تدخل روسي وجيز.
ولأسابيع ، كانت الأساليب المستخدمة في القضاء على الاحتجاجات مجهولة، بخلاف أمر "القتل بإطلاق النار" من الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف في السابع من كانون الثاني/يناير، وذلك بعد يوم من اختفاء زاجيباروف.
وحالياً، بدأ ناشطون وجماعات حقوقية توثيق ما تسميه نيويورك تايمز بـ"عهد الإرهاب" الذي بدأ قبل وقت طويل من أمر الرئيس بإطلاق النار.
الوحشية والترهيب
وتكشف مقاطع الفيديو والشهادات الجماعية، وكذلك المقابلات التي أجرتها الصحيفة مع المتظاهرين وأفراد عائلاتهم، عما يقولون إنها حملة قاسية من الوحشية والترهيب سرعان ما تغلبت على ثورة مفاجئة.
وفي تقرير صدر الأسبوع الماضي، قالت هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن الكازاخستانية استخدمت القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين، في أربع مناسبات على الأقل بين الرابع والسادس من كانون الثاني/يناير، ممّا أدى إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل وإصابة 19 آخرين.
وقال باحثو هيومن رايتس ووتش إن عدد الوفيات المنسوبة إلى قوات الأمن الكازاخستانية من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
وكان البرلمان الأوروبي ومنظمات غير حكومية دعا إلى إجراء تحقيق دولي في الاضطرابات غير أن رئيس كازاخستان رفض.
التعليقات