كييف: أجرت أوكرانيا الأربعاء تدريبات عسكرية كبرى ونظّمت فعاليات للتعبير عن الوحدة الوطنية تلبية لدعوة أطلقها رئيسها، في حين قلّل حلف شمال الأطلسي وواشنطن من شأن ما أعلنته روسيا من أنّها سحبت قسماً من قواتها المحتشدة على الحدود الأوكرانية.

وحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مناورات قرب ريفني (غرب) وقال للعسكريين الحاضرين "أشكركم على الدفاع عن دولتنا. حين أنظر إليكم أشعر بالثقة".

وفي الوقت نفسه أعلن الجيش الروسي عن انتهاء تدريب ورحيل جنود نشروا في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014 ونشر فيديو يظهر وحدات عسكرية وعربات محملة بمعدات عسكرية تغادر المنطقة ليلا.

ويعبّر الغربيون منذ أسابيع عن قلقهم من خطر حصول غزو روسي وشيك بعدما حشدت موسكو أكثر من مئة ألف جندي عند الحدود الأوكرانية وأجرت تدريبات عسكرية عدة، في وضع متفجر تسبّب بأسوأ أزمة بين الغرب وموسكو منذ انتهاء الحرب الباردة.

وحذّر القادة الأوروبيون والأميركيون الذين كثفوا التحركات الدبلوماسية، من أنّ عقوبات اقتصادية كبرى جاهزة لفرضها على موسكو إن هي هاجمت أوكرانيا. في المقابل تنفي روسيا أن تكون لديها أي نية لشنّ هجوم على جارتها الموالية للغرب.

واذا كان انسحاب جزء من القوات الروسية يعطي أملا حذرا بالخروج من الأزمة فان الأمين العام للحف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أكد الأربعاء أنّه لم يسجّل "أي وقف للتصعيد على الأرض في هذه المرحلة"، مؤكّداً على العكس أنّ "روسيا تواصل تعزيز وجودها العسكري" قرب أوكرانيا.

من جهته أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أنّ الولايات المتحدة لم تر أدلة على انسحاب كبير للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية. وقال لشبكة "أيه بي سي" الإخبارية "ما نراه لا يمثّل انسحاباً ذا معنى".

منذ الاعلان الثلاثاء عن بدء سحب القوات الروسية، عبر الغربيون عن مواقف حذرة.

وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء إن الأمر سيكون "اذا تأكد، بدون شك" مؤشرا على تهدئة.

من جهتها قالت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبريخت إن "تعزيز القوات الروسية على الحدود الأوكرانية لا يزال يشكل مصدر قلق".

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قال الثلاثاء إن الانسحاب "سيكون أمرا ايجابيا"، لكنه تدارك "اننا لم نتحقق حتى الآن" من تنفيذ ذلك، مؤكدا أن هذه القوات التي يقدر عديدها "بأكثر من 150 الف" جندي لا تزال "في وضع يشكل تهديدا".

وسيتحدث بايدن مساء مع شولتس كما أعلن البيت الابيض "في اطار التنسيق الوثيق والمتواصل مع حلفائنا".

بعدما خفف لهجته، مد بايدن يده الى نظيره الروسي الثلاثاء قائلا "يجب أن نعطي كل الفرص للدبلوماسية".

ورد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قائلا "إنه أمر إيجابي أن يشير الرئيس الأميركي أيضًا إلى استعداده بدء مفاوضات جدية".

واعتبر أن هذه المفاوضات "صعبة جدًا". بالنسبة لروسيا، يجب أن تؤدي المحادثات إلى إعادة بناء هندسة الأمن الأوروبي المنبثق عن الحرب الباردة. وقال "سيكون ذلك صعبًا جدًا، يتطلب الأمر الكثير من المرونة من الجانبين والإرادة السياسية".

وتطالب روسيا بإنهاء سياسية التوسع التي ينتهجها حلف شمال الأطلسي والتزامه عدم نشر أسلحة هجومية على مقربة من الأراضي الروسية وسحب معدّاته من دول أوروبا الشرقية.

رفضت الدول الغربية هذه المطالب وطرحت في المقابل مفاوضات حول مسائل أخرى مثل الحدّ من التسلّح وإجراء زيارات متبادلة لمواقع حساسة أو محادثات حول المخاوف الروسية بشأن الأمن.

وفي موازاة الانسحاب الجزئي للقوات الروسية، فتحت موسكو جبهة جديدة مع تصويت البرلمان الروسي الثلاثاء على وثيقة تطلب من الرئيس بوتين الاعتراف باستقلال الاراضي الانفصالية في اوكرانيا.

وحذّر وزير الخارجية الأميركي الأربعاء قائلا "سيشكل ذلك انتهاكا فاضحا للقانون الدولي".

ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال اتصال مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون الى "البحث عن حل شامل للمسألة الأوكرانية عبر الحوار والتشاور" بحسب ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة.

من جهتهم، احتفل الأوكرانيون الأربعاء ب"يوم الوحدة" الذي أعلنه رئيسهم فولوديمير زيلينسكي مع رفع الأعلام في شوارع كييف من قبل السلطات وسكان العاصمة.

في بعض مدارس العاصمة تم تنظيم تدريبات على الاجلاء.

وقال مساعد لرئيس البلدية فالنتين موندريفسكي "يجب ألا يكون هناك ذعر"، مضيفا "بصفتنا راشدين، واجبنا أن نحافظ على هدوئنا".

وسيتوجه الرئيس الأوكراني أيضا الى ماريوبول، آخر مدينة كبرى في الشرق تسيطر عليها كييف وتعتبر بين المناطق المهددة أكثر من غيرها في حال حصول اجتياح لأنها تقع على بعد عشرين كيلومترا فقط من خط الجبهة الفاصل مع الانفصاليين الموالين لروسيا.

وفي بادرة رمزية أعلن عدد من أغنى رجال أوكرانيا عن عودتهم الى البلاد تلبية لدعوة من الرئيس الأوكراني، كما توجه الملياردير رينات احمدوف أيضا الى ماريوبول وأعلن فيها عن أكثر من مليار دولار من الاستثمارات لعام 2022.

وتوجه سفير الاتحاد الأوروبي في اوكرانيا ماتي ماسيكاس أيضا الى ماريوبول.

واستُهدفت اوكرانيا الثلاثاء بهجوم معلوماتي واسع النطاق طال بشكل خاص الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع و15 مصرفا، واعتبرت ان موسكو قد تكون وراء الهجوم.

وردّ ديمتري بيسكوف الأربعاء قائلا إنّ "روسيا ليس لديها علاقة بأي هجمات معلوماتية من أي نوع كان".