كييف: وجّه الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء نداء عاطفيا للنواب الاميركيين مطالبا بتدخل غربي أكبر ضد روسيا التي قالت إن عمليتها العسكرية في أوكرانيا تسير "بنجاح" رغم وقوف الغرب بجانب كييف عبر توفير الأسلحة وفرض عقوبات على موسكو فيما أمرت محكمة العدل الدولية روسيا بوقف غزوها.

وشبّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رعب الحرب الروسية في بلاده بهجمات بيرل هاربور وهجمات 11 أيلول/سبتمبر، في خطاب بالفيديو أمام الكونغرس الأميركي الأربعاء، داعيا الرئيس الاميركي إلى أن يكون "قائد سلام".

وقال زيلينسكي "هذا رعب لم تشهده أوروبا، ولم يشاهد منذ 80 عاما". وأضاف مستذكرا الغارة الجوية التي دفعت الولايات المتحدة إلى دخول الحرب العالمية الثانية "تذكروا بيرل هاربور، صباح 7 كانون الأول/ديسمبر 1941 الرهيب، عندما جعلت الطائرات التي هاجمتكم السماء سوداء".

وتابع "تذكروا 11 أيلول/سبتمبر 2001 عندما حاول الشر تحويل مدنكم وأراضيكم المستقلة إلى ساحات قتال. بلدنا يشهد الأمر نفسه كل يوم" وتوجه إلى الرئيس الاميركي قائلا "أن تكون قائد العالم هو أن تكون قائد السلام".

وكرر الرئيس الاوكراني دعوته للولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي بإنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا "حتى لا تتمكن روسيا من إرهاب مدننا".

من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء أن عمليته العسكرية في أوكرانيا "ناجحة" موضحا أن موسكو لن تدع هذا البلد يتحول إلى "منصة" يتم الانطلاق منها لتهديد روسيا.

وقارن بوتين العقوبات الغربية التي فرضت على روسيا واقتصادها ورياضييها وثقافتها ب"الاضطهاد" الذي عانى منه اليهود، منددا بالسلوك "الشائن" و"غير اللائق" للغربيين.

وقال بوتين خلال تصريحات متلفزة "العملية تسير بنجاح، بما يتوافق بدقة مع الخطط الموضوعة مسبقا"، مؤكدا مرة جديدة أنه لا يسعى إلى "احتلال" أوكرانيا. وأشار إلى أنه شن الهجوم لأن "كل الخيارات الدبلوماسية" قد استنفدت.

من جانبها، أمرت محكمة العدل الدولية روسيا الأربعاء بوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا على الفور. وقالت جوان دونوهيو رئيسة المحكمة "على جمهورية روسيا الاتحادية فورًا تعليق العمليات العسكرية التي بدأتها في 24 شباط/فبراير في أراضي أوكرانيا".

على الجانب الدبلوماسي، قال الكرملين الأربعاء إن "حياد أوكرانيا على نسق السويد أو النمسا هو الخيار الذي يناقشه حاليا (مفاوضو البلدين) والذي يمكن اعتباره تسوية"، لكن كييف سرعان ما أعلنت رفضها هذا المقترح.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "هناك صيغًا محددة جدا أعتقد أنها ستكون محور اتفاق قريب" مشيرا في الوقت نفسه إلى أن المحادثات "ليست سهلة".

من جانبها، أعلنت الرئاسة الأوكرانية الأربعاء أنها ترفض فكرة أن تكون كييف محايدة على غرار السويد أو النمسا مطالبة ب"ضمانات أمنية مطلقة" في وجه روسيا.

وقال المفاوض الأوكراني ميخائيلو بودولياك في تعليقات نشرتها الرئاسة "أوكرانيا في حالة حرب مباشرة مع روسيا الآن. والنسق لا يمكن أن يكون إلا 'أوكرانيا'".

ويجري الأوكرانيون والروس منذ الاثنين جولة جديدة من المفاوضات عبر الفيديو وسيعقدون اجتماعا الأربعاء.

وفي السياق، بحث البابا الكاثوليكي فرنسيس والبطريرك الأرثوذوكسي كيريل في الصراع في أوكرانيا الأربعاء وتمنيا حلول "السلام" بحسب بيان صادر عن بطريركية موسكو.

وهذا التكثيف الواضح للمفاوضات لم يمنع استمرار القصف الروسي على العديد من المناطق في البلاد والذي دفع أكثر من ثلاثة ملايين أوكراني إلى النزوح، نصفهم تقريبا من الأطفال.

وتخضع العاصمة كييف لحظر تجول منذ مساء الثلاثاء وحتى صباح الخميس، بعد غارات عدة استهدفت مباني سكنية يومي الاثنين والثلاثاء.

وسمع دوي انفجارات قوية فجر الأربعاء في العاصمة الأوكرانية، تلاها تصاعد أعمدة الدخان الأسود فوق المدينة حيث أسفرت غارات روسية على مبان سكنية عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل.

ولم تقدم السلطات المحلية على الفور أي تقييم أو تفاصيل فيما لم يسمح للصحافة بالتجول في المدينة بسبب حظر التجول.

وتشكلت طوابير طوال النهار أمام محلات السوبر ماركت. وأكد فلاد فولودكو (26 عاما) "نحن صامدون".

وخلت كييف التي تحاول القوات الروسية محاصرتها من نصف سكانها على الأقل البالغ عددهم 3,5 ملايين نسمة منذ بدء النزاع في 24 شباط/فبراير.

وتتعرّض مدن كبرى مثل خاركيف (شمال شرق) وماريوبول (جنوب شرق) للقصف بشكل مكثف، وفقا للسلطات المحلية.

وما زال آلاف الأشخاص عالقين في ماريوبول، مختبئين في أقبية رغم تمكّن 20 ألف شخص من مغادرة هذه المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة على بحر أزوف الثلاثاء المحاصرة منذ أيام، باتجاه زابوريجيا على مسافة أكثر من 200 كيلومتر إلى الشمال الغربي.

وأعلن مدعون أوكرانيون الأربعاء أن عشرة أشخاص قتلوا بنيران القوات الروسية في وقت سابق اليوم، أثناء انتظارهم في طابور للحصول على الخبر في مدينة شرنيهيف الواقعة شمالا، عند العاشرة صباحًا (08,00 ت غ).

وتتعرض العديد من المناطق الأخرى للنيران الروسية مثل ميكولايف (جنوب) قرب أوديسا.

في أوديسا، قالت السلطات الأوكرانية إنها "تستعد لإنزال روسي من البحر الأسود". وتقول سلطات مناطق جيتومير (جنوب كييف) وسومي (شمال شرق) ودنيبرو (وسط) وسفيرودونتسك (شرق) إنها تتعرض لقصف روسي.

في الوقت نفسه تتواصل جهود الوساطة من جانب تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي والتي رفضت الانضمام إلى العقوبات المفروضة على موسكو. وزار وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو موسكو الأربعاء حيث أجرى محادثات، ومن المقرر أن يتوجه إلى أوكرانيا الخميس.

ومن المقرر عقد قمة استثنائية للناتو مخصصة للنزاع في 24 آذار/مارس في بروكسل، بالإضافة إلى قمة لقادة الاتحاد الأوروبي. وستعقد قمة الحلف بحضور بايدن لإعادة تأكيد التزام الولايات المتحدة "في كل الظروف" تجاه حلفائها حسب البيت الأبيض.

عاد رؤساء الوزراء البولندي والتشيكي والسلوفيني ماتيوش مورافيتسكي وبيتر فيالا ويانيز الأربعاء إلى بولندا بعد زيارة كييف الثلاثاء، بعد رحلة طويلة بالقطار لتأكيد دعمهم للرئيس الأوكراني.

وكتب مورافيتسكي على تويتر قبل العودة إلى وارسو الأربعاء "لن نترككم بمفردكم أبدا. سنكون بجانبكم لأننا نعلم أنكم لا تقاتلون فقط من أجل حريتكم ومن أجل منزلكم وسلامتكم لكن أيضا من أجلنا".

وفي الوقت نفسه، دعت بولندا إلى إنشاء "مهمة سلام" لحلف شمال الأطلسي "تحميها القوات المسلحة" لمساعدة أوكرانيا.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تحدث مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك ساليفان مع الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروتشيف الأربعاء، في أول اتصال رسمي رفيع المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الغزو الروسي.

وقال البيت الأبيض إن ساليفان قال للجنرال باتروتشيف إنه "إذا كانت روسيا جادة بشأن الدبلوماسية، يجب على موسكو أن تتوقف عن مهاجمة المدن الأوكرانية".

كذلك، زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أوكرانيا حيث أجرى اتصالا عبر الفيديو مع الرئيس زيلينسكي، وفق ما أعلنت المحكمة الأربعاء. وأفاد خان "اتفقنا على الحاجة إلى بذل كل الجهود لضمان احترام القانون الإنساني الدولي وحماية السكان المدنيين".

من جانبه، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الأربعاء أن الناتو لن ينشر قوات برية ولا جوية في أوكرانيا.

وقال ينس ستولتنبرغ ردا على طلب بولندا إرسال "بعثة سلام تحميها القوات المسلحة" إلى هذا البلد "لا جدال في نشر قوات الناتو أو طائراته في أوكرانيا".

وصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير في زيارة لكييف تستغرق خمسة أيام.

وأشار إلى "المعاناة الهائلة للمدنيين" مشددا على "الأهمية القصوى" للاعتراف بالعمل الإنساني المحايد الذي تقوم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر على الأرض.

كذلك، قالت منظمة الصحة العالمية الأربعاء إن المرافق والطواقم الصحية في أوكرانيا تتعرض لهجمات بوتيرة غير مسبوقة منذ بدء الغزو الروسي.

وقال مدير الطوارئ في المنظمة مايكل راين للصحافيين "لم نشهد على المستوى العالمي... هذه الوتيرة من الهجمات على منشآت الرعاية الصحية" محذرا من "وصول هذه الأزمة إلى نقطة باتت معها منظومة الصحة في أوكرانيا على شفا الهاوية".

من ناحية اخرى، تواجه روسيا الأربعاء استحقاق دين خارجي بقيمة 117 مليون دولار قد تتخلف عن تسديده بسبب تجميد أصولها في الخارج بسبب العقوبات الغربية التي فرضت ردا على غزوها أوكرانيا.

وسعى الكرملين لقمع المعارضة الداخلية لحربه على اوكرانيا وحظر الوصول إلى 15 وسيلة إعلام روسية وأجنبية على الأقل، من بينها موقع بي بي سي نيوز.