كييف: أعلنت السلطات الأوكرانية الأحد ان روسيا قصفت مدرسة تؤوي 400 شخص في مدينة ماريوبول المحاصرة فيما أعلنت موسكو أنها استخدمت للمرة الثانية في اوكرانيا صاروخا فرط صوتي.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب الأحد إن حصار ماريوبول، الميناء الاستراتيجي في جنوب شرق البلاد الذي قطعت عنه الاتصالات لأيام، "سيسجل في التاريخ للمحاسبة لجرائم الحرب". وأشار أيضا الى مقتل آلاف الجنود الروس في الحرب.

تسببت الحرب في أوكرانيا التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 24 شباط/فبراير لوقف توجه هذه الجمهورية السوفياتية السابقة نحو الغرب، بأكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

ووصلت العلاقات بين روسيا والغرب الى ادنى مستوياتها مثلما كانت خلال الحرب الباردة، ما ألحق ضررا بالاقتصاد العالمي الذي لا يزال يتعافى من تداعيات انتشار فيروس كورونا.

قال مجلس مدينة ماريوبول في تطبيق المراسلة تلغرام الأحد "بالامس ألقى المحتلون الروس قنابل على مدرسة الفن رقم 12" مضيفا أن حوالى 400 امرأة وطفل وكبار السن كانوا يحتمون هناك من القصف.

وأضاف أن "مدنيين مسالمين لا يزالون تحت الأنقاض" مشيرا الى ان المبنى دمر.

قالت سلطات المدينة أيضا ان بعض سكان ماريوبول ارغموا على الانتقال الى روسيا وجردوا من جوازات سفرهم الأوكرانية.

وقال بافلو كيريلينكو رئيس إدارة منطقة دونيتسك الإقليمية إن "المحتلين يرسلون سكان ماريوبول إلى معسكرات فرز ويفحصون هواتفهم ويصادرون وثائقهم الأوكرانية" مضيفا أنه تم ترحيل أكثر من ألف من سكان ماريوبول.

وأضاف على فيسبوك "أناشد المجتمع الدولي الضغط على روسيا وقائدها المجنون".

أعلنت وزارة الدفاع الروسية الأحد أنها استخدمت صواريخ "كينجال" الحديثة فرط الصوتية التي أشاد بها فلاديمير بوتين، لتدمير موقع تخزين وقود في منطقة ميكولاييف بجنوب البلاد.

اذا تأكد ذلك فان الضربة ستكون الثانية التي تستخدم فيها روسيا أسلحة متطورة في الحرب غداة إعلانها انها دمرت موقع تخزين صواريخ تحت الأرض وذخائر في غرب اوكرانيا قرب الحدود مع رومانيا.

لا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور في معظم الجنوب والشرق حيث تواصل القوات الروسية تقدمها وكذلك في الشمال في محيط العاصمة كييف.

حذرت وكالات الاغاثة من انها تواجه صعوبات في الوصول الى مئات آلاف الأشخاص العالقين بسبب الغزو الروسي.

وقد فرّ عشرة ملايين شخص من منازلهم في أوكرانيا بسبب حرب روسيا "المدّمرة"، حسبما قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الأحد.

تعد ماريوبول من المدن الأكثر تضررا لانها تحتل موقعا استراتيجيا مهما.

سيؤدي الاستيلاء عليها الى ربط شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014، بالمناطق الانفصالية في شرق البلاد دونيتسك ولوغانسك اللتين انفصلتا في نفس السنة ويسيطر عليها انفصاليون مدعومون من موسكو.

يعتقد ان هناك آلاف الاشخاص عالقون في المدينة حيث قطعت الكهرباء والماء والغاز. وأعلنت موسكو السبت ان قواتها خرقت دفاعات المدينة وباتت داخلها.

الاربعاء الماضي تعرض مسرح كان يؤوي الف شخص لقصف ولا يزال هناك العديد من المفقودين تحت الانقاض.

وقالت تامارا كافونينكو (58 عاما) "هذه لم تعد ماريوبول، هذا جهنم" مضيفة "الشوارع مليئة بجثث مدنيين".

في تسجيل الفيديو الذي ينشره يوميا قال زيلينسكي ان حصار ماريوبول "عمل إرهابي سيتم تذكره حتى في القرن المقبل".

وأشار الرئيس الأوكراني الذي لاقى إعجابا كبيرا في العالم لانه بقي في العاصمة في مواجهة التقدم الروسي، الى ان 14 ألف جندي روسي قد سقطوا في المعارك.

وقال "عدد (الضحايا) سيواصل الارتفاع".

أشارت آخر حصيلة قدمتها روسيا في مطلع آذار/مارس الى ان حوالى 500 جندي قتلوا. وآخر حصيلة أوردتها اوكرانيا في 12 آذار/مارس تشير الى مقتل 1300 جندي أوكراني.

أصبح زيلينسكي وهو ممثل سابق وكوميدي، اول قائد وطني يقوم بحملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي خلال حرب وينشر تسجيلات فيديو يومية وصور السلفي على مختلف المنصات.

وقد ناشد زيلينكسي الذي نشأ في شرق اوكرانيا، في شريط فيديو بث مباشرة النواب في الولايات المتحدة واوروبا مساعدة بلاده.

كما يلقي الرئيس الأوكراني الذي يشدد على انتمائه إلى الديانة اليهودية في سعيه للحصول على الدعم بمواجهة الغزو الروسي، كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي الأحد في محاولة لحشد دعم اليهود وإسرائيل لبلاده.

أبدى الجيش الأوكراني مقاومة شرسة غير متوقعة أدت إلى إبطاء تقدم روسيا ما أوقف قواتها خارج العاصمة كييف وعدة مدن أخرى وجعل خطوط الإمداد في موسكو عرضة للهجمات الأوكرانية.

في مستشفى الأطفال أخماتديت في كييف قالت طبيبة الأطفال سفيتلانا أونيسكو إنها وزملاؤها "يعيشون في المستشفى" بعد اندلاع الحرب.

وأضافت "نهارا وليلا وصباحا ومساء، نهرع لمساعدة الأطفال، وهذا أمر رهيب وصعب فعلا".

في شمال البلاد تحدث فلاديسلاف أتروشنكو رئيس بلدية تشيرنيهيف عن "كارثة إنسانية مطلقة" في مدينته.

وقال للتلفزيون إن "القصف المدفعي العشوائي على الأحياء السكنية مستمر ويؤدي الى مقتل عشرات المدنيين من أطفال ونساء". واضاف "لا كهرباء ولا تدفئة ولا ماء والبنية التحتية للمدينة مدمرة بالكامل".

وتابع أتروشنكو في مستشفى اصيب في القصف أن "المرضى الذين خضعوا لعمليات جراحية يرقدون في الممرات بدرجة حرارة تبلغ عشر درجات مئوية".

وأكدت وزارة الدفاع البريطانية في بيان أن روسيا "فشلت في السيطرة على المجال الجوي وتعتمد بشكل كبير على أسلحة بعيدة المدى يتم إطلاقها من مواقع الأمان النسبي للمجال الجوي الروسي لضرب أهداف في أوكرانيا".

وقالت ان روسيا "زادت قصفها العشوائي للمناطق الحضرية ما ادى الى دمار شامل وأعداد كبرى من الاصابات المدنية" بعد تقدم محدود في السيطرة على عدة مدن في شرق أوكرانيا.

وأضافت ان روسيا يرجح ان تواصل القيام بذلك "للحد من خسائرها على حساب سقوط ضحايا مدنيين إضافيين".

التقى المفاوضون الروس والأوكرانيون عدة مرات لكن بدون تحقيق نتيجة.

لكن انقرة أعلنت الأحد أن موسكو وكييف حققتا تقدما في المفاوضات الهادفة الى وضع حدّ للغزو الروسي لأوكرانيا، وباتتا قريبتين من إبرام تفاهم.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو "بالطبع، هذا ليس أمرا يسهل تحقيقه بينما الحرب تتواصل والمدنيون يُقتلون، لكننا نريد أن نقول إن الزخم ما زال موجودا".

تريد روسيا من اوكرانيا ان تنزع اسلحتها وتفك كل تحالفاتها الغربية وخصوصا العدول عن الانضمام الى حلف شمال الاطلسي او التقارب مع الاتحاد الاوروبي وهو ما ترفضه كييف.

تسببت الحرب الروسية بموجة عقوبات غير مسبوقة على موسكو وضد بوتين وأوساطه وشركات روسية.

سارعت شركات غربية من شركات نفط الى المطاعم التي تقدم وجبات سريعة، الى الانسحاب من روسيا أو وقف عملياتها فيها وتم تجميد أصول البنك المركزي في الخارج وقطعت العديد من المصارف الروسية عن شبكة سويفت للتعاملات المالية بين المصارف.

خلفت الحرب أضرارا على الاقتصاد العالمي فيما لا يزال يتعافى من الوباء.

روسيا مصدر رئيسي للنفط والغاز والسلع فيما تعد أوكرانيا مصدرا رئيسيا للقمح.

نتيجة لذلك ارتفعت أسعار السلع على خلفية مخاوف من نقص الامدادات ما أجج التضخم الذي كان مرتفعا أساسا كما قال كبير الاقتصاديين لدى البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية لوكالة فرانس برس.

وقال بيتا يافوركيك "حتى لو توقفت الحرب اليوم، فان تداعيات هذا النزاع ستبقى لأشهر".