فاليتا: دعا البابا فرنسيس السبت إلى "استجابات واسعة" لأزمة الهجرة، في كلمة ألقاها في مستهل زيارة إلى مالطا تستمر يومين.

وقال الحبر الأعظم أمام شخصيات مالطية إن "ازدياد حالة الهجرة الطارئة، تدعونا لنفكر في اللاجئين من أوكرانيا المعذبة.. وندعو إلى استجابات واسعة ومشتركة. لا يمكن لبعض الدول أن تتحمل كل المشكلة وحدها، والآخرون لا يبالون".

وتحدث عن "رياح الحرب الباردة" التي تجتاح أوروبا مجدداً، متناولاً الحرب في أوكرانيا، وقال: "في حين أن بعض الأقوياء الذين سجنوا أنفسهم للأسف في ادعاءات مصالح قومية عفا عليها الزمن، أثار الصراعات وسببّها مرة أخرى، يشعر الناس العاديون بالحاجة إلى بناء مستقبل إما أن يكون معا أو لن يكون".

وكان البابا قد وصل اليوم السبت إلى مالطا في زيارة تستمر يومين في هذه الجزيرة المتوسطية حيث يتوقع أن يجدد دعواته إلى السلام وإلى استضافة لاجئين ومهاجرين فيما يتدفق ملايين الأوكرانيين إلى أوروبا.

وحطت طائرة الحبر الأعظم قبيل الساعة العاشرة (الثامنة ت غ) في مطار العاصمة فاليتا وفق مراسلين لوكالة فرانس برس كانوا في الطائرة.

وقال البابا البالغ 85 عاما للصحافيين الذين رافقوه في الطائرة قبيل وصوله "شكرا جزيلا لمرافقتي في هذه الرحلة التي وإن كانت قصيرة، ستكون جميلة".

ويلقي البابا خطابا أول أمام السلطات والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي في فاليتا.

في فترة بعد الظهر ينتقل في مركب شراعي إلى غوزو في شمال البلاد وهي إحدى جزرها الثلاث المأهولة حيث سيترأس صلاة في مزار تابينو الوطني.

وبسبب آلام في الورك والركبة، اضطر البابا للمرة الأولى السبت إلى الاستعانة بمنصة رافعة للصعود إلى الطائرة في روما.

ثالث حبر أعظم يزور مالطا

البابا فرنسيس هو ثالث حبر أعظم يزور مالطا بعد يوحنا بولس الثاني في 1990 و2001 وبنديكتوس السادس عشر في 2010. وعشية زيارته قال البابا إنه "حاج" يستعد لتطأ قدماه "أرضا منورة" على خطى القديس بولس شفيع الجزيرة للقاء "جماعة مسيحية تتمتع بتاريخ يعود لآلاف السنين".

مع أن الكاثوليكية لا تزال مدرجة في دستور البلاد إلا ان الديانة شهدت تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة فيما سيشجع البابا على التبشير الجديد على خلفية تراجع في الدعوات الكهنوتية.

في مرفأ فاليتا ترتفع أعلام الفاتيكان الصفراء والبيضاء إلى جانب أعلام مالطا. وكتب على لافتات "أهلا وسهلا بالبابا فرنسيس".

على طرقات هذه المستعمرة البريطانية السابقة، حلت صور تظهر الحبر الأعظم مبتسما مكان ملصقات انتخابية كانت رُفعت بمناسبة اقتراع الأسبوع الماضي فازت بنتيجته الحكومة العمالية بولاية ثالثة.

وقال سيمون توربياني وهو متقاعد مالطي في الثمانين من العمر لوكالة فرانس برس "يحظى (البابا) باعجاب كبير لكن لا يتم الإصغاء إليه كثيرا...ثمة فرق كبير بين الاعجاب وتطبيق ما يقوله".

وأضاف "سيطلب منا أن نستقبل المزيد من المهاجرين... نقوم بالكثير نظرا إلى اننا جزيرة صغيرة لكن ثمة جوا من العنصرية أحيانا بالاستناد إلى لون" البشرة.

وقالت جاين بيانكو عاملة التنظيفات البالغة 60 عاما "اظن انه محبوب أكثر (من بنديكتوس السادس عشر) لأنه أقرب بكثير من الناس".

وعمل عشرات الأشخاص في الأيام الأخيرة على وضع اللمسات الأخيرة على تحضيرات الزيارة.

وتقع مالطا بين جزيرة صقلية الإيطالية وتونس، وهي أصغر دول الاتحاد الأوروبي وتشكل بوابة دخول إلى اوروبا لمهاجرين يسلكون طريق المتوسط. ويتوقع أن يجدد البابا فرنسيس المدافع الكبير عن المهاجرين وطالبي اللجوء، دعواته لأوروبا لاستقبال المزيد منهم على غرار ما فعل في رحلتيه الأخيرتين في قبرص واليونان.

وقال برنارد فاليرو الدبلوماسي السابق والخبير في شؤون المتوسط لوكالة فرانس برس "لمالطا أبعاد رمزية على أصعدة عدة، فموقعها في وسط المتوسط مسرح مأساة الهجرة، وتاريخ الجزيرة نفسها زاخر بعمليات غرق سفن وبالقديس بولس وبموجات الهجرة، مع رمزية دينية كبيرة".

مواعيد

وخلال هذه الزيارة وهي السادسة والثلاثون له في الخارج سيستقل البابا فرنسيس مجددا السيارة البابوية "باباموبيلي" لالقاء التحية على الحشود.

وتسري تساؤلات "هل سيلمح البابا إلى الفساد المستشري في هذا البلد؟" وهل "سيثير قضية اغتيال الصحافية دافني كاروانا غاليزيا في العام 2017 التي خلفت صدمة في مالطا والعالم، أجج الاتهامات بالتساهل والتراخي بشأن هذه الآفة؟"

وسيصلي رئيس الكنيسة الكاثوليكية التي تضم 1,3 مليار مؤمن في العالم، في مغارة القديس بولس شفيع الجزيرة الذي يفيد التقليد المسيحي ان مركبه غرق قبالتها في العام 60 بعد الميلاد، ومن ثم يترأس قداسا في فلوريانا قرب فاليتا يتوقع أن يحضره نحو عشرة آلاف شخص.

ويلتقي البابا أيضا مهاجرين في مركز استقبال في هال فار في جنوب البلاد. وخلال مؤتمره الصحافي التقليدي خلال الرحلة التي تعيده إلى روما، قد يتطرق الحبر الأعظم ألى الحرب في أوكرانيا التي ندد كثيرا بها.

بُذكر أنه كان يفترض أن يتوجه البابا إلى مالطا العام 2020 لكن الزيارة ارجئت بسبب جائحة كوفيد. وخضع البابا في 2021 لعملية في القولون وألغى في شباط/فبراير التزامات بسبب "ألم حاد في الركبة".