كراماتورسك (أوكرانيا): حضّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأمم المتحدة الثلاثاء على التحرك "فورا" لمواجهة "جرائم الحرب" التي ترتكبها روسيا في بلاده وفق قوله، فيما تنفي موسكو تلك الاتهامات.

وبعد موجة الصدمة التي سببها العثور على العديد من الجثث نهاية الأسبوع الماضي في مدينة بوتشا قرب كييف حيث تتهم أوكرانيا الروس بارتكاب مجزرة، كثّف الاتحاد الأوروبي وواشنطن ضغوطهما الاقتصادية والدبلوماسية على روسيا.

وطالب زيلينسكي متوجها إلى مجلس الأمن الدولي الثلاثاء بـ"محاسبة" روسيا لارتكابها "جرائم الحرب" خلال هجومها على بلاده.

وأضاف "نحن الآن بحاجة إلى قرارات لمجلس الأمن من أجل السلام في أوكرانيا. اذا كنتم لا تعرفون كيف تتخذون هذا القرار فيمكنكم القيام بأمرين".

وأوضح زيلينسكي في حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "إما أن تستبعدوا روسيا باعتبارها بلدا معتديا ومبادرا للحرب حتى لا تعرقل القرارات المتعلقة بعدوانها. ثم نبذل كل ما في وسعنا لتحقيق السلام، أو إظهار أنه يمكننا القيام بإصلاح أو تغيير (...) إذا لم يكن هناك بديل أو خيار، سيكون الخيار التالي هو أن تحل الهيئة نفسها".

وبعدها، عرض مقطع فيديو أمام مجلس الأمن يظهر صور أشخاص قتلوا في أوكرانيا.

وقالت السفيرة البريطانية باربرا وودوارد إن هذه "صور مروّعة".

نيبينزيا

وبعيد كلمة زيلينسكي أكد سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا الثلاثاء أن بلاده أجلت "600 ألف شخص" من أوكرانيا ولم يذهبوا "بالإكراه او يرحّلوا" كما يقول الغرب.

وقال "لم نأت إلى أوكرانيا للاستيلاء على أراض" رافضا مجددا الاتهامات الموجة إلى الجيش الروسي بارتكاب فظائع.

واعتبر نبينزيا أن زيلينسكي "يحمّل ضميره وزر اتّهامات لا أساس لها يوجّهها للجيش الروسي ولم يؤكد صحّتها أي شاهد عيان".

وتصر موسكو على أن المشاهد التي تبثها السلطات الأوكرانية عن مجازر في بوتشا مفبركة.

وتحدّث نبينزيا عن "عدم اتّساق فاضح" في روايات عن أحداث ينشرها الأوكرانيون ووسائل إعلام غربية.

طرد دبلوماسيين

وبعد فرنسا وألمانيا الاثنين، قررت سلوفينيا الثلاثاء طرد 33 دبلوماسيا روسيا تعبيرا عن "احتجاجها" و"صدمتها" إثر اكتشاف العديد من الجثث في مدينة بوتشا الأوكرانية بعد انسحاب القوات الروسية منها.

واستدعت وزارة الخارجية السفير الروسي تيمور إيجفازوف لإبلاغه بتقليص عدد الطواقم الدبلوماسية والإدارية، بحسب بيان. وفي المجموع طرد حوالى 200 دبلوماسي روسي من أوروبا في غضون 48 ساعة.

مواقف أميركية وأوروبية

من جانبها، ستمنع الولايات المتحدة روسيا اعتبارا من الثلاثاء من تسديد دينها بدولارات مودعة في مصارف أميركية ما يزيد الضغوط على موسكو ويزيد من احتمال أن تتخلف عن دفع الديون المستحقة.

وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الثلاثاء في وارسو إن بريطانيا جمدت 350 مليار دولار من "صندوق حرب" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

واقترحت المفوضية الأوروبية الثلاثاء على دول الاتحاد الأوروبي تشديد العقوبات على موسكو من خلال وقف مشترياتها من الفحم الروسي، وعبر إغلاق الموانئ الأوروبية أمام السفن التي يشغلها روس، علما بأن الاتحاد الأوروبي يستورد من روسيا 45 بالمئة من احتياجاته من الفحم والغاز.

كذلك، دعا ميخايلو بودولياك مستشار زيلينسكي، أوروبا إلى منح أوكرانيا "أسلحة ثقيلة اليوم".

على جبهة العمليات العسكرية، تعرضت مدينة كراماتورسك الكبيرة التي تسيطر عليها كييف في شرق البلاد لقصف متكرر ليل الاثنين الثلاثاء وهي مهددة بهجوم روسي.

وصرح عنصر أمني لوكالة فرانس برس "نعلم ان الروس يعززون صفوفهم ويستعدون للهجوم"،ذاكرا خصوصا زيادة تحليق طائرات هليكوبتر روسية فوق الجبهة، ما ينذر عادة بهجوم واسع النطاق.

روسيا تُعزز صفوفها

وبعد انسحاب القوات الروسية التي كانت تحاصر كييف ومحيطها، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ الثلاثاء إن روسيا تعزز صفوفها من أجل "السيطرة على كامل منطقة دونباس" في شرق أوكرانيا وإنشاء "جسر بري مع شبه جزيرة القرم" التي ضمتها موسكو عام 2014.

وحذّر ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي عشية اجتماع لوزراء خارجية الحلف "نحن في مرحلة حاسمة من الحرب".

ومنذ الاثنين، تنفي روسيا مسؤوليتها عن "المجزرة" في بوتشا التي تتهمها كييف بتنفيذها.

لكن ناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قالت إن المشاهد الملتقطة في مدينة بوتشا الأوكرانية والتي تظهر عشرات الجثث بعد انسحاب القوات الروسية منها "تشير إلى استهداف مدنيين عمدا".

وبحسب رئيس بلدية بوتشا أناتولي فيدوروك، دفن الأوكرانيون 280 شخصا في الأيام الأخيرة في "مقابر جماعية" في المدينة، وهو عدد الجثث المتراكمة.

وأثارت مشاهد بوتشا موجة تنديد شديد بين حلفاء أوكرانيا الغربيين الذين توعدوا روسيا بعقوبات جديدة "هذا الأسبوع"، لارتكابها "جرائم حرب".

وأعلن الاتحاد الأوروبي أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين ووزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل سيسافران "هذا الأسبوع" إلى كييف للقاء زيلينسكي.

وقال رئيس بلدية ماريوبول الساحلية التي يحاصرها الجيش الروسي فاديم بويتشينكو لوكالة فرانس برس الثلاثاء، إن المدينة "تجاوزت مرحلة الكارثة الإنسانية" واصفا وضع سكانها البالغ عددهم حاليا 120 ألفا بأنه "مزرٍ".

وكان بويتشنكو أعلن الاثنين أن المدينة التي كان عدد سكانها يبلغ نصف مليون نسمة قبل الحرب "دمرت بنسبة 90 في المئة".

وقالت إيرينا فيريشتشوك نائبة رئيس وزراء أوكرانيا، إنه من المتوقع إنشاء سبعة ممرات إنسانية الثلاثاء لمواصلة عمليات إجلاء المدنيين العالقين في المدينة.

فرار

وفرّ أكثر من 4,24 ملايين لاجئ أوكرانيين من بلادهم منذ الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير، وفق تعداد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ولم تشهد أوروبا هذا التدفق الكبير للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، وحوالى 90 % منهم نساء وأطفال، إذ إن السلطات الأوكرانية لم تسمح بمغادرة الرجال الذين يستطيعون القتال.

وأكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء أن الحرب في أوكرانيا لديها تداعيات على 74 دولة نامية وتؤثر على 1,2 مليار شخص في العالم.