القدس: أصيب 19 فلسطينيا وسبعة إسرائيليين بجروح خلال مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين الأحد في باحة المسجد الأقصى ومحيطها في القدس الشرقية المحتلة فيما اعتقل 18 شخصا، بعد يومين على صدامات مشابهة أسفرت عن سقوط أكثر من 150 جريحا.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إن "مئات" المتظاهرين الفلسطينيين وبعضهم ملثمين "جمعوا حجارة وخزنوها" تمهيدا لاستخدامها في الصدامات قبيل بدء "زيارات" يهود لباحة المسجد في أوقات محددة وبشروط.

ويعتبر الفلسطينيون زيارات اليهود الذين يسمون الموقع "جبل الهيكل" عمليات "اقتحام".

وأكدت الشرطة أنها تعمل على إبعاد المحتجين وستواصل "التحرّك ضد المخالفين للقانون ومثيري الشغب للحفاظ على الأمن والسلم العام".

وقالت الشرطة في بيان منفصل لاحقا إنها "ألقت القبض على 18 شخصا يشتبه بأنهم ألقوا الحجارة والألعاب النارية وغيرها من أعمال الشغب العنيفة والاعتداءات على الشرطة والمدنيين".

ووصف مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني الوضع في المسجد وباحاته وحتى خارجه بأنه "مزر". وقال لوسائل إعلام إن "أكثر من مئتين من أفراد القوات الخاصة" الإسرائيلية "اعتدوا على المصلين وأخرجوهم بالقوة وتم تقطيع أسلاك الصوتيات"،أي مكبرات الصوت.

وأضاف أنه "تم اعتقال عدة شبان ومحاصرة المتواجدين بالمصلى القبلي وإطلاق الرصاص المطاطي على من بداخله من الشبابيك التي تم تكسيرها الجمعة".

وأكدت خدمة إسعاف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل "19 إصابة خلال المواجهات المندلعة"، موضحة أنه "تم نقل خمس إصابات إلى المستشفى".

وفي حادثة منفصلة، أكدت الشرطة الإسرائيلية "إلقاء حجارة على حافلات في منطقة القدس الشرقية بالقرب من البلدة القديمة". وقالت في بيان إن "أضرارا لحقت بالحافلات ويتلقى عدد من الركاب الذين أصيبوا بشكل طفيف، العلاج".

وأكد مستشفى "شعاري تصيدق" وصول سبعة مصابين بجروح طفيفة، موضحة أنه ثلاثة منهم غادروا المستشفى.

ورصدت مراسلة وكالة فرانس برس إطلاق المساجد في القدس الشرقية دعوة إلى "تلبية نداء الأقصى" عبر التوجه إليه.

ويتزامن التصعيد في الموقع المقدس مع احتفالات عيدي الفصح اليهودي والفصح المسيحي وشهر رمضان لدى المسلمين.

ومن الفاتيكان، دعا البابا فرنسيس بمناسبة عيد الفصح الأحد إلى ضمان الدخول "بحرية" إلى الأماكن المقدسة في القدس.

وقال "نطلب السلام من أجل القدس والسلام لمن يحبونها من مسيحيين ويهود ومسلمين"، داعيا إلى "احترام متبادل لحقوق" جميع الأطراف.

وجرح الجمعة أكثر من 150 فلسطينيا في الصدامات التي وقعت مع الشرطة الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى. وأوقفت الشرطة أكثر من 400 شخص، أفرج لاحقا عن معظمهم بينما تواصل استجواب البقية.

الأحد، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت على "الحرية الكاملة" لقوات لأمن للتحرك "بما يضمن توفير الأمن لمواطني إسرائيل".

وأضاف بينيت خلال مشاورات أمنية مع كبار المسؤولين "نحاول تهدئة الوضع على الأرض والعمل بحزم ضد أسباب العنف".

وتشهد باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الواقع في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، باستمرار صدامات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين.

وهذه الاشتباكات في الحرم القدسي هي الأولى هذا العام وانطلقت مع بداية شهر رمضان الذي يتجمع المسلمون خلاله في الموقع المقدس الذي يشكل أحد محاور النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

العام الماضي، شهدت القدس الشرقية توترات عنيفة امتدت إلى باحات المسجد بعد تظاهرات احتجاجا على تهديد عائلات فلسطينية بالإخلاء في حي الشيخ جراح من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

وتطورت الاحتجاجات وأدت إلى تصعيد دام مع قطاع غزة استمر 11 يوما.

وأكدت وسائل إعلام مقربة من حركة حماس الإسلامية الحاكمة في غزة أن الحركة أطلقت أكثر من 12 صاروخا في اتجاه البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر من صباح الأحد.

الأحد، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الإسلامية إسماعيل هنية أن "لا حق مطلقا" لليهود في المسجد الأقصى.

وقال هنية في تصريح صحافي "أكدنا لكل الأطراف التي تواصلت معنا أن الأقصى مسجدنا ولنا وحدنا".

وأضاف "لن نخضع لكل إجراءات القمع والإرهاب الصهيوني" متعهّدا مواصلة "الدفاع عنها (القدس) في معركة مفتوحة مع المحتلين".

من جهتها، اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن "تجدد الاقتحامات... يدفع نحو المواجهة الشاملة".

واعتبرت الحركة أن "لا قيمة لأي وصاية على المسجد الأقصى إذا لم توفر حماية حقيقية للأقصى ولا تقوم بالواجبات الاساسية لمنع تهويد الاقصى ووقف الانتهاكات".

وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في العام 1994، بإشراف ووصاية المملكة على المقدسات الإسلامية في القدس. الأحد، حمّل الأردن إسرائيل مسؤولية "التبعات الخطيرة" للتصعيد في المسجد الأقصى.

ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الأحد إسرائيل إلى "وقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية" في المسجد الأقصى فيما حمّلت الخارجية الأردنية إسرائيل مسؤولية "التبعات الخطيرة" للتصعيد.

من جهته، رفض الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة "تصريحات بينيت حول أحقية أي شخص الدخول للمسجد الأقصى والصلاة فيه" واعتبرها "محاولة لتشريع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى".

ووصف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ الأحداث في المسجد بـ"العدوان السافر على مقدساتنا" داعيا المجتمع الدولي للتدخل الفوري.

وأكد عضو اللجنة التنفيذية واصل أبو يوسف "تأجيل" اجتماع القيادة الفلسطينية الذي كان مقررا مساء الأحد لبحث التطورات، مشيرا إلى عدم معرفته للأسباب.

وينظر الفلسطينيون إلى القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في 1967 وضمتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي كعاصمة لدولتهم المستقبلية.