القدس: قُتل حارس مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة في هجوم ليل الجمعة بعد ساعات على صدامات جديدة بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في حرم المسجد الأقصى الذي يشهد توترات منذ أسابيع.

وأعلن الجيش الإسرائيلي وأجهزة الإسعاف الإسرائيلية أن حارسًا كان متمركزًا عند مدخل مستوطنة أرييل بالضفة الغربية المحتلة قُتل مساء الجمعة برصاص مهاجمَين لاذا بالفرار في سيارة. وقال الجيش في بيان "وصل إرهابيون إلى مدخل مدينة" أرييل في شمال الضفة الغربية وأطلقوا الرصاص على الحارس.

وأضاف "قوات الأمن الإسرائيلية تلاحق الإرهابيين، وقد أُغلِقت طرق عدة في المنطقة".

ولفتت أجهزة الإسعاف الإسرائيلية من جهتها إلى أن الحارس العشريني توفي متأثرًا بجروحه، من دون أن تعطي مزيداً من التفاصيل.

ورحبت حركة حماس بالهجوم الذي وصفته بأنه "عملية بطولية" أراد منفذوها "أن يختموا الشهر الفضيل" بها. وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم في بيان إن هذه العملية "تطبيق عملي لإعلان الشعب الفلسطيني بأن العدوان على المسجد الأقصى المبارك خط أحمر".

كما قُتل فلسطيني ليل الجمعة السبت خلال مواجهات مع القوات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية المحتلة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية. وقالت الوزارة في بيان إن الشاب العشريني أصيب برصاصة في الصدر خلال عملية للجيش الإسرائيلي في بلدة عزون.

وكانت صدامات جديدة بين متظاهرين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية أدت إلى سقوط 42 جريحًا الجمعة في حرم المسجد الأقصى الذي يشهد توترات منذ أسابيع، وفق ما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني.

وقال الهلال الأحمر "42 إصابة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في المسجد الأقصى" مشيرًا إلى أن 22 منهم نقلوا إلى مستشفى محلي. وكانت حصيلة سابقة للمصدر نفسه أفادت بسقوط 12 جريحًا.

وأوضح أن معظم الجرحى أُصيبوا "في الجزء العلوي من الجسد ولا توجد أي إصابات خطيرة".

ارتفاع التوتر

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية في بيان أنها دخلت باحة المسجد بعدما ألقى "مثيرو شغب" حجارة ومفرقعات بما في ذلك باتجاه حائط المبكى، مكان الصلاة المقدس لدى اليهود.

وأكدت أن عناصرها استخدموا "وسائل تفريق الشغب" لاحتواء الاضطرابات. وأفاد شهود ومراسلو وكالة فرانس برس بأن الشرطة أطلقت قنابل غاز مسيل للدموع والرصاص المطاطي.

وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها أوقفت ثلاثة أشخاص، اثنان منهم لرميهما حجارة، والثالث "للتحريض على التظاهر".

وعاد هدوء هش إلى المكان الذي تجمع فيه حشد المصلين في وقت مبكر من بعد ظهر آخر جمعة من شهر رمضان الذي يتوقع أن ينتهي مطلع الأسبوع المقبل.

وأدى الصلاة نحو 160 الف مصلّ في المسجد في آخر جمعة رمضانية.

وأشار صحافي من وكالة فرانس برس إلى أن المتظاهرين رفعوا الأعلام الفلسطينية ورايات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هناك.

إلا أن مستوى التوتر لا يزال مرتفعًا في باحة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة. ويسمي اليهود الموقع جبل الهيكل.

في الأسبوعين الأخيرين، جُرح أكثر من 300 فلسطيني في صدامات مع قوات الأمن الإسرائيلية في باحة المسجد الأقصى بالتزامن مع شهر رمضان وعيد الفصح لدى اليهود.

هجمات الأقصى

يقع المسجد الأقصى في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل بعدما احتلتها في 1967 مع الضفة الغربية بالإضافة إلى قطاع غزة والجولان السوري.

ويُدير الأردن الأقصى، لكن الدخول إليه يخضع للسيطرة الإسرائيلية.

أثارت اقتحامات الشرطة الإسرائيلية لباحات الأقصى خلال رمضان قلقًا عالميًا، لكنّ إسرائيل أصرّت على أنها اضطرت لاتّخاذ تدابير ضدّ ناشطين من حركتي حماس والجهاد الإسلامي كانوا يسعون لإثارة اضطرابات واسعة في جميع أنحاء القدس.

وأكّد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد أن الدولة العبرية "ملتزمة" المحافظة على الوضع القائم في حرم المسجد الأقصى.

ويتهم مسؤولون فلسطينيون وناشطون، إسرائيل بالسعي إلى تقسيم الأقصى إلى قسمين يهودي ومسلم أو تقسيم أوقات الزيارة، كما هي الحال في موقع مقدّس آخر في مدينة الخليل المجاورة.

وقد أعربوا عن غضبهم من توغل متكرر لقوات الأمن الإسرائيلية في الحرم القدسي.

ومنذ 22 آذار/مارس، قُتل 26 فلسطينياً بينهم ثلاثة مهاجمين خلال مواجهات أو عمليات مختلفة، يضاف إليهم ثلاثة مهاجمين آخرين من العرب في إسرائيل نفذوا هجومين وقعا في كل من بئر السبع (جنوب) والخضيرة (شمال) وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عنهما.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل 14 شخصاً في هجمات خلال هذه الفترة بحسب حصيلة لفرانس برس.

في الوقت نفسه، أطلقت فصائل فلسطينية مسلحة صواريخ من قطاع غزة على الأراضي الإسرائيلية ورد الجيش الإسرائيلي بسلسلة غارات على هذا الجيب المحاصر من قبل الدولة العبرية منذ 2007.

ونظمت حركتا حماس والجهاد الإسلامي القريبة من إيران، مساء الخميس مسيرة في استاد غزة بمناسبة "يوم القدس العالمي" ودعت إلى "الدفاع" عن القدس والمساجد الأقصى وباحاته.

يوم القدس

وفي إيران، هتف متظاهرون، وهم يرفعون الأعلام الوطنية، "الموت لأميركا" و"الموت لإسرائيل"، بحسب وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية "إيريب". ورفعوا لافتات كتب عليها "القدس لنا" و"يوم القدس هو يوم الإسلام".

وألقى المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي خطاباً متلفزاً مباشراً باللغة العربية وجهه إلى الشعب الفلسطيني.

وقال خامنئي "الجمهورية الإسلامية الإيرانية داعم ومساند لجبهة المقاومةِ، داعم ومساند للمقاومة الفلسطينية... نحن ندين التوجّه الخياني للتطبيع"، وفق ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.

وانتقد الغرب الداعم لأوكرانيا ضد الغزو الروسي وموقفه في المقابل من القضية الفلسطينية.

وقال في هذا الصدد "يملأون الأجواء بالضجيج تجاه قضية أوكرانيا تَراهُم قد خُتِمَ على أفواههم تجاه كلّ هذه الجرائم في فلسطين".

وشكرت حماس من جهتها، في بيان، "الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تقف مع القدس والمسجد الأقصى المبارك، وتدعم شعبنا المقاوم وتنصره بكل الوسائل".

ويوم القدس العالمي أطلقته إيران في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979 وتحتفي به في آخر يوم جمعة من رمضان على أنه "يوم الدفاع" السنوي عن القدس.

وقد ألقى قائد الحرس الثوري الايراني الجنرال حسين سلامي كلمة له عبر الفيديو أمام المسيرة في غزة، أكّد فيها أن "دولة إسرائيل ستهزم".

وتثير المواجهات الحالية في باحة المسجد الأقصى مخاوف من اندلاع نزاع مسلّح جديد مماثل للحرب الدامية التي استمرت 11 يومًا بين حركة حماس والجيش الإسرائيلي في أيار/مايو 2021 بعد اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة أدت إلى سقوط مئات الجرحى من الفلسطينيين.