كييف (أوكرانيا): خرج عشرون مدنيا السبت من مجمع آزوفستال حيث تتحصن آخر القوات الأوكرانية في ميناء ماريوبول على البحر الأسود، على أن يتجّهوا إلى زابوريجيا، حسبما أعلنت كتيبة آزوف التي تؤمن حماية الموقع.

وقال نائب قائد كتيبة آزوف سفياتوسلاف بالامار "نُقل عشرون مدنيًا هم نساء واطفال... إلى مكان مناسب ونأمل أن يتم إجلاؤهم إلى زابوريجيا الواقعة في الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا".

وأضاف بالامار "قصفت مدفعية العدو الموقع طوال الليل". وتابع أن "وقف إطلاق النار الذي كان ينبغي أن يبدأ في السادسة صباحا (03,00 ت غ) لم يبدأ حتى 11,00 صباحا. منذ ذلك الحين، احترمه الجانبان".

وأكد المسؤول العسكري أن "قافلة الإجلاء التي كنا نتوقعها الساعة السادسة صباحا وصلت الساعة 18,25". وأوضح بالامار أن "كتيبة آزوف تواصل إزالة الأنقاض لإخراج المدنيين... نأمل أن يستمر هذا الإجراء حتى نتمكن من إجلاء جميع المدنيين".

ولا يزال مئات من المقاتلين والمدنيين الأوكرانيين يحتمون في شبكة أنفاق تعود إلى الحقبة السوفياتية، ويتطلب وضع كثيرين منهم عناية طبية.

سمع فريق وكالة فرانس برس أثناء جولة صحافية في ماريوبول نظمها الجيش الروسي الجمعة قصفا مكثفا في موقع آزوفستال من الصباح حتى منتصف بعد الظهر.

وفي فترة ما بعد الظهر، كانت أصوات الانفجارات متباعدة ثوانٍ فقط وبدا بعضها قويا جدا.

تُظهر أحدث صور الأقمار الاصطناعية لشركة "ماكسار تكنولوجيز" التقطت الجمعة، دمارا في كل مباني مجمع مصانع الصلب تقريبا.

وظهرت آثار قصف في أسطح بعض المباني فيما انهارت أخرى بالكامل، وتحول بعضها الآخر أنقاضا.

زيلينسكي

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فيديو مساء السبت "يحاول العديد من القادة المساعدة في إنقاذ المدافعين الأبطال عن المدينة. لقد ناقشنا هذا بالتفصيل مع الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارته إلى كييف. نحن نفعل كل شيء لضمان تنفيذ مهمة الإجلاء من ماريوبول".

توازيا، أعلن مكتب المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أن الأخير التقى السبت زيلينسكي في كييف. ولم ترد تفاصيل عن فحوى اجتماعات كالين في كييف، لكن أنقرة تحاول التوسط بين أوكرانيا وروسيا لإنهاء الحرب.

ويسعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى عقد قمة في اسطنبول بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزيلينسكي.

في تطور ميداني آخَر، عثر في حفرة قرب بوتشا على جثث ثلاثة رجال تعرضوا للتعذيب وقتلوا بالرصاص، أيديهم موثقة وأعينهم معصوبة، وفق ما قالت الشرطة الأوكرانية السبت.

تقع مدينة بوتشا الصغيرة قرب كييف وأصبحت رمزا لفظائع حرب منسوبة إلى روسيا التي تواصل قواتها قصف شرق البلاد والتقدم تدريجاً هناك.

وقدر زيلينسكي الجمعة، في مقابلة مع الصحافة البولندية، عدد الجثث المكتشفة في منطقة بوتشا بـ 900 جثة.

وأضاف أنه مع قيام الجنود الروس بحرق الجثث ودفنها "لا أحد يعرف عدد القتلى".

أوكرانيا

كان المدعي العام الأوكراني اتهم عشرة جنود روس بارتكاب جرائم محتملة في بوتشا، وأحصى أكثر من 8000 جريمة حرب في أوكرانيا، في حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي زار بوتشا الخميس موسكو إلى "التعاون" مع تحقيق المحكمة الجنائية الدولية.

لكن نفت موسكو أي مسؤولية واعتبرت أن المشاهد عبارة عن تمثيلية.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت، بعد اتصال هاتفي مع زيلينسكي، أنه "سيتم تمديد مهمة الخبراء الفرنسيين المساهمين في جمع الادلة لمحاربة الافلات من العقاب وتسهيل عمل القضاء الدولي المتعلق بالجرائم المرتكبة في اطار العدوان الروسي".

وأضاف أن فرنسا سترسل مزيدًا من المعدات العسكرية لأوكرانيا، لاسيما البنادق البعيدة المدى، لاستعادة سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها.

ميدانياً أيضا، تُواجه القوات الأوكرانية التي أحبطت هجوم الجيش الروسي منذ 24 شباط/فبراير على كييف، صعوبة في صد تقدم هذا الجيش المتفوق عددياً في شرق البلاد، وقد بات حالياً أكثر تسلحاً ويسعى إلى محاصرة القوات الأوكرانية من الشمال والجنوب.

وأقر زيلينسكي الجمعة بأن الوضع "صعب" في منطقة خاركيف ثاني أكبر مدينة في البلاد، والواقعة قرب الحدود الروسية.

دوي انفجارات

سمع دوي انفجارات عنيفة ليل الجمعة في المدينة التي قصفتها المدفعية الروسية لأسابيع. وخلّفَ القصف قتيلا وعدداً من الجرحى الجمعة.

وقال "فايكينغ" وهو رقيب أول يبلغ 27 عامًا انسحب من كريمينا البلدة الشرقية التي استولى عليها الروس في 18 نيسان/أبريل لفرانس برس "لو كانت حرب مشاة ضد مشاة، لكانت لدينا فرصة. لكن في هذه المنطقة تدور حرب مدفعية بشكل رئيسي وليس لدينا ما يكفي منها".

ووعد الغربيون وبينهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، بتقديم مئات مدافع الهاوتزر للأوكرانيين، لكن الوقت ينفد.

لافروف

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن كل أهداف "العملية العسكرية الخاصة" - العبارة التي يستخدمها الكرملين بشأن هذه الحرب - "ستتحقق رغم العرقلة من جانب خصومنا".

ودعا في مقابلة نشرتها وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية السبت، الغربيين إلى الكف عن مد كييف بالأسلحة إذا كانوا "مهتمين فعلا بحل الأزمة الأوكرانية".

إلى ذلك، أكد زيلينسكي أن الجيش الأوكراني حقق نجاحات "تكتيكية"، كما هو الحال في روسكا لوزوفا، وهي قرية تقع في شمال خاركيف استعادتها القوات الأوكرانية بعدما كان الروس يقصفون المدينة انطلاقا منها.

وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية أنه بعد قتال عنيف تم تحرير القرية التي سيطرت عليها القوات الروسية لمدة شهرين، وجرى إجلاء أكثر من 600 من سكانها. كما ضربت أوكرانيا أهدافاً استراتيجية على الأراضي الروسية.

وأعلن ألكسندر بوغوماز حاكم منطقة بريانسك الروسية شمال شرق أوكرانيا، على تلغرام أن الدفاع الجوي "رصد طائرة تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية" السبت الساعة 6:50 صباحًا بالتوقيت المحلي، وأن قذيفتين ألحقتا أضرارًا بمنشآت نفطية.

شكل الكثير من خزانات الوقود في الأراضي الروسية هدفًا لعمليات اقتحام واضحة من القوات الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، رغم رفض كييف تأكيد مسؤوليتها.

قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة إنه إذا كانت القوات الروسية "بعيدة عن تحقيق اتصال" بين القوات التي تدخل منطقة خاركيف في شمال دونباس بتلك القادمة من جنوب البلاد لوضع القوات الأوكرانية المنتشرة على خط المواجهة حول المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك، بين طرفي كماشة، فهي تستمر "في تهيئة الظروف لهجوم مستمر أوسع وأطول".

دبلوماسيا وبينما دعي الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني إلى قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر في إندونيسيا، قالت الولايات المتحدة إنها ترفض التعامل مع بوتين "وكأن شيئًا لم يحدث".

تبادل أسرى

توازيا أعلنت كييف السبت أن 14 أوكرانيًا قد أُطلِقوا، بينهم امرأة حامل، في إطار عملية جديدة لتبادل أسرى مع روسيا، من دون أن تكشف عدد الروس الذين تسلّمتهم موسكو.

وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية ايرينا فيريشتوك على تلغرام "اليوم، أجرينا عملية تبادل جديدة للأسرى. عاد 14 فردًا منا إلى ديارهم هم سبعة جنود وسبعة مدنيين. إحدى العسكريات حامل في شهرها الخامس".

واتهمت فيريشتوك روسيا في مقابلة مع بي بي سي الجمعة "بترحيل" أعداد كبيرة من المدنيين عبر الحدود واستخدامهم "رهائن".

وقالت "قبضوا على كل هؤلاء الرهائن من مدنيين ونساء وعاملين في المجالس المحلية، لمحاولة استخدامهم".

وأضافت "نعلم أن هناك أكثر من ألف رهينة، بينهم حوالي 500 امرأة. نعلم أنهم في السجون ومراكز الحبس الاحتياطي في كورسك وبريانسك وريازان وروستوف".

كما أشارت فيريشتوك إلى صعوبة إطلاق النساء.

وقالت "حالياً نرفض ترتيب تبادل بدون وجود أي امرأة على القائمة. هكذا، نحاول بطريقة أو بأخرى إنقاذ نسائنا ومدنيينا".

وجرى تبادل كثير من الأسرى بين كييف وموسكو منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير.