إيلاف من لندن: حقق الحزب الجمهوري والاشتراكي الديمقراطي الأيرلندي (شين فين) نصرا تاريخيا، في الانتخابات الأخيرة، ويحتمل أن يؤدي ذلك إلى تحول يمكن أن يؤدي إلى إعادة رسم المملكة المتحدة.
وبينما يسود الترقب في المقاطعة البريطانية التي شهدت عقودا من عدم الاستقرار، صدر حكم صناديق الاقتراع للانتخابات المحلية في بقية المملكة المتحدة.
وقد شهد حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء بوريس جونسون انتكاسة حادة بسبب فضيحة الحفلات في ظل إجراءات كورونا وارتفاع الأسعار، مما يضعف موقعه على رأس الحكومة.

برلمان ستورمونت

وفي إيرلندا الشمالية، حيث تم تجديد أعضاء البرلمان المحلي (ستورمونت) البالغ عددهم 90، استؤنف السبت فرز الأصوات الذي توقف خلال الليل.
وكشفت حتى الآن تقدما واضحا للحزب الجمهوري والاشتراكي الديموقراطي الإيرلندي (شين فين)، الحزب الذي يدعو إلى إعادة التوحيد مع أيرلندا، بحصوله على 21 صوتا مقابل منافسه الحزب الديمقراطي الوحدوي المؤيد للتاج البريطاني الذي حصل على 19 صوتا.
وحصل التحالف على 15 صوتا ووحدويو ألستر على 7 أوات، والحزب الديموقراطي الاشتراكي وحزب العمال 4 أصوات، والآخرون 2 صوتا.

تغييرٌ حقيقي

وفي حال تأكد ذلك في عدد المقاعد، فستكون هذه المرة الأولى التي يحتل فيها هذا الحزب المرتبة الأولى في البرلمان المحلي منذ مئة عام من تاريخ المقاطعة البريطانية التي تشهد توترا منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتحدثت ميشيل أونيل نائبة رئيس الحزب التي أعيد انتخابها عن "انتخابات التغيير الحقيقي". وسيدفعها فوز للحزب إلى منصب رئاسة الحكومة المحلية التي يفترض أن يشارك في إدارتها القوميون والنقابيون بموجب اتفاق السلام الموقع في 1998.

إعادة التوحيد

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة تعريف المملكة المتحدة ولو أن الحزب ركز أولوياته على المسائل الاجتماعية على حساب مطلب إعادة التوحيد، وأن المحادثات لتشكيل حكومة تنذر بصعوبة مع خطر الوصول إلى شلل سياسي.
ويشترط الحزب الوحدوي الديموقراطي لمشاركته في سلطة تنفيذية جديدة أن تتخذ حكومة لندن "إجراء حاسم" في مواجهة الضوابط الجمركية التي فرضت مع بريكست وتهدد كما يرى الحزب، مكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة.
وحزب "تحالف" الوسطي الذي يدعو شعب إيرلندا الشمالية إلى التغلب على انقساماته، هو التشكيل الآخر الذي سيخرج أقوى من الاقتراع.

خطةٌ عمل حقيقية

وفي أماكن أخرى من البلاد، تلقى حزب المحافظين بقيادة بوريس جونسون ضربة قوية بعد خسارة مئات المقاعد وعشرات المجالس لصالح حزب العمال الذي انتزع ثلاثة معاقل للمحافظين في لندن، وأحزاب أصغر، أي الليبراليين الديموقراطيين ودعاة حماية البيئة (الخضر) في جنوب انكلترا.
وفي اسكتلندا، عزز الحزب القومي الاسكتلندي موقعه يليه حزب العمال الذي انتزع المركز الثاني من حزب المحافظين. وبقي حزب العمال في المركز الأول في ويلز.

فضيحة الحفلات

وشكلت هذه الانتخابات التي تركز تقليديا على قضايا محلية جدا وتشهد مشاركة ضئيلة، مقياسا للمرة الأولى لحجم تأثير فضيحة الحفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال إجراءات الحجر، والتي أدت إلى فرض غرامة على جونسون.
ويواجه المحافظون الذين يتولون السلطة منذ 12 عاما انتقادات بسبب الدعم غير الكافي للأسر التي تعاني من التضخم الذي يتوقع أن تتجاوز نسبته 10 بالمئة في الأشهر المقبلة.
واعترف بوريس جونسون بأن "النتائج مثيرة للجدل" وأن الوضع "صعب" للمحافظين في بعض المناطق لكنه تحدث عن مكاسب في مناطق أخرى، مؤكدا أنه مصمم على البقاء في السلطة لمعالجة مشاكل البريطانيين.

إضعاف جونسون

لكن هذه النتائج السيئة تضعف رئيس الحكومة ، مما يدفع النواب المحافظين القلقين مع اقتراب الانتخابات التشريعية في 2024 إلى التشكيك في جدوى الاستمرار في دعمه.
وقال سايمن أوشيروود أستاذ العلوم السياسية في جامعة "أوبن يونيفرسيتي" لوكالة فرانس برس إنه من أجل إقناع المترددين، يجب على بوريس جونسون تقديم "خطة عمل حقيقية" الثلاثاء في خطاب العرش التقليدي الذي يسمح للحكومة بعرض أولوياتها أمام البرلمان.
واضاف أن الأمر يتعلق بإثبات أن "هذه الحكومة تسيطر على الوضع في ما يتعلق بغلاء المعيشة أو مسألة أوكرانيا" على حد سواء.

ويعارض بعض النواب المحافظين بوريس جونسون لكن أنصاره يفضلون أن يروا في انتخابات منتصف الولاية تراجعا اعتياديا في منتصف الولاية بدلا من اعتباره بداية النهاية لزعيم حزب المحافظين الذي تمكن من الحد من الأضرار في المناطق الشعبية في وسط وشمال انكلترا.