إيلاف من لندن: كانت لحظة تاريخية، اليوم الثلاثاء، في قصر وستمنستر، مقر البرلمان البريطاني، حيث تقدم الأمير تشارلز ولي العهد خطوة نحو العرش.

لأول مرة منذ 1963، أُجبرت الملكة اليزابيث الثانية (96 عاما) على الإذعان لابنها الأمير تشارلز وحفيدها الأمير ويليام باعتبارهما مستشاري الدولة، وغابت عن التقليد الدستوري لإلقاء خطاب افتتاح البرلمان، وبقى العرش الذي تلقي منه الملكة عادةً خطابها، فارغًا.

وتترأس الملكة عادة الحدث السنوي، وتتلو البرنامج التشريعي لحكومتها في خطاب تلقيه في مجلس اللوردات. لكنها لم تحضر المراسم هذه المرّة، وكان قصر باكنغهام، أعلن ذلك يوم الاثنين، بسبب معاناتها من صعوبة في التنقل.

قوانين

تضمن خطاب الملكة هذا العام قوانين تتعلق بالتجسس وقانون حقوق الإنسان وحريات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمحتجين المزعجين. كما حدد الخطاب خطط الحكومة لإنشاء منظم جديد ومستقل لكرة القدم الإنجليزية.

يتضمن وضع القوانين الجديدة التي ستشكل حياة الناس خلال العام المقبل، 38 تشريعاً.

وكان القصر الملكي قال في بيان "لا تزال الملكة تعاني من مشاكل عرضية في التنقل وبالتشاور مع أطبائها قررت على مضض أنها لن تحضر الافتتاح الرسمي للبرلمان".

ونادرًا ما ظهرت الملكة علنًا منذ أن أمضت ليلة في المستشفى في أكتوبر الماضي واشتكت من مشاكل في الوقوف والعمل فضلاً عن اصابتها بكوفيد-19.

وأضاف البيان "بناء على طلب جلالة الملكة وبموافقة الجهات المعنية سيقرأ أمير ويلز خطاب الملكة نيابة عنها".

وتغّيبت الملكة إليزابيث الثانية مرّتين فقط خلال فترة ملكها عن جلسة افتتاح البرلمان البريطاني، مرّة في العام 1959 حين حملت بالأمير أندرو، ومرّة في العام 1963 حين حملت بالأمير إدوارد.

مخاوف

وأثار قرار الملكة الاثنين مخاوف إزاء عدم تمكّن الملكة من حضور احتفالات الشهر المقبل بمناسبة الذكرى السبعين على اعتلائها العرش.

وأشارت صحيفة (التايمز) إلى أنه، في إطار التغييرات التي طرأت على الحدث، لن يضع الأمير تشارلز (73 عامًا) تاج الإمبراطورية وإن كان سيُحضره مع نجله الأمير وليام بالسيارة.

وكتب الخبير في الشؤون الملكية روبرت هاردمان في صحيفة (ديلي ميل) أن الملكة "لا تزال هي الممسكة بزمام الأمور إلى حد كبير"، واصفًا تسليم المهمة المؤقت هذا بأنه "لحظة تاريخية".

وكتبت صحيفة "التايمز" أن هذه اللحظة، بالنسبة للأمير تشارلز، هي "أقرب ما يكون لأداء المهام التي سيضطلع بها يومًا ما كملك".

وإلى ذلك، قالت وكالة فرانس برس إنه بعد سلسلة من الفضائح والنتائج السيئة لحزب المحافظين في الانتخابات المحلية الأسبوع الماضي، وعد زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء بوريس جونسون بـ38 مشروع قانون لإعادة أجندته "إلى المسار الصحيح".

مزيد من الوظائف

وستُركّز مشاريع القوانين هذه على تعزيز النمو الاقتصادي والتمهيد لمزيد من "الوظائف ذات الأجور العالية والمهارات العالية"، بالإضافة إلى التطرّق إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، حسبما أفاد المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء.

وتُشكّل الجلسة البرلمانية إحدى آخر فرص جونسون لكي يفي بوعوده السياسية الرئيسية قبل الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها في أيار/مايو 2024.

وتعهّد جونسون، عندما أصبح رئيسًا للحكومة البريطانية في العام 2019، بجني ثمار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومعالجة عقود من عدم المساواة المتزايدة بين المناطق.

مواجهة الجائحة

ورغم استكمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتفاق تجاري شامل، زعزعت جائحة كوفيد-19 إمكانية تطبيقه للسياسات المحلية التي كان يتصوّرها.

وانهمكت حكومته بمواجهة الجائحة واتّهمت بعدة فضائح بما فيها فضيحة حفلات "بارتيغيت" التي يُقال إنها أُقيمت في دوانينغ ستريت في وقت كان البريطانيون ممنوعين من الخروج بسبب الإغلاق العام المفروض لمواجهة تفشي كوفيد-19.

ويأمل جونسون حاليًا بأن يحقّق برنامجه الوعود التي قطعها. غير أنه يواجه تحديًا هائلاً مع بدء ظهور تداعيات أزمة ارتفاع تكلفة المعيشة.

وقال جونسون "سيعيد خطاب الملكة بلدنا إلى المسار الصحيح، وسأبذل قصارى جهدي (...) ليلًا ونهارًا لتحقيقه"، مضيفًا "سنحرص على أن نمضي كل ثانية بتوحيد وتطوير هذا البلد خلال الأكثر من عامين المتبقيين لنا في هذا البرلمان".