كييف (أوكرانيا): قالت روسيا الثلاثاء إن 265 جنديا أوكرانيا كانوا متحصّنين في مجمّع آزوفستال للصلب المحاصر في ماريوبول استسلموا، ما دفع كييف إلى المطالبة بعملية تبادل أسرى.

من جانب آخر، صوّت النواب في فنلندا التي تشترك في حدود مساحتها 1300 كيلومتر مع روسيا، لصالح الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) بغالبية كبرى بلغت أكثر من 95 %، ما يتيح ارسال الترشيح الرسمي لهذا البلد الى مقر الحلف.

أعلنت موسكو السيطرة على مدينة ماريوبول الساحلية الاستراتيجية الشهر الماضي بعد حصار استمر أسابيع، لكن ظل مئات الجنود الأوكرانيين في أنفاق تحت المجمع الصناعي الشاسع.

وقالت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء "ألقى 265 مسلحا أسلحتهم خلال ال24 ساعة الماضية واستسلموا، من بينهم 51 أصيبوا بجروح بالغة".

وأضافت أن المسلّحين الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية نُقلوا إلى مستشفى في جزء من منطقة دونيتسك الشرقية يسيطر عليها المتمردون الموالون للكرملين.

ونشرت الوزارة صورا تظهر جنودا مصابين محمّلين على نقالات، بعضهم يجري تفتيشه والبعض الآخر ينقل إلى حافلات.

وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية قد أعلنت في وقت سابق إجلاء 264 مقاتلا أوكرانيا إلى مناطق خاضعة للسيطرة الروسية، من بينهم 53 مصابا.

وخلال الإعلان عن تطورات الأحداث صباح الثلاثاء قالت إنه "سيتم تنفيذ إجراءات تبادل لإعادة هؤلاء الأبطال الأوكرانيين في أسرع وقت".

وأضافت أن بالنسبة إلى المحاصرين في آزوفستال فإن كييف "تبذل كل ما هو ضروري لإنقاذهم".

وما زال مصير الجنود غير واضح ومن المرجح أن يثير القلق في أوكرانيا التي اتهمت موسكو بارتكاب جرائم حرب خلال الصراع.

وأعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الثلاثاء نشر فريق من المحققين والخبراء في أوكرانيا هو الأكبر يرسل على الأرض، للتحقيق في جرائم ارتكبت خلال الغزو الروسي.

وقال كريم خان في بيان "أؤكد أن مكتبي أرسل اليوم فريقا مؤلفا من 42 محققا وخبيرا في الجنايات وموظفي مساندة آخرين إلى أوكرانيا" موضحا أنها "أكبر بعثة من حيث العدد تم نشرها حتى الآن في منطقة دفعة واحدة".

وفي موسكو، لم يرد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف على أسئلة حول ما إذا كان الجنود الذين استسلموا في آزوفستال سيعاملون كمجرمي حرب أو أسرى حرب.

وقال "أذكّر بتصريح بوتين، سيعاملون طبقا للقانون الدولي".

من جهته، كتب رئيس مجلس النواب فياتشيسلاف فولودين على حسابه على تلغرام أن "المجرمين النازيين يجب ألا يكونوا موضع تبادل أسرى"، بدون أن يذكر تحديدا آزوفستال.

أشادت أوكرانيا بجهود الجنود في المعارك الأكبر التي أعقبت غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير وأدت إلى مقتل الآلاف وتهجير الملايين.

وقال الجيش الأوكراني إن الدفاع عن المجمع الصناعي ساهم في تأخير انتقال 20 ألف جندي روسي إلى مناطق أخرى من أوكرانيا، ومنع روسيا من السيطرة بسرعة على مدينة زابوريجيا.

وكتب المستشار الرئاسي ميخايلو بودولياك على تويتر "دمر المدافعون عن آزوفستال خطة روسيا للاستيلاء على شرق أوكرانيا... هذا غيّر مسار الحرب تماما".

وأضاف "83 يوما من الدفاع عن ماريوبول سيُسجل في التاريخ تحت اسم تيرموبيلاي القرن الحادي والعشرين" في إشارة إلى المعركة الأخيرة الشهيرة للاسبرطيين ضد الفرس عام 480 قبل الميلاد.

رغم موارد جارتها العملاقة، تمكنت أوكرانيا من صد الجيش الروسي لفترة أطول مما توقعه كثيرون، بفضل الإمدادات العسكرية والأموال من حلفائها الغربيين.

وبعد تطويق العاصمة كييف في الأسابيع الأولى للحرب، ركزت روسيا جهودها بشكل متزايد على منطقة دونباس الشرقية، المحاذية لها.

يقول المسؤولون الأوكرانيون إن القوات الروسية تنسحب من محيط خاركيف، ثاني أكبر مدن البلاد، لإعادة الانتشار في دونباس. وأعلنت كييف الإثنين استعادة السيطرة على المنطقة الحدودية فيها.

وتعرضت تلك المنطقة لهجمات متواصلة، وجاءت مكاسب كييف بتكلفة عالية إذ تعرضت قرى لدمار هائل جراء القصف.

في روسكا لوزوفا إلى شمال خاركيف روى روستيسلاف ستيبانينكو لوكالة فرانس برس كيف نجا من القصف الذي استهدف قريته، وحوصر في تبادل إطلاق نار بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية.

وكان قد عاد لإحضار بعض مقتنياته لكنه خرج خالي الوفاض ومصدوما بنيران المدفعية المتواصلة.

وردا على سؤال بشأن طبيعة عمله قال بأنه "يحاول البقاء على قيد الحياة".

وعندما سُئل عن عمره قال "آمل بلوغ سن 54، لكني في الوقت الحالي لا أتوقع ذلك".

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية ليل الاثنين أن "القوات المسلحة الأوكرانية تتصدى لهجمات مستمرة في تلك المناطق حيث لا تزال روسيا تحاول التقدم".

وأضاف "لا تزال سيفيرودونيتسك ومدن أخرى في دونباس، الأهداف الرئيسية للمحتلين".

إذا تمكنت القوات الروسية من السيطرة على سيفيرودونيتسك، المدينة الواقعة بأقصى الشرق والتي تسيطر عليها القوات الأوكرانية، فسيمنح ذلك الكرملين سيطرة فعلية على لوغانسك وهي تشكل مع دونيتسك الانفصالية أيضًا إقليم دونباس.

لكن صدّت محاولات روسيا تطويق سيفيرودونيتسك تماما وعمدت القوات الأوكرانية إلى نسف جسور سكك حديد لإبطاء تقدم الروس.

وقال حاكم إقليم لوغانسك سيرغي غايداي إن القوات الروسية "تقصف سيفيرودونيتسك دون توقف"، وأعلن في ساعة مبكرة الثلاثاء أن اثنين من مباني المستشفى العام في المدينة أصيبا في قصف ليلي.

وكتب على تلغرام "لدينا 10 قتلى وثلاثة جرحى في المنطقة".

من جهة أخرى، قتل ثمانية أشخاص وأصيب 12 آخرون الثلاثاء بقصف روسي على قرية ديسنا الأوكرانية الواقعة شمال كييف التي تضم معسكر تدريب عسكري كبيرا، وفق ما أكد عمّال إغاثة محليون.

وإلى الغرب قال مسؤول من الإدارة العسكرية الإقليمية في لفيف إن بنية تحتية عسكرية تقع "تقريبا على الحدود مع بولندا" أصيبت في القصف.

خشية تعرضهما لعدوان روسي تستعد فنلندا والسويد للتخلي عن عقود من الحياد العسكري بطلب الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن انضمامهما إلى الناتو "لا يشكّل تهديدا مباشرا لنا... لكن توسيع البنى التحتية العسكرية في أراضي هذه الدول سيدفعنا بالتأكيد إلى الرد".

ويُعد رد بوتين معتدلا مقارنة بتصريحات نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف الذي قال الإثنين إن توسيع الحلف "خطأ جسيم ستكون لعواقبه أبعاد هائلة".

ولا تبدو الخطوة مؤكدة في أي حال، فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الإثنين نية بلاده عدم الموافقة على طلبات الترشح متهما فنلندا والسويد بإبداء تساهل مع متمردي حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.

وافادت وكالة انباء الاناضول شبه الرسمية الاثنين أن تركيا تأخذ بشكل خاص على السويد وفنلندا عدم الموافقة على طلبات تسليم أشخاص تتهمهم بأنهم أعضاء "في منظمات ارهابية".

غير أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عبر الأحد عن ثقته في انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو رغم معارضة تركيا.

وسيلتقي وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الوزير بلينكن في واشنطن الأربعاء، فيما سيستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن زعيمي فنلندا والسويد الخميس.

كذلك، أرسلت دول الشمال وفودا إلى تركيا للقاء مسؤولين أتراك وقال الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو الثلاثاء إنه "متفائل" بشأن تأمين دعم أنقرة.

في غضون ذلك، قالت ألمانيا إنها ستكثف تعاونها العسكري مع دولتي الشمال خصوصا في بحر البلطيق.

على صعيد المفاوضات، قالت كييف الثلاثاء إن المحادثات إنهاء النزاع مع روسيا معلقة.

ونقلت الرئاسة عن ميخايلو بودولياك كبير المفاوضين في المحادثات مع الوفد الروسي قوله إن "الهدف الاستراتيجي للروس هو: كل شيء أو لا شيء". وأضاف إن روسيا عاجزة عن رؤية أن الحرب "لم تعد تجري وفق قواعدها أو جدولها الزمني أو خططها".