كييف (أوكرانيا): حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأحد من أن موسكو ستستهدف مواقع جديدة إذا سلّم الغرب صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وذلك بعد ساعات على سماع دوي انفجارات عدة في كييف.

كذلك، اشتدت معركة السيطرة على مدينة سيفيرودونتسك الشرقية ذات الأهمية الاستراتيجية، مع إعلان حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي في مقابلة بثت على منصات التواصل الاجتماعي أن "قواتنا المسلحة طهّرت نصف" هذه المدينة الصناعية من القوات الروسية، مضيفا أن "نصف المدينة بات تحت سيطرة قواتنا".

وقتل آلاف المدنيين وأجبر الملايين على الفرار من ديارهم منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير.

ونقلت وكالات إخبارية روسية عن بوتين قوله إنه إذا تم تسليم صواريخ إلى أوكرانيا "فسنستخلص النتائج المناسبة ونستخدم أسلحتنا... لضرب مواقع لم نستهدفها حتى الآن"، من دون أن يحدد الأهداف التي يتحدث عنها.

وأتت تصريحات بوتين بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أنها ستزوّد أوكرانيا أنظمة صاروخية متطوّرة.

مرحلة طويلة الأمد

وقالت أوكرانيا الأحد إن الحرب مع روسيا دخلت مرحلة طويلة الأمد تحتاج إلى دعم عسكري متواصل من الدول الغربية إلى حين إلحاق الهزيمة بالقوات الروسية.

وأوضحت نائبة وزير الدفاع الأوكرانية غانا ماليار لوسائل إعلام محلية "دخلنا حربا مطولة وسنحتاج إلى دعم منتظم".

وأضافت "على الغرب أن يدرك ان مساعدتنا يجب ألا تكون ظرفية بل ينبغي أن تتواصل حتى انتصارنا".

وأفاد مسؤولون أوكرانيون في وقت سابق الأحد بأن صواريخ روسية استهدفت مواقع بنى تحتية مرتبطة بشبكة السكك الحديد، في ضربات تعد الأولى من نوعها في كييف منذ 28 نيسان/أبريل.

وذكرت روسيا أنها دمّرت في هذه الضربات دبابات قدّمتها دول في أوروبا الشرقية إلى أوكرانيا.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف إن "صواريخ عالية الدقة وبعيدة المدى أطلقتها القوات الجوية الروسية على ضاحية كييف دمرت دبابات من طراز تي-72 قدمتها دول من أوروبا الشرقية ومدرعات أخرى كانت في الحظائر".

وأصيب شخص بجروح بينما شاهد مراسلو فرانس برس أبنية عدة تحطّمت نوافذها قرب أحد المواقع المستهدفة.

وأفاد ليونيد (63 عاما) الذي يقطن كييف عن سماع دوي ثلاثة إلى أربعة انفجارات. وقال "لا يوجد ما هو عسكري هناك لكنهم يقصفون كل شيء".

بدوره، أشار فاسيل (43 عاما) إلى أنه سمع دوي خمسة انفجارات.

وقال بينما كان عائدا إلى منزله المتضرر وبيده رغيفا خبز "الناس يشعرون بالخوف".

معارك دامية

في الأثناء، تواصلت المعارك الرامية للسيطرة على سيفيرودونيتسك في شرق البلاد.

وتعد المدينة الأكبر التي ما تزال خاضعة لسيطرة القوات الأوكرانية في منطقة لوغانسك التابعة لدونباس، حيث تتقدّم القوات الروسية تدريجا بعدما انسحبت أو هُزمت في أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك كييف.

وقال غايداي على تلغرام "يسيطر الروس على حوالى 70 في المئة من المدينة، لكنهم أجبروا على التراجع خلال اليومين الماضيين".

وتابع "يخشون التحرّك بحرية في المدينة".

وأعلن الجيش الروسي السبت أن الوحدات العسكرية الأوكرانية تنسحب من سيفيرودونيتسك، لكن رئيس بلديتها أولكسندر ستريوك أكد أن القوات الأوكرانية تقاتل لاستعادة المدينة.

وقال في مقابلة بثت على تلغرام "نقوم بكل ما هو ممكن لاستعادة سيطرة أوكرانيا التامة" على المدينة.

في مدينة ليسيتشانسك المجاورة، قال المتقاعد أولكسندر لياخوفيتس إنه كان لديه ما يكفي من الوقت لإنقاذ قطته قبل أن تندلع النيران في شقته بعدما أصابها صاروخ روسي.

وقال الرجل البالغ 67 عاما لوكالة فرانس برس "إنهم يقصفون هنا بلا هوادة... إنه عرض رعب".

وأفاد المكتب الإعلامي للرئاسة الاوكرانية الأحد عن مقتل تسعة مدنيين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك بسبب القصف.

عقوبات

وفرضت القوى الغربية عقوبات مشددة على روسيا وزودت أوكرانيا الأسلحة، لكن سادت انقسامات حيال طريقة التعامل مع الأزمة.

وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إلى أن بوتين ارتكب "خطأ جوهريا" لكن ينبغي "عدم إذلال روسيا" من أجل الحفاظ على مخرج دبلوماسي.

ورد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا السبت بالقول إن موقف ماكرون لا يؤدي إلا إلى "إذلال فرنسا" وأي دولة أخرى تتبنى موقفا مشابها.

وفي سياق منفصل، أعلنت قناة "بي إم إف تي في" مساء الأحد أن رفات الصحافي فريديريك لوكلير إيمهوف الذي قتل الاثنين في شرق أوكرانيا بشظية خلال قصف، سيعاد إلى فرنسا الأربعاء.

ومن نافذة مطلة على ساحة القديس بطرس، جدد البابا فرنسيس الأحد دعوته لإجراء "مفاوضات حقيقية" لوقف ما سماه "صعيدا يزداد خطره" للحرب في أوكرانيا.

وفضلا عن الخسائر البشرية، تسبب النزاع بأضرار واسعة لإرث أوكرانيا الثقافي.

وأعلن مسؤولون أوكرانيون السبت أن القصف الروسي أدى إلى احتراق دير أرثوذكسي خشبي شهير في شرق أوكرانيا.

وتسيطر القوات الروسية حاليا على خمس الأراضي الأوكرانية، بحسب كييف، بينما فرضت موسكو حصارا على الموانئ المطلة على البحر الأسود، ما أثار مخاوف من أزمة غذاء عالمية. وتعد أوكرانيا وروسيا من بين أكبر الدول المصدّرة للقمح في العالم.

وأفادت الأمم المتحدة بأنها تقود مفاوضات مكثّفة مع روسيا للسماح بمغادرة شحنات محاصيل الحبوب الأوكرانية البلاد.

وبعيدا عن ساحة المعركة، حطّمت ويلز أحلام أوكرانيا بالمشاركة في بطولة كأس العالم لكرة القدم للمرة الاولى منذ العام 2006، بفوزها 1-صفر.