لندن: أفلت رئيس الورزاء البريطاني بوريس جونسون الاثنين من تصويت على حجب الثقة من النواب المحافظين عقب سلسلة فضائح سددت ضربة قوية للحزب الذي يتزعمه.

وبعد سنتين على تسجيله فوزا كاسحا في الانتخابات التشريعية، أثبت جونسون مرة أخرى قدرته على الافلات من ورطات سياسية والاحتفاظ بالحكم.

إلا ان الجدل الذي أثارته فضيحة "بارتي غيت" حول تنظيم حفلات في مقر رئاسة الحكومة تنتهك القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19، وجعلت منه أول رئيس لوزراء بريطانيا يخرق القانون وهو في منصبه، أضعفت موقفه بشكل كبير.

وصوّت 211 نائبا محافظا مع بقاء جونسون في منصبه في مقابل رفض 148 في اقتراع سري، ما يسمح له بالبقاء على رأس حزب المحافظين والاحتفاظ بمنصبه رئيسا للحكومة.

واعتبر جونسون أن نتيجة التصويت "مقنعة" وتسمح بـ"الانتقال إلى أمور أخرى".

وأضاف "بالطبع أدرك أن علينا أن نتحد كحكومة وكحزب. وهذا بالتحديد ما يمكننا القيام به الآن".

تاتشر وماي

وفي عمليات تصويت سابقة داخل حزب المحافظين اضطرت مارغريت ثاتشر وتيريزا ماي إلى الاستقالة في نهاية المطاف رغم فوزهما بهامش ضيق بعدما اعتبرتا أن قيادتهما تعرضت لأضرار قاضية.

ورفض جونسون باستمرار الاستقالة بسبب فضيحة "بارتي غيت".

ودافع في وقت سابق عن الإنجازات التي حققها خلال ولايته، بما فيها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومحاربة جائحة كوفيد ودعم أوكرانيا.

وقال للنواب المحافظين على ما ذكر مصدر رفيع المستوى في الحزب "الوقت ليس مناسبا لدراما سياسية داخلية غير ضرورية".

وأكد رئيس الوزراء للنواب "لقد مررنا بظروف مضطربة في السابق وأنا قادر على إعادة بناء الثقة" على ما أكد المصدر نفسه. وأضاف جونسون "الأفضل بانتظارنا".

وارتفعت صيحات مؤيدة لجونسون في القاعة.

انشقاقات

وأشار المصدر نفسه إلى أن جونسون أكد أن تخفيضات ضريبية ستكون مطروحة فيما تواجه بريطانيا أسوأ معدل تضخم منذ عقود.

لكن حجم الانشقاق في حزب المحافظين ظهر في خطاب استقالة لاذع من جون بنروز "نصير مكافحة الفساد" ورسالة احتجاج أخرى من الحليف القديم لجونسون جيسي نورمان.

وكتب نورمان أن نفي رئيس الوزراء لـ"بارتي غيت" كان "بغيضا"، محذرا من أن حزب المحافظين يخاطر بخسارة الانتخابات العامة المقبلة المقرر إجراؤها بحلول العام 2024.

وكتب هانت على تويتر "أعضاء البرلمان المحافظون يعرفون أننا لا نعطي الشعب البريطاني القيادة التي يستحقها".

وبعد نتائج مخيبة للآمال في الانتخابات المحلية في أيار/مايو، من المتوقع أن يخسر الحزب في انتخابات جزئية تشمل دائرتين هذا الشهر، إحداهما كانت مقعدا مضمونا للمحافظين.

وقبيل تصويت الاثنين، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أوبينين" أن 59 % من الناخبين يعتقدون أن على حزب المحافظين التخلي عنه كزعيم. وبلغت النسبة في صفوف المحافظين 34 في المئة.

وقوبل جونسون بصيحات استهجان الجمعة من حشود تجمعت خارج كاتدرائية القديس بولس، قبل قداس في مناسبة اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية.

ورفض عضو حزب المحافظين جايكوب ريس-موغ، وهو حليف لرئيس الوزراء، صيحات الاستهجان هذه وأصر على أن جونسون يمكن أن يبقى مع أصغر أكثرية ممكنة.

وقال لمحطة "سكاي نيوز" إن التصويت في حد ذاته يشكل "روتينا سياسيا" رافضا الحد الأدنى الذي تم التوصل إليه لتنظيم الاقتراع باعتباره "حدا منخفضا نسبيا ويسهل الوصول إليه".

وقال رئيس "لجنة 1922" المسؤولة عن التنظيم في حزب المحافظين غراهام برايدي إنه "تم تجاوز عتبة 15 % من الفريق البرلماني الساعي للتصويت على الثقة في زعيم الحزب المحافظ".

وأفاد برايدي الصحافيين أنه تم إبلاغ جونسون في الليلة السابقة، في ختام الاحتفالات الوطنية باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية التي استمرت أربعة أيام، باكتمال النصاب الذي يحتاج إليه إجراء التصويت.

ولم يكشف برايدي عدد الرسائل بشأن سحب الثقة التي تلقاها جونسون من النواب المحافظين، مشيرا إلى أن البعض وضعوا تواريخ على رسائلهم لما بعد الانتهاء من احتفالات اليوبيل.

رسالة شكر

وفي رسالة شكر وجّهتها الملكة إلى البريطانيين للاحتفال بمرور 70 عاما لاعتلائها العرش، أعربت إليزابيث الثانية عن أملها في أن "يبقى هذا الشعور المتجدد بالتعاضد محسوسا لسنوات كثيرة مقبلة".

لكن بخلافها، لجأ نواب محافظون إلى تويتر لانتقاد بعضهم البعض علانية حول ما إذا كانوا سيدعمون جونسون بعد إعلان التصويت.

ومع حصوله على تأييد أكثر من نصف النواب زائد واحد (180 صوتا)، لن يكون من الممكن إجراء تصويت مشابه في حقه قبل مرور عام.