إيلاف من بيروت: أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون استقالته، ما أثار حفيظة كييف وأسعد موسكو في الوقت الذي يكافح فيه الغرب للحفاظ على جبهة موحدة بعد خمسة أشهر من حرب أوكرانيا.

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في بيان "سمعنا جميعًا نبأ [استقالة جونسون] بحزن. لست أنا وحدي، لكن المجتمع الأوكراني بأكمله متعاطف جدًا معك. ليس لدينا شك في أن دعم بريطانيا العظمى سيستمر، لكن قيادتك وجاذبيتك الشخصية جعلتاك مميزًا".

حاز جونسون على لقب الأسد في أوكرانيا، حيث يصنف باستمرار على أنه السياسي الأكثر تفضيلاً بعد زيلينسكي. ابتهج مسؤولو كييف حتى الرئيس الأوكراني علنًا بعد أن نجا جونسون من تصويت بحجب الثقة في أوائل يونيو. سمت المدن والقرى في جميع أنحاء البلاد شوارع بسام بوريس جونسون، ومخبز كييف يقدم كرواسان بوريس جونسون، وكانت هناك لوحات لفنانين أوكرانيين لبوريس جونسون، تم تصويره بمودة باسم "بوريس جونسونوك" - مرتديًا زيًا أوكرانيًا تقليديًا وملفوفًا بالعلم الأوكراني.

أصبح رئيس الوزراء البريطاني وجه حملة الضغط القصوى التي يشنها الغرب على روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا، حيث تعهد في الأيام الأولى من الصراع بالقتال طالما الأمر يتطلب شل الاقتصاد الروسي بموجات متتالية من العقوبات.

أقوى المؤيدين

كان جونسون من بين أقوى المؤيدين الغربيين لفكرة أن اتفاق سلام محتمل لإنهاء الحرب يجب ألا يأتي على حساب التنازلات الإقليمية الأوكرانية. قال في يونيو: "رسالتي إلى زملائي في مجموعة السبع، ولا سيما في حلف شمال الأطلسي، ستبدو هكذا: الآن ليس الوقت الملائم لتشجيع الأوكرانيين على الذهاب إلى سلام سيئ، يعرض عليهم التخلي عن جزء من أراضيهم مقابل وقف إطلاق النار". وجونسون، الذي يخطط للبقاء في منصبه حتى يتم اختيار خلف له، أخبر زيلينسكي مؤخرًا في يوليو أن أوكرانيا يمكنها استعادة الأراضي التي تحتلها روسيا حاليًا.

لكن حماس جونسون المستمر للجهود الحربية الأوكرانية لا يقابله اللاعبون الرئيسيون الآخرون في التحالف الغربي المتصاعد ضد روسيا. لم يكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضحًا تمامًا مثل نظيره البريطاني عندما سئل خلال مؤتمر صحفي في يونيو عن التنازلات التي يجب على كييف النظر فيها كجزء من تسوية تفاوضية مع روسيا، قائلاً للصحفيين "الأمر متروك لأوكرانيا لتقرره".

وكان لا بد من الضغط على المستشار الألماني أولاف شولتز من قبل كييف والعديد من الحكومات الغربية لتزويد أوكرانيا بدعم عسكري كبير. يعتقد ما يصل إلى 47 في المئة من الألمان أن على أوكرانيا أن تتخلى عن شرق البلاد لإبرام اتفاق سلام مع روسيا، وفقًا لاستطلاع الرأي الأخير. كما ذكرت واشنطن بوست، وجد استطلاع رأي أجري في عشر دول أوروبية الشهر الماضي أن "أولئك الذين يريدون إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن يفوق عدد أولئك الذين يسعون إلى معاقبة روسيا".

موسكو تحتفل

احتفلت موسكو بشكل متوقع بسقوط جونسون. ونقلت رويترز عن فياتشيسلاف فولودين رئيس مجلس النواب الروسي قوله "المهرج ذهب. إنه أحد الأيديولوجيين الرئيسيين للحرب ضد روسيا حتى آخر أوكراني. يجب أن يفكر القادة الأوروبيون في الاتجاه الذي ستؤدي إليه مثل هذه السياسة".

وأبدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا رأيًا مماثلاً: "مغزى القصة هو: لا تسعى إلى تدمير روسيا. لا يمكن تدمير روسيا. يمكنك تكسير أسنانك، ثم الاختناق بها ". مع ذلك، لا أوهام بين السياسيين والمعلقين السياسيين الروس بأن رحيل جونسون سيؤدي إلى تغيير جذري مفاجئ في السياسة البريطانية في ما يتعلق بحرب أوكرانيا. صرح جون كيربي، منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، لشبكة فوكس نيوز أن الاستقالة لن يكون لها تأثير في الدعم الغربي لأوكرانيا.

ووعد جونسون بأن يستمر دعم المملكة المتحدة لأوكرانيا بعد رحيله. مع ذلك، لا ضمان بأن خليفة جونسون سيشاركه التزامه الشخصي الثابت وشغفه الحقيقي بالفكرة الوطنية الأوكرانية. لن يرثوا بالضرورة تعهد جونسون غير الواقعي على نحو متزايد بانهيار الاقتصاد الروسي. كما لن يكونوا ملزمين بموقفه بأنه لا ينبغي أبدًا النظر في التنازلات الإقليمية الأوكرانية تحت أي ظرف من الظروف. واعتمادًا على من يكون خليفة جونسون، ربما يكون هناك نافذة لإعادة تقويم دقيقة في رسائل لندن في ما يتعلق بجدوى وشروط التوصل إلى تسوية تفاوضية في أوكرانيا.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "ناشونال إنترست"