إيلاف من بيروت: عالميًا، إذا سألت أي إنسان: "هل تؤيد استخدام سلاح نووي؟"، سيقول "لا". تعكس استطلاعات الرأي العام باستمرار مثل هذه المواقف والأعراف المناهضة للأسلحة النووية. يؤيد مواطنو دول الاتحاد الأوروبي التي تستضيف أسلحة نووية أميركية فرض حظر عالمي على الأسلحة النووية.

يعارض المواطنون الصينيون بشدة استخدام الأسلحة النووية تحت أي ظرف من الظروف، ويعتقد غالبية الأميركيين أن اختراع الأسلحة النووية بحد ذاته كان أمرًا سيئًا. حتى في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، أفاد 85 في المئة من سكان أوروبا الوسطى والشرقية في مارس 2022 أنه لا مواقف تبرر أخلاقياً استخدام الأسلحة النووية. مع ذلك، يمكن هذا النفور من الأسلحة النووية أن يتأكل.

في دراسة تجريبية حديثة أجريتها في إسرائيل، وجدت أنه عند مواجهة أي تهديد لأمنهم، أظهر المشاركون دعمًا كبيرًا للاستخدام النووي. في ضوء ذلك، استكشفت لماذا قد ينحرف الناس عن القواعد المناهضة للأسلحة النووية ويصبحون مستعدين لتأييد ضربة نووية ضد دولة أجنبية. وجدت أنه عندما يتم تذكير المستجيبين بموتهم، فمن المرجح أن يدعموا ضربة نووية. بعبارة أخرى، تشرح الآليات النفسية سبب انتهاك الناس المعايير النووية. يبتعد الأفراد عن مبادئهم الأخلاقية القائمة ويلجأون إلى آلية دفاع عدوانية يرون أنها فعالة في تدمير السبب الجذري للتهديد الوجودي.

دعم إسرائيل لضربة نووية

مرجح أن يكون الدعم الإسرائيلي لضربة نووية انتقامية في سيناريو واقعي أعلى مما هو عليه في الدراسة النظرية: أولًا، لأن النتيجة الرئيسية لدعم استخدام الأسلحة النووية في الدراسة تستند إلى الضربة الأولى التي توجهها إسرائيل. إذا استخدم الخصم الأسلحة النووية أولًا، فإن دعم الضربة الانتقامية للرد يميل إلى أن يكون أعلى من الضربة النووية الأولى.

ثانيًا، يعرف المستجيبون أن الدراسة تستند إلى سيناريو افتراضي. عندما تزداد حقيقة التهديد النووي، تزداد حدة القلق الوجودي وربما الدعم للعنف المتطرف. يمكن أن ينطلق مثل هذا القلق الوجودي في شكل أحداث كارثية أو حالات طوارئ ناجمة عن الإرهابيين أو تغير المناخ أو الصحة العامة.

يمكن القول إن الإسرائيليين فريدون في ميولهم المتطرفة. مع ذلك، أظهرت نتائج الدراسة نفسها التي استطلعت آراء الأميركيين دعمًا مشابهًا للاستخدام النووي في حالة وجود تهديد وجودي. علاوة على ذلك، شملت العينة الإسرائيلية عربًا إسرائيليًا إضافة إلى اليهود (على عكس معظم الدراسات التي تساهم في عزل المجموعة الإثنية باستبعادها من الاقتراع). يميل عرب إسرائيل إلى أن يكونوا أكثر تشاؤمًا بشكل ملحوظ في ما يتعلق باستخدام القوة. لكن مشاركتهم في الاستطلاع لم تقلل من الانفتاح العام على الأسلحة النووية في النتائج.

الرأي العام مهم.. لماذا؟

لماذا يجب أن نشعر بالقلق إزاء الدعم الشعبي للأسلحة النووية في حين تمتلك النخب القوة في السياسة النووية؟

بعد كل شيء، يظهر الجدل الحالي حول قانون الأسلحة في الولايات المتحدة أن الرأي العام ليس له تأثير يذكر على السياسة الفيدرالية. على الرغم من أن أغلبية الأميركيين يدعمون سياسات أقوى للسيطرة على الأسلحة، تم إجراء تغييرات قليلة. لكن المواقف العامة من الأسلحة النووية مهمة لسببين رئيسيين: صعود الشعبوية وصعود القادة الاستبداديين.

أولًا، يمكن القادة والمدافعون عن الحرب استخدام الخوف الوجودي للجمهور لصالحهم من خلال تضخيم التهديدات. على سبيل المثال، أوضح الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف أن التهديدات غير النووية التي تهدد وجود روسيا ستقابل بإطلاق نووي، ما يزيد مستوى التهديد الإجمالي المتصور من قبل المواطنين الروس. كانت روايات التضليل الروسية عن التهديدات الوجودية المزعومة للبلاد والنظام أكثر انتشارًا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ما زاد من مخاوف الجمهور الوجودي.

ثانيًا، قد يكون القادة أكثر ميلًا لاستخدام سلاح نووي إذا اعتقدوا أنهم يحظون بدعم جماهيرهم. إذا كان الكثير من الناخبين يدعمون الأسلحة النووية، فمرجح أن يقوم القائد بعمل عسكري عدواني.

بعد كل شيء، يؤثر الجمهور في رأي النخبة إلى جانب صنع القرار في السياسة النووية. لا يغير الرأي العام بالضرورة أجندة السياسة النووية العامة، لكن يمكن أن يشجع النخب على اتخاذ قرارات أكثر تشددًا.

تشير نتائج الأبحاث الحديثة أيضًا إلى أنه من غير المرجح أن يعمل الجمهور كقوة ضبط قوية على القادة الذين يسعون للحصول على أسلحة نووية. ومن ثم، لا يمكن الجمهور الداعم تشجيع القادة على استخدام سلاح نووي في الدول المسلحة نوويًا فحسب، لكن أيضًا الانتشار في الدول غير النووية.

ضروري توعية الجمهور بواقع الاستخدام النووي. يدعم الناس استخدام الأسلحة النووية لأنهم يعتقدون أن لها فائدة عسكرية مميزة. مع ذلك، غالبًا ما تكون الأسلحة التقليدية بنفس الفعالية في تدمير هدف معاد.

علاوة على ذلك، إذا كان النفور من الأسلحة النووية يمكن أن يتأكل بسهولة، فإن المعرفة العامة بالأسلحة النووية يجب أن تكون أكثر قوة ووثوقاً.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "إنكْستيك" الأميركي